تباينت آراء سياسيين ومحللين ليبيين حول مخرجات اجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بشأن ليبيا في الكونغو، وخصوصًا الدعوة إلى آلية لإدماج دول الجوار في جهود الحل السياسي في ليبيا، إذ انقسم البعض على جدواها بين مؤيد يرى فيها «ضرورة سياسية وأمنية»، فيما رأى المعارضون أنها إعادة تدوير لحلول سياسية مكررة لم تفض إلى نتائج.

واختُتِم الإثنين اجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بشأن ليبيا في برازافيل بتأكيد «الحاجة الملحة» إلى تقارب وتكامل إجراءات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي «من أجل تجنب ازدواجية الجهود المبذولة بشأن ليبيا»، داعيًا إلى ضرورة «وضع آلية أكثر فاعلية» لإدماج دول الجوار في أعمال اللجنة رفيعة المستوى.

وفي تصريحه إلى «بوابة الوسط»، نوه أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بنغازي محمد حسن مخلوف بأهمية الدور الأفريقي في الملف الليبي، في ضوء تاريخها الطويل مع المنظمة الأفريقية، ما يشير إلى «ضرورة التوصل إلى خطة الدمج التي اقترحها الاتحاد الأفريقي».

- خلال قمة برازافيل.. مصر تدعو إلى تحديد مدى زمني لخروج المرتزقة من ليبيا
- في «قمة برازافيل».. باتيلي يحذر من الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» على رعاية المصالحة
- بيان ختامي من 10 بنود لـ«قمة برازافيل» بشأن المصالحة الوطنية

إدماج دور الجوار
وعلاوة على أهمية الدور الأفريقي في استتباب الأمن مع دول جوار ليبيا في الجنوب، يشير مخلوف إلى «ضرورة سياسية وأمنية يفرضها وجود الجزائر ومصر لاعتبارات الأمن القومي للبلدين». يشار إلى أن المحور الأمني حضر بقوة في كلمتي مصر والجزائر أمام المؤتمر، إذ تشاطر البلدان الدعوة إلى «خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا خلال مدى زمني محدد».

وتضم اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، التي يرأسها الرئيس الكونغولي دونيس ساسو نغيسو، عشر دول، وهي: الجزائر والكونغو وجنوب أفريقيا ومصر وإثيوبيا والنيجر وموريتانيا وتونس والسودان وأوغندا.

في المقابل، قال عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي في حديث إلى «بوابة الوسط» إن «تدخل مزيد من الدول غير الفاعلة على الساحة الدولية هو إرباك للقضية ومضيعة للوقت»، ويؤكد أن «النوايا الحسنة يجب أن تعتمد على حقائق وواقع ملموس».

الفارسي: «حلول ومخرجات فضفاضة»
وفي السياق نفسه، رصد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة درنة يوسف الفارسي «حلولًا ومخرجات فضفاضة عن هذا المؤتمر على غرار مؤتمرات سابقة بشأن الأزمة الليبية، لم تؤد إلى نتيجة».

واعتبر الفارسي في حديثه إلى «بوابة الوسط» البيان الختامي لاجتماع برازافيل «إعادة تدوير لحلول الأزمة الليبية»، ويرى أن «المصالحة ملف معقد، فيما لم تؤد المفوضية الوطنية للمصالحة التي شكلها المجلس الرئاسي الدور المنوط بها»، منوهًا بما وصفه بقلة خبرة ودراية المجلس الرئاسي في ملف المصالحة»

وفي العام 2020 قرر المجلس الرئاسي إنشاء «المفوضية الوطنية العليا للمصالحة»، وتختص بتنفيذ مسارات المصالحة الوطنية وفقا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد بتاريخ 9 نوفمبر 2020.

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، فإن المصالحة «تحتاج آلية واضحة مشاركة الأعيان والمشايخ وتسوية الوضع بين الفرقاء الليبيين وحل مشكلات النازحين والمهجرين في الداخل والخارج، وجبر الضرر والتعويض، وحل مشكلة التشكيلات المسلحة وفوضى السلاح في ليبيا».

تحذيرات باتيلي
فيما يبدي مراقبون قلقهم من تحذيرات المبعوث الأممي عبدالله باتيلي من «الخلافات بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب بشأن رعاية عملية المصالحة الوطنية»، وذلك في كلمته أمام اجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي.

ويرى الباحث السياسي يوسف الفارسي أن «الرئاسي والمجلس النواب يريدان الانخراط في كل الملفات وكل طرف يريد الاستيلاء على الملفات الحساسة»، ويبدي الفارسي دهشته من «الصراع والانقسام على ملف المصالحة»، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الوصول إليها دون حل مشكلة التشكيلات المسلحة وفوضي السلاح في ليبيا.

وعلاوة على تداخل السلطات التنفيذية والتشريعية التي أدت إلى الانقسام في ملف المصالحة الليبية، فإن أستاذ العلاقات الدولية محمد مخلوف يرى أن «أطرافًا داخلية وتدخلات أجنبية أثرت على المصالحة الليبية وعقَّدت مهمة المجلس الرئاسي».