Atwasat

الزراعة الدائمة تمد جذورها في تونس المهددة بتغير المناخ

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 28 مايو 2023, 11:15 صباحا
WTV_Frequency

يشير المزارع صابر الزواني في حقله إلى بعض الأعشاب، ويقول «هذه ليست طفيلية، بل هي جزء من تقنيات الزراعة الدائمة، التي يعتمدها، وقد بدأت تنتشر في تونس حيث التحديات المناخية كبيرة».

وعاد «الزواني» منذ سنتين لزراعة أرض العائلة الواقعة وسط غابة في منطقة كاب نيغرو، على بعد نحو 150 كيلومترا من العاصمة التونسية في اتجاه الشمال الغربي.

يتملك هذا المزارع العاطل عن العمل سابقا (37) عاما، هاجس المحافظة بشكل دائم على رطوبة التربة، على الرغم من حرارة الطقس.

لكن يبدو هذا الهدف بعيد المنال بالنظر، خصوصا إلى تداعيات التغير المناخي في البلاد، التي أسهمت في تسجيل جفاف غير مسبوق خصوصا خلال الربيع الفائت.

- مركز أوروبي يرصد حالة الزراعة في ليبيا.. تدني المحاصيل في طرابلس بسبب الجفاف
- نفوق نحو 20 مليون طائر في أوروبا بسبب الزراعة الحديثة واستخدام المبيدات

ففي كل مرة يجمع محصول البصل أو الفجل يقطع عنه أوراقه وجذوره ويغطي بها التربة، لكي يقلّل من تبخر المياه من الأرض ويخصبها في الآن نفسه.

يقوم مفهوم الزراعة الدائمة أو المعمرة، الذي وضعه اثنان من علماء البيئة الأستراليين في السبعينيات، على أساس أن كلّ العناصر الطبيعية مترابطة وتكمل بعضها بعضا.

زرع الزواني الخضروات بالقرب من حوض صغير صنعه بمفرده، لجمع مياه الأمطار، وترعى بقربه ماشيته من ماعز وأبقار وأغنام التي يستخدم روثها كسماد عضوي لتقوية محاصيله.

يوضح الزواني «نحتاج إلى إنشاء تربة حيّة لجذب ديدان الأرض والفطريات وجميع العناصر الغذائية لنباتاتنا وأشجارنا».

يحرص على ري خضرواته بالحد الأدنى من المياه ولا يستخدم إلا بذورا من إنتاج محاصيله الخاصة وطاردات الحشرات الطبيعية.

بفضل هذه التقنية المبتكرة، انخفض استهلاكه من المياه إلى النصف.

«العودة إلى الجذور»
يؤكد الزواني أن الزراعة الدائمة تشكل «العودة إلى جذورنا وإلى الأساليب التقليدية التي كان يستخدمها أجدادنا».

يشير المزارع بيده إلى قطعة أرض غير محروثة تنتشر فيها أكوام من الشتول والسماد العضوي والتربة الخصبة وأوراق أشجار جافة جلبها من الغابة المجاورة.

يكسب هذا المزارع نحو 300 دينار (100 يورو) شهريًا، لكنه يحقق الاكتفاء الذاتي من الطعام له ولعائلته المكونة من والديه المتقاعدين وشقيقه.

ويعتزم في غضون عامين أو ثلاثة أعوام تحصيل «دخل محترم» بفضل «خطة العمل» الخاصة به، والتي ستحول أيضًا مزرعتهم البالغة مساحتها ثلاثة هكتارات وأطلق عليها اسم «أم هنية»، إلى بيت ضيافة ومركز تدريب على  الزراعة الدائمة.

تخرج الزواني من معهد التكنولوجيا الحيوية، وعلى غرار الكثير من الشباب التونسي، عجز عن إيجاد عمل في مجال اختصاصه/ فقرّر الخضوع للتدريب في مجال آخر بعدما فقد وظيفته كنادل بسبب تداعيات وباء «كوفيد-19».

وجد ضالته في «الجمعية التونسية للزراعة المستدامة» التي دربته من دون مقابل وموّلته جزئيا ليتمكن من شراء المعدات الأساسية لمشروعه.

والزواني هو أحد المستفيدين من مشروع «ازرع أرضك» لإنشاء 50 مزرعة صغيرة في تونس في غضون خمس سنوات، منها 30 مزرعة دخلت مرحلة الانتاج.

تقول رئيسة الجمعية ريم المثلوثي، إن الهدف من ذلك هو «الحصول على مئات الهكتارات، وأن نثبت  للسلطات والمزارعين الآخرين أن الزراعة المستدامة هي نظام زراعي مربح وفعّال، ويعيد التنوع البيولوجي، عوض إنهاك الأرض بعمليات الحرث والمواد الكيميائية».

«من المنتج إلى المستهلك»
تمول صناديق سويسرية بهدف دعم التنمية المحلية من خلال تشجيع عودة الشباب إلى استغلال الأراضي الزراعية التي هجرتها أسرهم.

كذلك، تأمل الجمعية المساهمة في «تغيير النموذج التونسي حيث يخسر المزارع المال، لأنه ينفق باستمرار فيما العائدات ضئيلة للغاية، من خلال شراء البذور والأسمدة والمبيدات»، حسب المثلوثي.

يركز نظام الزراعة في تونس على إنتاج القمح والشعير والمحاصيل الأخرى التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، في مقابل انخفاض نصيب الفرد من المياه في البلاد إلى أقل من «عتبة الشح المطلق» (500 متر مكعب) التي حددها البنك الدولي.

وتبين المثلوثي أن «الأزمات، مثل الإجهاد المائي أو الحرب في أوكرانيا التي تزيد من تكلفة الإنتاج هي فرص لتعزيز الحلول، مثل الزراعة الإيكولوجية والزراعة المستدامة».

نظمت الجمعية أسواقا «من المنتج إلى المستهلك» لتقريب المنتجين من المستهلكين عبر عرض منتجات بأسعار مناسبة.

يتجول أولياء الأطفال وسط ساحة المدرسة الفرنسية في محافظة بنزرت (شمال) ويكتشفون بفضول مجموعة من منتجات العسل والأعشاب العطرية الجبلية والخضروات.

يعدّ سالم (44 عاما) الطعام مع أطفاله الثلاثة بما يشتريه كل أسبوع من هذه السوق، ويوضح «هذه منتجات صحية، من المهم أن تعرف ما تأكله، هنا يشرحون لي ما سأفعله وما يجب أن أضعه في الطبق لأتناوله».

تؤكد المدرسة ميساء حداد (49 عامًا) أنها فخورة «بالمشاركة في تعليم الأطفال» الزراعة الدائمة حتى يدركوا أن «هذه الطريقة مفيدة لكوكبنا وأسلوب حياتنا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باحثون يابانيون يبتكرون أداة ذكاء صناعي تتنبأ بموعد استقالة الموظفين
باحثون يابانيون يبتكرون أداة ذكاء صناعي تتنبأ بموعد استقالة ...
ثلث أطفال بريطانيا بين سن الخامسة والسابعة يستخدمون الشبكات التواصل الاجتماعية
ثلث أطفال بريطانيا بين سن الخامسة والسابعة يستخدمون الشبكات ...
أداة ذكاء صناعي تحول صورة ومقطع صوتي إلى «وجه ناطق»
أداة ذكاء صناعي تحول صورة ومقطع صوتي إلى «وجه ناطق»
«إكس» تعارض سحب محتوى عن الاعتداء على الأسقف الأشوري في سيدني
«إكس» تعارض سحب محتوى عن الاعتداء على الأسقف الأشوري في سيدني
الصين سترسل طاقما جديدا إلى محطتها الفضائية غدا
الصين سترسل طاقما جديدا إلى محطتها الفضائية غدا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم