Atwasat

جريدة «الوسط»: تخوفات من تصعيد التلاسن بشأن الإنفاق

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 08 مارس 2024, 08:46 صباحا
WTV_Frequency

مع اقتراب شهر رمضان تصاعدت، كما هو متوقع في هذه الأيام من كل عام، ظاهرة ارتفاع تكلفة المعيشة، ترافقاً مع مزيد الانهيار لقيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، ونقص السيولة في المصارف، في ظل صراع يكاد يعلن صراحة بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، فيما تزايدت الضغوط الداخلية والخارجية تجاه تشكيل حكومة تصريف أعمال والإعداد للانتخابات.

وفي إيحاءات غير مباشرة لوّح المصرف المركزي إلى الليبيين بأن «سنوات عجافاً» في انتظارهم، بتقديمه توقعات سلبية تفيد بارتفاع العجز المالي إلى 12 مليار دولار خلال العام 2024 مع نوايا فرض ضريبة على النقد الأجنبي، في مؤشرات ترفع من مستوى تضرر القدرة الشرائية للأسر نتيجة الزيادات في أسعار المواد الغذائية الأساسية التي كانت تحظى بالدعم في السابق، وأصبحت الآن مرتبطة بسعر الدولار في السوق السوداء. في وقت تشهد عملية دفع الدولة لمعاشات التقاعد ولرواتب 2.3 مليون موظف حكومي تأخيرات.

وانخفضت قيمة الدينار الذي يجرى تداوله رسمياً بسعر 4.8 مقابل الدولار الأميركي، ليتراجع في السوق الموازية من نحو 5 دنانير مقابل الدولار إلى 7.5 دينار حالياً.

معركة «كسر العظام» بين الدبيبة والكبير
وضمن هذه الخلفية تتصاعد معركة أقرب ما يمكن أن تسمى بمعركة «كسر العظام» بين الدبيبة والصديق الكبير لتزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في ليبيا، وفي هذا السياق وجه الكبير سهامه إلى الدبيبة بالدعوة إلى فتح تحقيقات ومحاسبة حكومة الأخير على ثغرات مالية، فيما طالب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد الجهات القضائية والمحاسبية والرقابية بالإسراع لوضع ما تضمنه كتاب محافظ مصرف ليبيا المركزي الموجه إلى رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» الذي تحدث فيه عن أسباب ارتفاع سعر النقد الأجنبي.

ولفت بيان باسم حكومة حماد إلى ضرورة الكشف عن ماهية الجهة التي تتولى «الإنفاق مجهول المصدر» الذي تحدث عنه الكبير في خطابه. واتهم حماد حكومة الدبيبة بتسببها في تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وارتفاع أسعار النقد الأجنبي مقابل العملة المحلية.

وصعّد محافظ مصرف ليبيا المركزي برسالة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح طلب فيها إقرار ميزانية موحدة، وتوحيد الإنفاق العام، ومعالجة «الإنفاق الموازي مجهول المصدر»، كما طلب الكبير فرض رسوم بنسبة 27 % على سعر الصرف الرسمي لجميع الأغراض باستثناء القطاعات الممولة من الخزانة العامة، الأمر الذي يعني خفض قيمة الدينار، وسيصبح سعر الصرف الجديد بناء على ذلك متراوحاً بين 5.95 و6.15 دينار للدولار، وتوقع الكبير أن الرسوم سوف تدر إيرادات بنحو 12 مليار دولار في عملية تساعد على سداد الدين العام وتمويل مشاريع التنمية.

- للاطلاع على العدد 433 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

الدبيبة يدافع عن نفسه
وعبر خطابات موجهة من وإلى الطرفين تبادل الصديق الكبير والدبيبة ضربات تحت الحزام؛ إذ أبدى الأول عدم رضاه من زيادة الإنفاق الحكومي الذي وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 420 مليار دينار، معبراً عن استغرابه من رغبة الطرف الثاني أن يكون سعر صرف الدينار بواقع 1.3 مقابل الدولار الواحد.

لكن الأخير دافع خلال اجتماع حكومته، الثلاثاء، بالعاصمة طرابلس عن نفسه بتأكيد أن نفقات الحكومة من الإيرادات المخصصة خلال 3 سنوات بلغت 15 مليار دولار شملت إعادة بعث مشاريع تنموية، وقال في إشارة إلى ملاحظات محافظ المصرف المركزي «يكذبون عليكم ويقولون إننا صرفنا 400 مليار، ووزارة المالية ستنظم ندوة لتوضح الحقيقة»، واصفاً ترديد الحديث عن إفلاس وشيك للدولة بأنها «شائعات، وافتراءات باطلة، هدفها الإبقاء على الوضع الراهن ومحاربة مشروعات التنمية والإعمار».

وفي السياق نفسه طالب 34 عضواً في مجلس النواب بإعادة تعيين مجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي، مع إمكانية التوافق مع مجلس الدولة حول منصب المحافظ، وتشكيل فريق من الخبراء الليبيين لدراسة الأزمة المالية، بالإضافة إلى التحقيق في مزاعم وجود إنفاق موازٍ مجهول المصدر. وحمّل الأعضاء المسؤولية الكاملة لمحافظ المصرف المركزي فيما آل إليه الوضع الاقتصادي في البلاد بصفته المسؤول عن إدارة السياسة النقدية بالتنسيق مع السياسة المالية والتجارية ووفقاً للسياسة العامة للدولة، معتبرين أنه «مشارك في توسيع الإنفاق، وزيادة عرض النقود، والإجراءات التي أوصلت إلى الوضع الاقتصادي الصعب».

المبعوث الأميركي يدخل على الخط
من جهتها أعلنت «الفعاليات الوطنية مصراتة»، في بيان لها، دعمها للمصرف المركزي في الحد من الإنفاق الموازي مجهول المصدر، والمطالبة في الوقت نفسه بتشكيل حكومة موحدة.

ودخل السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند على خط الجدل بشأن المسائل الاقتصادية المثارة، والذي بدا أنه متفق مع محافظ مصرف ليبيا المركزي خلال لقاء ضم الجانبين على الحاجة إلى ميزانية موحدة لإضفاء الشفافية، والمساءلة على الإنفاق العام، ومساعدة المصرف المركزي على حماية قيمة الدينار من مزيد التدهور في السوق الموازية.

نورلاند التقى أيضاً الدبيبة في طرابلس، وعكس بيانان منفصلان عقب اللقاء وجود اختلافات في وجهات النظر، فقد أكد الأول مناقشة أهمية مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة بشكل بنّاء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات، بما في ذلك تشكيل حكومة تصريف أعمال.

كما عبر نورلاند في لقائه، الأربعاء، بطرابلس مع رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عبدالله باتيلي عن دعم الولايات المتحدة لجهوده القائمة لدفع العملية السياسية، لافتاً إلى أن النقاش القائم حول مشاكل الميزانية وانخفاض قيمة الدينار يؤكد الحاجة إلى ما وصفه بتقديم التنازلات وتشكيل حكومة موحدة.

وبقدر ما يحدثه كل هذا التجاذب والاتهامات المتبادلة بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد من قلق لدى المواطن الليبي لتخوفه من النتائج السيئة التي قد تترتب على هذا الاتجاه، وهناك تخوف أكثر من أن خلافات المال قد تقود أطراف الأزمة إلى مواجهة لن يكون السلاح بعيداً عنها.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي في ليبيا
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز ...
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم