Atwasat

اشكاب والمعيشة والفقر والاقتصاد الليبي

أمين مازن الأحد 11 أغسطس 2024, 11:36 صباحا
أمين مازن

أوكل الصالون الثقافي لحزب «السلام والازدهار» إلى الدكتور عبد الله اشكاب، أحد أساتذة الاقتصاد بجامعة مصراتة، تخصيص محاضرة السبت لما يشهده الواقع الليبي من سوء الأحوال الاقتصادية، وتجليات ذلك من تدنّي القدرة الشرائية للدينار الليبي، بداية من ضروريات الحياة وصولا إلى ما فوق ذلك، الأمر الذي تؤكده عديد الإحصائيات، وما تشير إليه من نِسَبِ الفقر، الذي يوصف غالباً بـ«المدقع»، والدليل على الصحة من عدمها يُستخلص دائماً من مجموعة المؤشرات التي يمكن للمُراجع أن يحدد من خلالها هذا المستوى أو ذاك متسلحاً في أقواله هذه مجتمعة بجملة من الإحصائيات المتفق عليها علمياً، التي لا بد لكل باحث يتوخى الجدية في بحثه والإقناع برأيه من أن يشير إليها بوضوح، ويتبنى ضرورة معالجتها بقوة.

والحق أن كل ما خاض فيه المحاضِرُ من الأشياء الملموسة التي لا تحتاج كبير جهد لتبيانها، فقد طال الغلاء كل شيء بداية من رغيف الخبز إلى السلع المعمّرة، إن صح التعبير، التي تحولت بالنسبة للكثيرين إلى ما يشبه الحلم، فإذا ما حاول الخوض في تحديد الأسباب، وبالذات الفترة الزمنية التي حددها في الأربع عشرة سنة الأخيرة بما شهدته من قفل لتصدير البترول واحتكام للسلاح، ووجود أكثر من حكومة، كانت الشواهد لديه شديدة الوضوح، وتمظهراتها أكثر استفزازاً.

ولا سيما ما حلَّ بالناس جرّاء ارتفاع سعر الصرف الذي آخرت أسبابه الرسوم التي فُرِضَت بموجب اقتراح بنك ليبيا، وموافقة مجلس النواب، إلى جانب الانقسام الذي ابتليت به البلاد، والنتائج كما يعلم كل منصف عدم قبول الذين خسروا الانتخابات النيابية، فأصروا على تحديد مواعيد وأمكنة تسليم السلطة، بينما رأى الطرف المقابل ما يُنذر بما لا يطمئن، فوظّفه للشروع في الانفراد، لتكون النتيجة قسمة المجالس وبقية المواقع.

ونبقى في محاضرتنا فنقدِّر للذين تناولوا المحاضرة بالتعليقات والأسئلة التي جاءت مجتمعة في لغة بنّاءة ومكاشفة مُشرِّفة، تُحفِّزُ على الإسهام ما لم تحدث بعض المستجدات التي تفرض المغادرة، كما حدث بالنسبة لي شخصياً، فتعين أن أُعيد ما سبق أن قلت بأن أول مظاهر التصرف غير السليم، إن لم نقل الأسوأ في الأمور المالية، عندما بدأ الذين حصدوا زرع انتصار فبراير، فسارعوا بتعويض ضحايا العهد الزائل بما قُدِّرَ لهم من المال دون إجراء المصالحة الوطنية.

كما قرروا مكافأة المؤتمر الوطني ومن في حكمه بمبالغ فلكية، لينعكس ذلك كله على ارتفاع أسعار العقارات والعملات القابلة للتحويل، وكذلك ما يُخصص لأصحاب المناصب من وسائل النقل، سواء من حيث أسعارها أو من حيث شراؤها عن طريق الوكلاء، دونما التزام بالمناقصات المنصوص عليها في اللوائح السارية، فكان في ذلك كله ما تسبب في التضخم من ناحية واختفاء العدالة من ناحية أخرى، فأدّى ذلك وغيره كثير إلى ما أفقد زوال النظام السابق وتجاوزاته مما كنت اعتزم الإشارة إليه، فتعين التذكير به، مع تحية الدكتور اشكاب على جهده، والحزب على التزامه بلقائه الأسبوعي أفضل الالتزام.

مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي «بوابة الوسط»