تشهد إنجلترا خلال شهر أبريل من كل عام مهرجاناً على قدر كبير من الفرادة، وهو عبارة عن مسابقة لمربّى البرتقال، التي تهتم لجنة التحكيم فيها بكل التفاصيل، من اللون إلى الوعاء، مروراً بنكهة هذا النوع «البريطاني جداً» من الفواكه المعقودة بالسكّر. 

وتحت أنظار عاشق مربّى البرتقال دبدوب بادينغتون، بالحجم الطبيعي، يقام المهرجان في قصر بُنيَ قبل قرون في منطقة البحيرات الإنجليزية (ليك ديستريكت)، التي أدرجتها «يونسكو» العام 2017 في قائمة مواقع التراث العالمي، وفقا لوكالة «فرانس برس».

اصطفت أوعية المربّى داخل القصر تحت صور أسلاف العائلة التي تملكه، والتي فازت في مسابقة «دالمين العالمية لمربّى البرتقال».

ويعطي أعضاء لجنة التحكيم الذين يختارون الفائزين ملاحظات في غاية الدقة، فهذه المربّى في نظرهم «ذو لون جميل»، وذاك الوعاء «يجب أن يكون ممتلئاً»، وذاك «ممتاز، لكنه عَكِر قليلاً». 

- مهرجان التراشق بالطماطم «لا توماتينا» يعود إلى إسبانيا
- أول مهرجان أفريقي لفن الطهو
- بالصور: انطلاق مهرجان التذوق بنسخته الثانية في بنغازي

في شهري يناير وفبراير من كل عام، عندما يصل البرتقال المرّ من مدينة إشبيلية الإسبانية، ينكبّ عشّاق مربّى البرتقال على العمل في مطابخهم، لتقطيعه ونزع لبّه وغليه، وما هي إلاّ بضعة أسابيع، حتى تسلك أوعية هذه المربى، التي يمتزج مذاقها المرّ بالحلاوة اللذيذة، طريقها إلى قصر دالمين في بنريث. وقد ترشّحَ منها للمسابقة هذه السنة نحو ثلاثة آلاف.

ويعكس عدد المشاركين التطور الكبير خلال نحو عشرين عاماً لهذه المسابقة، التي أطلقتها ربّة القصر في دالمين العام 2005، إذ لم يكن عدد المتنافسين في بدايتها يتعدّى الستيّن، وكانت تقتصر على أوعية من إنتاج المنطقة.

الساندويتش المفضل 
أما اليوم فذاعت شهرة المسابقة خارج حدود المملكة المتحدة، فمن بين المشاركين في هذه الدورة مثلاً دار للأيتام في تايوان بفئة الأطفال، ونزيلات في سجون أميركية، ومن بين الحضور هذه السنة في قصر دالمين السفيران الياباني والأسترالي لدى المملكة المتحدة.

يذكر أن عائلة كيلر في مدينة داندي الإسكتلندية تعدّ أول من بدأ في أواخر القرن الثامن عشر ببيع مربى البرتقال كما نعرفها اليوم، التي تُصنع بغَلْيِ عصير هذه الحمضيات مع السكّر والماء، إلى أن أصبحت مربّى البرتقال عنصراً أساسياً على موائد الفطور في المملكة المتحدة، حيث تضاف بسخاء على الخبز المحمص المدهون بالزبدة.

وحظيت مربّى البرتقال بأفضل دعاية عندما ظهرت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية العام 2022 في مقطع فيديو مع الدبدوب الشهير، وتحدثا خلاله بسعادة عن شغفهما المشترك بهذه المربّى. كذلك شكّل التوجّه إلى إعداد المربّيات منزلياً بدلاً من شراء المصنّعة منها عاملاً انعكس إيجابياً على مربّى البرتقال.

ولاحظت كارولين هودج، وهي من الفائزين في المسابقة، أن الأنواع المصنّعة باتت شديدة الحلاوة، مما أفقد مربّى البرتقال نكهتها الأصلية، وهذا ما دفعها إلى الإقلال من كمية السكر في الوصفة، وأضافت إليها الزنجبيل والكركم، وتشكيلة واسعة من التوابل. وقالت إنها تأثرت عاطفياً بمشاركتها وفوزها، لأن عمّتها «لم تعد موجودة».

سجناء يشاركون ويفوزون بـ«الفضية»
أما جيمس ستودارت، الذي يعمل في مجال إعادة تأهيل السجناء في شمال شرق إنجلترا، فأشار إلى أن فريقه فاز «بالميدالية الفضية»، حيث حرص اثنان من السجناء على المشاركة، واستمدّا رغبتهما في ذلك من ابنة أحدهما، وهي من محبّي بادينغتون، مع أن ايّاً منهما لم يكن يجيد، حتى وقت قريب، إعداد مربّى البرتقال.

وقال: «لا يُسمح لنا بالاحتفاظ بأي أدوات زجاجية في السجن. لذلك خضنا معركة كي نتمكن من الحصول على أوعية، وتحقيق مرادنا، وتمكنا في نهاية المطاف من صنع 12 وعاءً».

وحصل الفائز الأكبر في نسخة 2024، ستفين سنيد، على الشرف الأعلى المتمثل في بيع مربى البرتقال التي يعدّها لمدة عام في متاجر «فورتنوم أند ميسن» الفاخرة.

وفاز هذا المحاسب البالغ 52 عاماً بالمسابقة عن نكهتين مختلفتين، إذ مزج البرتقال والليمون الحامض الأخضر والفلفل الحار في وعاء. وفي الآخر، جمع بين الليمون الحامض الأخضر وكريمة الكاكاو.