Atwasat

تكييف الهواء موضع نقاش عالمي في ظل موجات الحر الحادة.. راحة فورية وعيوب تضر المناخ

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 02 أغسطس 2023, 08:18 مساء
WTV_Frequency

بات تكييف الهواء موضع نقاش عالمي في ظل موجات الحر التي تتزايد حدتها في مختلف أنحاء العالم، فبينما يُستخدم بصورة شائعة في الولايات المتحدة ويبدي سكان جنوب آسيا رغبة كبيرة في استعماله، يواجه انتقادات في أوروبا.

تبريد الهواء هو أحد حلول التكييف الأكثر انتشاراً في عالم يشهد تفاقماً في الاحترار المناخي، وبات من الضرورات اليومية تقريباً لملايين السكان مع ما يضمنه من بقائهم على قيد الحياة، حسبما نقلت وكالة «فرانس برس» عن خبراء.

التكييفات توفر راحة فورية لكنها تضر المناخ
ومع أن تكييف الهواء يوفر راحة فورية للأشخاص، لكنه يحمل آثاراً وخيمة على المناخ. إذ لتزويد مكيفات الهواء بالكهرباء، تطلق محطات الطاقة كميات إضافية من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب المُرتفعة أصلاً.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، إن تكييف الهواء مسؤول راهناً عن انبعاث نحو مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً من إجمالي 37 ملياراً من الانبعاثات في مختلف أنحاء العالم.

ويعتبر الخبراء أن ثمة إمكانية لوقف هذه الدوامة من خلال تطوير الطاقات المتجددة ومكيفات الهواء الأقل استهلاكاً للطاقة وتقنيات تبريد أخرى.

اقتراحات بعدم استخدام التكييفات إطلاقًا
ويقول المركز المتخصص في التغير المناخي والصحة في جامعة ييل روبرت دابرو، في حديث إلى الوكالة الفرنسية إن البعض من أصحاب الآراء المتطرفة يعتقدون أنه لا ينبغي استخدام مكيفات الهواء مطلقاً، لكن ذلك غير ممكن.

واستخدام مكيفات الهواء ينقذ سنوياً عشرات آلاف الأشخاص من الوفاة بسبب الحر، في رقم آخذ بالارتفاع، على ما يبين تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية شارك دابرو في إعداده.

ويشير عدد من الدراسات إلى أن مخاطر الوفاة المرتبطة بالحر تكون أقل بنسبة 75% تقريباً في المنازل التي تحوي مكيفات هواء.

وفي الولايات المتحدة، حيث 90% من المنازل مُجهّزة بمكيفات هواء، سلطت دراسات أخرى الضوء على دور تكييف الهواء في حماية السكان والتأثير المدمر المحتمل لانقطاع التيار الكهربائي خلال موجة الحر.

%15 نسبة من يمتلكون التكييفات عالميًا
لكن على المستوى العالمي، يحوز 15% فقط من الـ3.5 مليارات شخص الذين يعيشون في مناخات حارة، مكيفات هواء، وفق وكالة الطاقة الدولية.

ويُتوقَّع أن يشهد عدد مكيفات الهواء في العالم (نحو ملياري مكيف في المرحلة الراهنة) ارتفاعاً بصورة كبيرة، في ظل التأثير المزدوج لارتفاع درجات الحرارة والمداخيل، وبخاصة في الصين والهند وإندونيسيا.

وفي الهند، قد تزيد نسبة المنازل المُجهّزة بمكيفات هوائية من 10% إلى 40% بحلول العام 2050، ما يخفّض بشكل كبير تعرّض السكان للحر، على ما تشير دراسة حديثة.

لكنّ الكهرباء الإضافية المطلوبة لتشغيل هذه المكيفات، ستكون معادلة للإنتاج السنوي لبلد كالنروج. وإذا كانت شبكة الهند لا تزال تستخدم المقدار نفسه من الوقود الأحفوري، فذلك يعني زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 120 مليون طن، أي 15% من الانبعاثات المتأتية في قطاع الطاقة في البلاد حالياً.

ولا تتوقف المشاكل التي يتسبب بها تكييف الهواء عند هذا الحد، إذ تستخدم مكيفات الهواء في العادة غازات التبريد (من نوع اتش اف سي) التي عند إطلاقها في الغلاف الجوي، تؤثر على الاحترار أكثر بآلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون.

تسخين الشوارع.. عيب خطير
إلى ذلك، يساهم تكييف الهواء في تعزيز ظاهرة ما يُسمّى تأثير الجزر الحرارية الحضرية من خلال إلقاء الهواء الساخن في الشوارع.

ويتسبب تكييف الهواء كذلك بمشكلة على صعيد المساواة. فبسبب تكلفة المكيفات المرتفعة، لا تتمكن عائلات كثيرة من الحصول عليها. وحتى عند تركيب الجهاز، قد تدفعهم فاتورة الكهرباء إلى الإحجام عن استخدام تكييف الهواء لمصلحة الاحتياجات الأساسية الأخرى.

وتقول الباحثة المتخصصة في هذه المسائل لدى جامعة كافوسكاري في البندقية إنريكا دي تشان إنه في بعض البلدان وبالنسبة إلى بعض الأشخاص الضعيفين ككبار السن أو الحوامل، «ثمة حاجة فعلية لتكييف الهواء، معتبرةً أن دمجها مع حلول تكميلية أخرى مسألة ضرورية».

ويتمثل أحد هذه الحلول في الاستمرار بزيادة حصة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء حتى تصبح الطاقة المُستخدمة في مكيفات الهواء أقل تسبباً بانبعاثات غازات الدفيئة.

ومن الحلول أيضاً، ابتكار وتركيب مكيفات هواء معقولة التكلفة وتستهلك كمية أقل من الطاقة، وهو ما يسعى إليه عدد من الشركات الناشئة. وتدعو وكالة الطاقة الدولية إلى وضع معايير كفاءة أكثر صرامة، وعدم تثبيت درجة حرارة المكيفات عند أقل من 24 درجة مئوية.

التكييفات تستهلك نصف كمية الكهرباء المستخدمة صيفًا
وبالإضافة إلى الانبعاثات، تساهم هذه الحلول في الحد من مخاطر انقطاع التيار الكهربائي المرتبط بالطلب الكبير. وفي الأيام الحارة، قد يشكل تكييف الهواء أكثر من نصف ذروة الاستهلاك.

لكن الخبراء يؤكدون الحاجة المتزامنة للتدابير المرتبطة بالتخطيط المكاني، أي رفع نسبة المساحات الخضراء والمسطحات المائية والأرصفة والأسطح التي تعكس أشعة الشمس، وتحسين مسألة عزل المباني.

ويقول روبرت دابرو: «ينبغي التوصل إلى تبريد الأجواء المحيطة بنا بطريقة مُستدامة أكبر، لأن الأمور ستزداد سوءاً» مع الاحترار المناخي، مؤكداً أن عدداً كبيراً من هذه الحلول ممكن تطبيقه، إذ أن اعتمادها هو مجرد مسألة رغبة سياسية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري الحديث
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري...
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا إلى فلوريدا
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم