Atwasat

طريق "الإخوان" إلى الدستور والانتخابات بين أزمة مع الشارع وصدام مع الخصوم

طرابلس – "بوابة الوسط" الأحد 16 مارس 2014, 04:28 مساء
WTV_Frequency

أعاد حديث رئيس الحكومة الليبية المقال على زيدان، عن موقع جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي الليبي الحالي، تسليط الضوء على دور هذه الجماعة في العملية السياسية منذ ظهورها العلني في البلاد فور سقوط نظام القذافي، ضمن الحالة العامة التي أنتجها ما سمي بالربيع العربي في المنطقة.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن تصويت المؤتمر الوطني العام على سحب الثقة من حكومة زيدان، ومغادرة الأخير البلاد هو انتصار للإخوان المسلمين، الذين عملوا بوسائل شتى لإسقاط حكومة زيدان، وبالتالي لا بدّ من أن يعتبر الإخوان هذا "الإنجاز" عنصر قوة يدفعهم للمضي في معركتهم من أجل تسلّم السلطة، كجزء من المعركة الكبرى التي يخوضها التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في كل من الجارتين مصر وتونس.

وجدت الجماعة نفسها بعد نصف قرن تقريبًا تخوض ولأول مرة معركة الوصول إلى قمة السلطة، قفزًا فوق كل المراحل، إذ وجدت إنجاز شقيقاتها في كل من مصر وتونس باعتلائها كرسي السلطة دافعًا قويًا للحذو حذوها

وجدت الجماعة نفسها بعد نصف قرن تقريبًا تخوض ولأول مرة معركة الوصول إلى قمة السلطة، قفزًا فوق كل المراحل، إذ وجدت إنجاز شقيقاتها في كل من مصر وتونس باعتلائها كرسي السلطة دافعًا قويًا للحذو حذوها، كما كان واضحًا في خوض انتخابات المؤتمر الوطني العام في يوليو 2012، إلا أن نتائج تلك الانتخابات أثبتت حتى للجماعة نفسها أنها بالغت في قياس شعبيتها في الشارع الليبي، وأنها لم تقرأ هذا الشارع جيدًا، وكان اكتساح "الليبراليين" ممثلاً في تحالف القوى الوطنية تلك الانتخابات صدمة لجماعة الإخوان المسلمين، ومنطلقًا لإعادة قراءة مزاج الشارع، والمضي إلى الأمام في اتجاه المزاحمة على السلطة.

أزمة العلاقة مع الشارع
لم يخف الإخوان المسلمون إحساسهم بـ"أزمة" في علاقتهم بالشارع الليبي، في ظل عدم قدرتهم حتى الآن في إقناع الشارع قبل النخبة على رفع اللبس القائم في مسألة الربط بين الجماعة كحركة دعوية إصلاحية، كما تردد قياداتها، وكونها في الوقت نفسه حزبًا سياسيًّا يصر على دخول معترك الصراع على السلطة، على الرغم من محاولة هذه القيادات في كل مناسبة التنصل من تبعية حزب "العدالة والبناء" للجماعة، والقول إنه جسم سياسي ينضوي تحته كوادر إخوانية وآخرون لا ينتمون للإخوان، لكنها تنفي أن الحزب هو الذراع السياسية للجماعة، وما يزيد من تعقيد هذه الأزمة هو أن الثقافة السائدة في الشارع الليبي تضع جلّ الحركات الإسلامية، بما فيها المتطرف منها تحت تصنيف الإخوان المسلمين.

شبهة سياسية
يأخذ خصوم جماعة الإخوان في ليبيا على الجماعة موقفها "المشبوه" في نظرهم مما سمي بمشروع "ليبيا الغد"، الذي طرحه سيف القذافي، واعتبره كثير برنامجه السياسي لخلافة أبيه في الحكم، وألقى هذا الموقف بظله على الوضع السياسي الراهن للجماعة، ما اضطرّ قيادات الجماعة للدفاع عن نفسها وتبرير موقفها ذاك، بأنه ينطلق من تكوينها كحركة تدعو إلى الإصلاح ولها شروطها لتحقيق هذا الإصلاح.

يقول السيد عماد البناني المسؤول السياسي في الجماعة، إن موقف الإخوان الليبيين من ذلك المشروع انطلق من صميم توجهها كحركة تدعو إلى الإصلاح، وجاء حينها بعد قراءة للحالة المحلية والدولية التي أجبرت نظام القذافي على فتح ملف الإصلاح، وإنها حاولت أن تتعاطى مع الأمر بفرض شروطها الإصلاحية، ونفى البناني أن تكون الجماعة شاركت فعليًا في ذلك المشروع، داعيًا إلى مراجعة البيان الذي أصدرته الجماعة في هذا الشأن العام 2006.

أسئلة أمام الجماعة
وفي ظل استشعار جماعة الإخوان المسلمين وجود أزمة في علاقتها مع الشارع، فيما تقف البلاد على أبواب استحقاقات مهمة تبدأ من الدستور، ثم الانتخابات التشريعية، تعقبها انتخابات الرئاسة، حيث تسعى الجماعة إلى استدراك الموقف بعد تجربة انتخابات المؤتمر الوطني، وفك اللبس والفصل بين كونها حركة إسلامية دعوية وسطية إصلاحية كما تطرح نفسها، وفي الوقت نفسه هي -شاءت أم رفضت- حزب سياسي هو حزب العدالة والبناء، وتجد نفسها أمام كثير من الأسئلة الكبيرة التي لا بد من أن تجيب عنها بما يقنع الآخرين ويقنعها هي أيضًا، أولها: هل "العدالة والبناء" ليس حزب جماعة الإخوان المسلمين، أو لنقل ذراعها السياسية، أو مشروعها السياسي للوصول إلى السلطة شأنه شأن أي حزب سياسي؟

ثانيها: كيف يمكن الفصل بين الجسمين، وبين مهمة الجماعة الدعوية ومهمة الحزب السياسية؟ وهل يمكن النظر إلى الحالة الليبية بمعزل عن حالتي تونس ومصر، وبمعزل عن الذاكرة الجمعية التي تختزن صورة نمطية لجماعة الإخوان المسلمين، وبمعزل أيضًا وهو مهم عن تربص الخصوم السياسيين لما يعتبرونه نقاط الضعف في نهج هذه الجماعة؟

إذا كانت الجماعة تطرح نفسها كحركة إسلامية دعوية، فهي مطالبة بتوضيح ماهية هذه الدعوة في مجتمع مسلم محافظ يطلق عليه "بلد المليون حافظ" لكتاب الله

ثالثها: إذا كانت الجماعة تطرح نفسها كحركة إسلامية دعوية، فهي مطالبة بالتوضيح للناس، وبإقناع الجميع بماهية هذه الدعوة في مجتمع مسلم محافظ يطلق عليه "بلد المليون حافظ" لكتاب الله؟ وكيف أنها ليست حركة سياسية تستند إلى تاريخ سياسي طويل، ولم تترك فرصة الوصول إلى السلطة تفوت حين حانت الفرصة في تجربة مصر مثلاً؟

ويرى متابعون أن جماعة الإخوان المسلمين التي تعتمد في قوتها على أساس وجودها ونشاطها الاجتماعي، عادت إلى ليبيا بعد أربعة عقود من الانفصال عن المجتمع، لتجد نفسها على الفور في أتون معترك سياسي كي تثبت نفسها كلاعب رئيس في المشهد السياسي، دخلت في سياقه انتخابات المؤتمر الوطني، ثم وجدت نفسها تصارع لتكون فريقًا مؤثرًا داخل المؤتمر، وهي لا شك تعد الآن وتحشد لخوض استحقاقات قادمة من الدستور إلى الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، وكل ذلك يفوت عليها الوقت لتطرح نفسها كحركة اجتماعية لها نشاط ووجود داخل المجتمع بعيدًا عن معطى السياسة والسلطة.

دور السلاح
تُتَهم جماعة الإخوان المسلمين من قبل خصومها بعلاقتها الوثيقة مع كتائب مسلحة مؤدلجة في البلاد، ولا تتوانى عن استخدامها كعنصر ضغط على خصومها السياسيين دون الاعتراف بذلك صراحة، وفي هذا السياق تأتي الإشارة إلى دورها في فرض قانون العزل السياسي، الذي يؤكد هؤلاء بأن ضغط السلاح أسهم إلى حد كبير في فرضه على المؤتمر، إلى جانب حوادث محاصرة بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، وصولاً إلى اختطاف رئيس الحكومة الموقتة على زيدان، وهو ما أعلنه عبر وسائل الإعلام في أكثر من مناسبة.

ولم تخل حالة التوتر القائم الآن بين الكتائب المسلحة في العاصمة طرابلس من إشارة إلى موقع للإخوان المسلمين في هذه الحالة، إذ يرى الطرف المقابل أن الإخوان يحاولون استثمار ما يرونه انتصارًا سياسيًّا بإسقاط حكومة زيدان، لفرض وضع أكثر قوة وتأثيرًا على الأرض يمكنها من المضي نحو استحقاقي الدستور والانتخابات.

طريق "الإخوان" إلى الدستور والانتخابات بين أزمة مع الشارع وصدام مع الخصوم

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أعضاء بـ«تنسيقية الأحزاب الليبية» يلتقون وفدا أمميا في نيويورك
أعضاء بـ«تنسيقية الأحزاب الليبية» يلتقون وفدا أمميا في نيويورك
«نيوزويك»: مخاوف من فوضى عارمة بعد نشر 1800 جندي روسي في ليبيا
«نيوزويك»: مخاوف من فوضى عارمة بعد نشر 1800 جندي روسي في ليبيا
ضبط شاحنة تحوي أسماكا فاسدة في طرابلس
ضبط شاحنة تحوي أسماكا فاسدة في طرابلس
إرجاع الكهرباء إلى منطقة المرقب
إرجاع الكهرباء إلى منطقة المرقب
حالة الطقس في ليبيا (السبت 11 مايو 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 11 مايو 2024)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم