Atwasat

جريدة «الوسط»: رفع الدعم السلعي في مواجهة رد فعل الشارع

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 12 يناير 2024, 09:20 صباحا
WTV_Frequency

سلطة تنفيذية موقتة تقرِّر القفز مباشرة إلى جيوب المواطنين بالاتجاه نحو التخلي عن الدعم السلعي دون تهيئة المواطن لهذه الخطوة الحساسة وربما في غياب دراسات عميقة مسبقة، وفي المقابل سلطة تشريعية تفضِّل حسم قانون السحر على حل الخلافات القائمة مع المجلس الأعلى للدولة حول القوانين الانتخابية، وبين الأمرين وُضعت مداخل ليبيا من النفط والغاز على المحك على إثر ما يجري في حقل الشرارة وفي مليتة وفزان.

غليان في الشارع بسبب قرار رفع الدعم 
وأثار قرار حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» التمسك برفع الدعم عن المحروقات موجة من الاستهجان في الشارع الليبي المتضرر بالأساس من الأوضاع المعيشية الصعبة، وهي خطوة من شأنها إشعال مزيد من الاحتجاجات بدل تهدئتها خاصة في الجنوب، مع وجود بعض الأصوات التي تؤيد الخطوة وتعتبرها جزءاً من حل مشكلة تهريب الوقود والتقليل من أزمة التكدس المروري الصارخ خاصة في العاصمة ومدن أخرى، فيما صرح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة أن «رفع الدعم عن المحروقات قرار لا رجعة فيه»، وزاد عنه الناطق باسمه محمد حموده بالقول «إن رغبة الحكومة في استبدال الدعم الموجه للوقود ببدائل أخرى الغرض منه توصيل الدعم لمستحقيه».

ولم يفصح الدبيبة عن موعد بدء تنفيذ هذا القرار أو الإجراء البديل وإن كان مرجحاً نقداً أو عن أي دراسات استند إليها والتي تتطلب توفّر بنية تحتية ومواصلات جيدة لسحب الدعم، لكن الحكومة ترد بأن المؤسسات الدولية ومصرف ليبيا المركزي والأجهزة الرقابية هي من حذرت من استمرار الوضع الحالي؛ حيث وصلت قيمة الدعم إلى 50 % من الدخل السنوي المتأتي من المحروقات.

وتتحدث السلطات الليبية عن خسارة نحو 750 مليون دولار سنوياً نتيجة أنشطة تهريب الوقود غير الشرعية في وقت ارتفعت مخصصات دعم الوقود لتتجاوز 12 مليار دولار العام 2022 بزيادة قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2021.

رفع الدعم والانقسام الحكومي
وتتطلب فكرة إلغاء الدعم أو استبداله ببدائل أخرى شروطاً أولها الموافقة الشعبية ووجود أجسام قانونية تُشرِّع للقرار، وهو أمر غير متوفر حالياً في ظل الانقسام الحكومي في البلاد.

وأكد الخبير النفطي الليبي محمد أحمد في تصريح لـ«الوسط»، الخميس، أن المشكلة القائمة في ليبيا «أن كل طرف لا يقف عند اختصاصه ويقرر كما يحلو له دون الالتزام بالقواعد القانونية» إذ السلطة التشريعية هي من تضع رقم الدعم وعلى السلطة التنفيذية ترجمة ذلك في مستوى الأسعار.

وربط الخبير بين القرار وتوفر النقل «لأن اضطراب هذا المجال يضيِّق الخيارات أمام الأفراد والصناعات ويؤدي إلى مصاعب اقتصادية جسيمة منها التضخم والركود».

وبعدما انتقد محمد أحمد سياسات صندوق النقد الدولي الداعي لضرورة رفع الدعم عن المحروقات وهي «سياسة فاشلة» ذكر ليبيا بأنها دولة ليست مدينة للصندوق؛ بل هي دولة دائنة للمجتمع الدولي وتبلغ مستحقاتها مبلغاً يصل إلى 200 مليار دولار يمكن أن يغطي الدعم في ليبيا لمدة 10سنوات. ودعا قبلها الدولة وأجهزتها الحكومية لتوفير عوامل رئيسية ـ على رأسها النقل ـ يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل الانجرار وراء فكرة التحويل النقدي.

ويشاطر هذا الرأي أستاذ القانون بجامعة سرت عمر امبارك متسائلاً في تدوينة عبر موقع «فيسبوك»، «دولة لا يوجد بها نقل متعدد الوسائط، ولا تمتلك وسائل نقل عام، وتعتمد فقط على النقل البري بواسطة الشاحنات التي تقطع مسافات طويلة بين المدن والمناطق لنقل البضائع والسلع، كيف يتم فيها اتخاذ قرار رفع أسعار الوقود أو حتى مجرد التفكير فيه؟». مضيفا أنها «ستزيد تكلفة النقل، ويترتب عليها زيادة كبيرة في أسعار البضائع والسلع».

- للاطلاع على العدد 425 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

حكومة حماد تحذر من التبعات
وفي السياق حذرت حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب من تبعات رفع الدعم، وقالت في بيان الخميس «نحن على عتبة شهر الخير والبركة، وما يمثله لليبيين من قدسية وما يتطلبه من احتياجات أساسية تستدعي منا التركيز والحرص على توفيرها وتخفيف العبء عنهم، وليس إصدار قرارات تتفاقم معها معاناة المواطنين، وستؤثر على مناحي الحياة وقطاعات الدولة التعليمية والصحية والصناعية والتجارية كافة».

وفي الأثناء تداول نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي دعوات للخروج للتظاهر غداً الجمعة في عدد من المدن رداً على تصريحات الدبيبة بخصوص رفع الدعم عن المحروقات.

وليس بعيداً عن ذلك رفع محتجون في جنوب ليبيا سقف مطالبهم من اجتماعية إلى سياسية على خلفية ما تعانيه المنطقة من قلة كميات الوقود وارتفاع أسعار الغاز؛ حيث هددوا بتعطيل إنتاج وضخ النفط إلى مجمع مليتة الذي يمد إيطاليا بالغاز بعد أيام من غلق حقل الشرارة أحد أكبر حقول الإنتاج في البلاد.

سكان الجنوب يشكون نقص المحروقات
ويشكو سكان الجنوب الليبي من نقص حادٍ في المحروقات داخل محطات الوقود مقابل توافرها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ما دفع سكان إقليم فزان إلى تصعيد لهجة الاحتجاج. فيما احتشد أنصار حراك شعبي يطلق على نفسه «استئصال الفساد» أمام مجمع مليتة الطاقوي، الثلاثاء، منددين بما أسموه «التلاعب بمصدر رزق الليبيين من النفط والغاز» ومطالبين بإقالة بعض المسؤولين.

ودفع الأمر المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي الأحد الماضي ما أفقد 300 ألف برميل يومياً من إنتاج النفط.

كما أثار ملتقى فعاليات ونخب فزان عن الإدارة الذاتية للإقليم مخاوف جدية بشأن تقسيم البلاد أو العودة إلى النظام الفيدرالي الذي كان معمولاً به قبل الاستقلال. وجاء الإعلان في سبها أكبر مدن الجنوب بحضور قيادات اجتماعية ونشطاء سياسيين ومدنيين، وذلك بعد أيام من إغلاقهم أكبر حقلَين نفطيَين في الجنوب «الشرارة، والفيل» في منطقة أوباري. وأعلن مجلس النواب أنه صوت بالموافقة على الطلب المقدم من بعض أعضائه بدعوة محافظ المصرف المركزي لتقديم إحاطة عن السياسة النقدية المتخذة من المصرف لمواجهة الظروف الاقتصادية.

وفي تعبير آخر عن حالة الانقسام والتخبط السياسي والتشريعي أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة «رفضه لكل القوانين الصادرة عن مجلس النواب من دون تشاور مسبق» ومطالبته لكل الجهات بعدم تنفيذها، بينما حرص رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على تأكيد انفراد مجلسه بإقرار التشريعات بالبلاد في هذه المرحلة طبقاً للاتفاق السياسي الليبي الموقع نهاية العام 2015. وأكد أن التشاور مع المجلس الأعلى الدولة ينحصر في «قوانين الانتخابات والاستفتاء فقط».

وأمام هذا المشهد تزداد التوقعات بأن المواطن هو الذي سيدفع تكلفة الانقسامات والصراعات السياسية مزيداً من معاناته المعيشية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في «اقتصاد بلس»: رغم مشاريع إعادة الحياة.. طرق طرابلس تختنق
شاهد في «اقتصاد بلس»: رغم مشاريع إعادة الحياة.. طرق طرابلس تختنق
وكالة أممية: السودانيون الفارون من الحرب يقيمون في أكثر من 50 مخيمًا غير رسمي بالكفرة
وكالة أممية: السودانيون الفارون من الحرب يقيمون في أكثر من 50 ...
شاهد في «هنا ليبيا».. شابة ليبية تتحصل على رخصة طيران خاص
شاهد في «هنا ليبيا».. شابة ليبية تتحصل على رخصة طيران خاص
شاهد في «وسط الخبر»: بنغازي عاصمة الثقافة الإسلامية.. بين التقليل والتهليل
شاهد في «وسط الخبر»: بنغازي عاصمة الثقافة الإسلامية.. بين التقليل...
الجيش الجزائري: آلية التشاور مع ليبيا وتونس كفيلة بقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية
الجيش الجزائري: آلية التشاور مع ليبيا وتونس كفيلة بقطع الطريق ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم