رأى مركز «صوفان» المعني بدراسات التطرف والإرهاب أن الأزمة الأخيرة المثارة حول إدارة مصرف ليبيا المركزي تبرز التحديات الضخمة التي تواجهها العملية الدبلوماسية في ليبيا والتي تقف عقبة أمام محاولات الحل.
وقدر مراقبون، حسب تقرير نشره المركز أمس الثلاثاء، أن الاضطرابات في ليبيا ربما كانت لتؤثر على الأسعار بشكل أكبر لو كانت سوق النفط العالمية تمر بفترة من القيود الأكبر على العرض.
كما أشار التقرير إلى «تكهنات بأن موسكو حثت حليفها المشير خليفة حفتر عمدًا على اتخاذ إجراءات لرفع أسعار الطاقة العالمية، في محاولة لإلحاق الضرر بالغرب اقتصاديًا ردًا على دعم أوكرانيا».
غير أن المركز الدولي رأى أنه «سواء كانت روسيا تحرض على الاضطرابات في ليبيا أم لا، فإن تصعيد التوترات في ليبيا أظهر قدرة الجهات الفاعلة غير الحكومية في النزاعات السياسية على اتخاذ إجراءات من المحتمل أن تترك تأثيرًا ضخمًا يتجاوز حدودها».
فشل الدبلوماسية الدولية في توحيد ليبيا
ولفت التقرير إلى فشل الدبلوماسية الإقليمية والدولية على مدار خمس سنوات لتوحيد البلاد المنقسمة بين حكومتين في الشرق والغرب، عملت كل منهما على تعزيز قبضتها على مناطق ومؤسسات حكومية خلال السنوات الماضية.
وشجع الفشل في بناء هيكل سياسي وأمني موحد قوى إقليمية ودولية لتوثيق علاقاتها مع التشكيلات والفصائل المتنافسة في ليبيا، في محاولة للدفع بأجندتها الخاصة، وليس مصلحة الشعب الليبي.
وإضافة إلى ذلك، لم يسهم توفير الأسلحة المتطورة للفصائل المتحاربة، ولا سيما الطائرات المسيَّرة المسلحة، فحسب إلى تأجيج حرب مميتة بين تلك الفصائل، بل ويزيد أيضًا من إمكانية تدخل التشكيلات المسلحة الليبية خارج البلاد، أو تهديد التجارة الإقليمية.
- في ختام مشاورات جنزور.. «النواب» و«الدولة» يطلبان مهلة إضافية لاستكمال مشاورات «المركزي»
- الكبير لـ«المونيتور»: سأظل في الخارج حتى حل أزمة «المركزي»
- مصادر لـ«بوابة الوسط»: مقترحان بشأن تكليف محافظ جديد لـ«المركزي»
تشاؤم أممي من إمكانية التوصل إلى حل
وأشار التقرير إلى تشاؤم متنامٍ يخيم على وسطاء الأمم المتحدة بشأن احتمالات التوصل إلى حل في ليبيا، وقال: «على مدى عدة سنوات، سعى وسطاء الأمم المتحدة إلى التوسط للاتفاق على خارطة طريق لتوحيد الحكومتين المتنافستين في حكومة موحدة وإجراء انتخابات وطنية».
ومع ذلك، أضاف التقرير: «في انعكاس لجمود العملية الدبلوماسية، قالت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري، أمام مجلس الأمن إن غياب محادثات سياسية متجددة تؤدي إلى حكومة موحدة وانتخابات يعني عدم استقرار مالي وأمني أكبر، وانقسامات سياسية وإقليمية راسخة، وعدم استقرار محلي وإقليمي أكبر».
ليبيا تتحول إلى ساحة منافسة إقليمية
ونتيجة الانقسامات السياسية، أشار تقرير مركز «صوفان» إلى تحول ليبيا إلى «ساحة منافسة بالوكالة بين الجهات الفاعلة الإقليمية التي تحاول دفع أجندات متباينة لتقويض منافسيها».
وقال: «دعمت مصر والإمارات المشير حفتر جزئيًا بسبب أيديولوجيته التي تعارض اعتماد حكومة طرابلس على تشكيلات مسلحة المرتبطة بحركة الإخوان المسلمين. وعلى النقيض، انخرطت تركيا في حركات إقليمية متعددة، وتنظر إلى حفتر باعتباره شخصية يمينية مكرسة للحد من نفوذ أنقرة الإقليمي».
وأضاف: «ومن جانبها، ترى روسيا أن سيطرة حفتر على معظم حقول النفط هي أداة في المنافسة العالمية لموسكو مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين، الداعمين جميعًا أوكرانيا».
الاستيلاء على موارد الدولة لهزيمة المنافسين
وعلى الصعيد المحلي، قال التقرير إن «المشير حفتر ومنافسيه في طرابلس سعوا جميعًا للاستيلاء على موارد الدولة كوسيلة للتغلب على بعضهم البعض استراتيجيًا».
واشتعل النزاع بين الطرفين من جديد في السادس والعشرين من أغسطس الماضي، عندما حاول وفد حكومي من طرابلس الاستيلاء على مكاتب مصرف ليبيا المركزي. وبالنظر إلى أهمية المصرف وتحكمه في 95% من عائدات الدولة، فإن من يسيطر علىه والمؤسسات الأخرى التي تشرف عليه يمكنه السيطرة بشكل شبه كامل على الاقتصاد.
ومع إعلان المجلس الرئاسي إقالة المحافظ الصديق الكبير وتعيين مجلس إدارة جديد، ورفض الأخير التنحي عن منصبه، وكذلك رفض مجلس النواب قرارات «الرئاسي»، أعلنت الحكومة في الشرق برئاسة أسامة حماد وقف الإنتاج النفطي، وهو ما أفضى إلى حشد التشكيلات المسلحة على الجانبين، دون اندلاع أي اشتباكات مسلحة حتى الآن.
تعليقات