Atwasat

جريدة «الوسط»: قطاع النفط الليبي على صفيح ساخن

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 29 مارس 2024, 09:13 صباحا
WTV_Frequency

علتان تتحكمان في المشهد الليبي القائم، الأولى تصفية الحسابات الشخصية، والثانية ترتبط بها بالضرورة وهي فرض الأمر الواقع، وهو ما يتجلى في الصراع بين أطراف الأزمة على مكامن السلطة والمال، ما أدى إلى عرقلة أي مسعى سياسي لحل أزمة البلاد، في موازاة ذلك كان لا بد لمنبع المال الرئيسي–النفط–أن تطاله هاتان العلتان، ولعل آخر مظاهر ذلك عكسه قرار إبعاد وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» محمد عون عن منصبه، في وقت تستمر المناكفات بشأن فرض رسوم ضريبية على بيع النقد الأجنبي، وكل ذلك عزز الاعتقاد بإسقاط ملف الانتخابات من قائمة أولويات الأطراف المعنية بالعملية السياسية، وإن صرحوا بغير ذلك، ويسري الأمر نفسه على مشروع المصالحة الوطنية الذي كان من المخطط له الانعقاد بعد أسابيع قليلة في مدينة سرت. 

وخلال الأسابيع الأخيرة لم يعد الصراع خافياً على الاستحواذ على القرار، ومكاسب سوق النفط (قوت الشعب) وكواليسها، ودهاليزها، لتصيب العلتان هذا القطاع مصدر الرزق الرئيسي (95 %) من مداخيل الاقتصاد الوطني.

قرار الرقابة الإدارية إيقاف عون
وبدأت أعراض العلتين تظهر في المساجلات التي لم تتوقف بين وزير النفط ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أحياناً حول صلاحيات الطرفين، وأخرى في ملابسات إرساء العقود وعقد الصفقات، وصولاً إلى قرار هيئة الرقابة الإدارية قبل أيام بإيقاف الوزير محمد عون عن العمل موقتاً لأسباب متعلقة بـ«مخالفات قانونية» وفق القرار، دون كشف مزيد التفاصيل.

- للاطلاع على العدد 436 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

يأتي القرار على خلفية لا بد من الإشارة إليها وهي حالة الفتور التي اتسمت بها العلاقة بين عون ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة منذ اعتراض الأول المتكرر على صفقات مع إيطاليا وتركيا وأخيراً الإمارات العربية المتحدة، ومع أن وزير النفط لا يتمتع بصلاحيات واسعة بسبب حصرية توقيع الصفقات للمؤسسة الوطنية للنفط أو رئاسة الحكومة، إلا أن تدخلات الوزير التي يعتبرها من صميم مهامه عمقت حدة صراع المصالح في سوق النفط وآليات تسويقه بما يتسم بالأهمية والحساسية.

بلاغ ضد بن قدارة بتهمة حمل جنسية أخرى
وفي سياق ردود الفعل على هذه التطورات أعلنت «كتلة التوافق الوطني» بالمجلس الأعلى للدولة، الأربعاء، تقديمها بلاغاً للنائب العام ضد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة تتهمه بحمل جنسية دولة أخرى، ما «يفقده الجنسية الليبية»، مطالبة بالتحقيق في «تضارب مصالح، وشبهات فساد» تتعلق بعقود النفط التي جرى توقيعها خلال السنوات الماضية.

وفي الآونة الأخيرة عارضت عدة أطراف بنود الاتفاقية المحتملة لتطوير القطعة (NC97) بحقل الحمادة النفطي التي كانت المؤسسة الوطنية للنفط تعتزم التوقيع عليها مع ائتلاف شركات «إيني» الإيطالية و«توتال إينرجيز» الفرنسية و«أدنوك» الإماراتية وشركة الطاقة التركية، وجرى وقف مفاوضاتها بموجب أمر قضائي صدر في ديسمبر 2023.

قبل ذلك كشف خطاب من بن قدارة إلى الدبيبة–اطلعت «الوسط» على نسخة منه–طلب فيه الأول الموافقة على عرض تقدم به الشريك الإماراتي في شركة «ليركو» المشغلة لمصفاة رأس لانوف ببيع حصتها لطرف ثالث لم تحدده، وأنه يفضل البيع للطرف الثالث بدعوى أن ذلك في صالح المؤسسة والدولة الليبية، رغم أن الشريك الإماراتي خسر أربع دعاوى تحكيم انتهت جميعها لصالح الدولة الليبية، كان آخرها حكم محكمة باريس العليا الذي قضى برفض جميع مطالبه بالتعويض وتأكيد حكم هيئة التحكيم الصادر في يناير 2018، وحكم محكمة استئناف باريس في فبراير 2011 بقضية «ليركو» رقم 1، ما فسر بأنه قد يكون خطوة استباقية لحكم محكمة باريس العليا النهائي المتوقع نهاية أبريل المقبل، لتجنيب المجموعة الإماراتية الحكم الخامس المتوقع أن يصدر لصالح الدولة الليبية وتبعاته.

غموض حول الطرف المجهول في صفقة مصفاة رأس لانوف
كما أثار الخطاب التساؤل والشكوك بشأن الطرف «المجهول» الذي لم يحدده الجانب الإماراتي، ولا بن قدارة، والذي في حالة الاستجابة لخطاب بن قدارة سيتمكن من وضع اليد على مصفاة رأس لانوف، وما أثار مزيد الشكوك هو أن الخطاب قال إن هذا الشريك لم تفصح عنه مجموعة الغرير، بينما تحدث مصدر بالمؤسسة الوطنية للنفط في تصريح صحفي–لم تنفه المؤسسة–عن «التفكير في عرض حصة الشريك الأجنبي للاستثمار المحلي من القطاع الخاص»، ما أثار التساؤل عن هوية المعني بالقطاع الخاص، وهو إن حدث فسيكون سابقة في مجال تملك وإدارة قطاع النفط في ليبيا الذي تحتكره الدولة منذ تأميمه قبل نصف القرن.

ولم يتأخر الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله عن الدخول على خط ما يجري داخل القطاع وهو الذي واكب وتابع عن كثب ـ بحكم موقعه السابق ـ مجريات محكمة باريس، فتساءل في بيان بالخصوص عن هوية الطرف الثالث المجهول الذي ينوي الشريك الإماراتي بيع حصته له قائلاً: «إما أن تكون المؤسسة تعلم من هي الجهة المجهولة ولم تفصح عنه، أو أنها مجهولة بالفعل لدى المؤسسة، ورغم ذلك تطلب موافقة رئيس الحكومة».

صنع الله ينتقد الصفقة
وانتقد صنع الله الصفقة المزعومة، مؤكدًا أن «اللوائح والقوانين الليبية تنص على شروط معينة للمشاركة والبيع ليس من بينها البيع لجهة مجهولة، فما بالك والمباع هنا هو أكبر مصفاة في ليبيا تشكل تلثي الطاقة التكريرية وتتحكم في 80 مليون برميل سنوياً من النفط الليبي؟».

- للاطلاع على العدد 436 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وأشار إلى ما عانته ليبيا «من نزاعات وخسائر بسبب الشريك الإماراتي الحالي، فما بالك بشريك مجهول يأتي من طرف الشريك المخالف نفسه؟»، حسب منشور عبر صفحته على «فيسبوك».

إزاء هذه التطورات لا يرى مراقبون أن الأمر سيقف عند هذا الحد؛ بل ستكون له امتدادات خلال الفترة القادمة، خاصة إذا ما جرى الكشف عن هوية الشريك الثالث «المجهول» الذي سيشتري حصة المجموعة الإماراتية ويستحوذ على مصفاة رأس لانوف، في انتظار الحكم الذي ستحسم به محكمة باريس في قضية مجموعة الغرير أو شركة «ليركو» الإماراتية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي في ليبيا
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز ...
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم