Atwasat

لماذا يغيب الوجود الدبلوماسي الدائم لواشنطن في ليبيا؟.. «فريدريك ويري» يجيب

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 07 أبريل 2023, 02:07 صباحا
WTV_Frequency

سلط تحليل لجريدة «فورن بولسي» الأميركية الضوء على الغياب الدبلوماسي الدائم للولايات المتحدة في ليبيا، معتبرًا أن ذلك يتسق مع نهج وزارة الخارجية الأميركية، الذي غالبًا ما يكون أقرب إلى «الشعارات والتفكير بالتمني أكثر من السياسة القابلة للتنفيذ».

يتطرق التحليل الذي كتبه فريدريك ويري، زميل أول في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إلى أغلق مقر السفارة الأميركية وإجلاء الدبلوماسيين إلى تونس، بعد أن وقعوا في مرمى نيران القتال الذي اندلع في جميع أنحاء العاصمة الليبية طرابلس في صيف 2014.

يستغرب «فريدريك» عدم عودة السفارة لمباشرة عملها من طرابلس، حتى في الوقت الذي أصبحت فيه الظروف في ليبيا أكثر أمانًا إلى حد كبير في السنوات الماضية، وأعيد فتح السفارات الأجنبية الأخرى أو هي بصدد القيام بذلك.

وهنا يعتقد أن هذا الغياب «يرجع جزئيًا إلى الإرث المُسيّس للهجوم الإرهابي العام 2012 على الموقع الدبلوماسي الأمريكي في بنغازي، والذي أسفر عن مقتل السفير جيه كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين و«استخدام مجموعة من الجمهوريين الحادث ككبش فداء في كونغرس»، لذلك يعتقد أن هذا الحادث المأساوي «جعل مسؤولي إدارة بايدن يكرهون المخاطرة بشكل غير عادي عند التوقيع على عودة السفارة إلى ليبيا».

وأشار الباحث إلى المؤشرات التي ظهرت في وقت سابق من هذا الشهر، على تفاؤل حذر بشأن عودة العمل الدبلوماسي الأميركي من ليبيا، ففي 22 مارس الماضي قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال جلسة استماع للجنة الفرعية لمجلس الشيوخ، إن وزارته «تعمل بنشاط» على إعادة تأسيس وجود دبلوماسي أميركي دائم في ليبيا، على الرغم من أنه رفض الخوض في تفاصيل حول الخطوات التي كانت وزارة الخارجية تتخذها، أو جدول زمني.

وأدرجت وزارة الخارجية أموالاً لعودة السفارة إلى طرابلس في طلب الميزانية المقدم إلى كونغرس- وهو أمر جيد- ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا التمويل سيؤدي إلى تصفية مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون، أو ما إذا كان بلينكن سيتحرك إلى الأمام ومتى، مع إعادة الافتتاح، بحسب «فريدريك»".

«زيارات نصف اليوم» ليس بديلا
ويرى أنه من دون وجود مادي في البلاد، سيستمر الدبلوماسيون الأميركيون العاملون في ليبيا في العمل من تونس المجاورة. ولكن «فريدريك» يقول إنه رأى بنفسه خلال عمله الميداني في ليبيا طيلة السنوات الماضية أن العديد من الليبيين المهمين غير قادرين أو غير راغبين في القيام بهذه الرحلة، غالبًا لأسباب مالية أو سياسية. ونتيجة لذلك، لا يستطيع الدبلوماسيون الأميركيون بناء الثقة مع اللاعبين الليبيين الرئيسيين وفهمهم وربما التأثير عليهم، لافتا إلى أن «زيارات نصف اليوم» من قبل كبار المسؤولين الأميركيين إلى المطارات أو الوزارات شديدة التحصين في ليبيا ليست بديلاً عمليا لتواجد وتفاعل مستمرين.

وأوضح أن هذه الآثار الضارة تفاقمت في الوقت الذي تنامت فيه أهمية الأمن والطاقة في ليبيا في السنوات الأخيرة، وأخذت مجموعة من القوى الخارجية اهتمامًا متزايدًا بالدولة الأفريقية الغنية بالنفط.

واستشهد بنشر روسيا الآلاف من مرتزقة مجموعة «فاغنر»، والأفراد النظاميين، والأسلحة المتطورة خلال الفترة 2019-2020 لدعم محاولة المشير خليفة حفتر، الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليًا في العاصمة، حيث لا تزال روسيا تتمتع بنفوذ مدمر في ليبيا.

والأهم من ذلك، يرى الباحث أن روسيا تدعم التحالف المسلح لحفتر، مما يمنحه الوسائل للحفاظ على قبضته على مساحات شاسعة من الأراضي الليبية ومنع تصدير النفط الليبي، كما فعل في الفترة من أبريل إلى يوليو 2022، وعلى وجه التحديد عندما ارتفعت أسعار النفط الخام بشكل كبير بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أضر بالليبيين العاديين والدول الأوروبية التي تتلقى صادرات الطاقة الليبية والاقتصاد العالمي، بينما أفاد الكرملين بشكل ملائم.

وقال إن مقاتلي «فاغنر» تحصنوا حول حقول النفط وداخل القواعد الجوية عبر جنوب وشرق ليبيا، والتي نقلوا منها الأفراد والمواد إلى الدول الأفريقية في منطقة الساحل، وقدموا أنفسهم كبديل جذاب لما يعتبره السكان المحليون نظامًا استعماريًا جديدًا فرنسيًا وأميركيًا متعجرفًا، حيث يقدمون مجموعة من الخدمات المستبدة، بدءًا من التدريب العسكري ومكافحة التمرد إلى الدعاية والحماية الشخصية، مع ارتكاب انتهاكات مروعة في العملية، وفق ما يقول «فريدريك ويري».

وبالتالي يرى أن تلك التطورات «مقياس لمدى الجدية التي تنظر بها إدارة بايدن إلى ليبيا كنقطة انطلاق لإسقاط القوة الروسية»، فضلاً عن كونها مصدرًا محتملاً للتمويل غير المشروع، مشيرا إلى مزاعم أن موظفي «فاغنر» يستغلون عائدات النفط الليبي.

- تقرير للكونغرس الأميركي يرصد 4 عوامل وراء عدم الاستقرار في ليبيا

وتحدث عن إرسال واشنطن أخيرا اثنين على مستوى المبعوثين إلى شرق ليبيا للقاء حفتر، فقد سافر مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، إلى بنغازي في يناير، وتبعته مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف في مارسن في حين لا تزال تفاصيل مناقشتهم الكاملة مع حفتر غير واضحة، لكنها تركزت على الأرجح، بحسب قوله، على دعمه للانتخابات المخطط لها في ليبيا في وقت لاحق من هذا العام ومزيج من الضغوط والتحذيرات والحوافز لإجباره على قطع علاقاته مع موسكو وطرد مرتزقة روسيا من الأراضي الليبية.

ورأى أن المشكلة القديمة تكمن مع سياسة واشنطن تجاه طرابلس، وهي مشكلة قد يخففها الوجود الدبلوماسي المستمر ولكن لا يمكن علاجها بالكامل.

عدسة أحادية لبعض أولويات السياسة الأميركية
وأشار إلى أن المسؤولين الأمريكيين من الإدارات المتعاقبة نظروا إلى ليبيا من خلال العدسة الأحادية لبعض أولويات السياسة الأميركية الأخرى، مما منحها دور الطرف الداعم دراما استراتيجية أكبر: السعي لتحقيق أمن الطاقة، ومكافحة الإرهاب- خاصة تنظيم «داعش»، الذي أنشأ فرعًا قويًا في ليبيا- والآن التنافس بين الولايات المتحدة وما يسمى بالقوى العظمى التي يرى الكثيرون في واشنطن أنها تلعب في جميع أنحاء القارة الأفريقية والشرق الأوسط. ونتيجة لذلك، اتبعت الولايات المتحدة وحلفاؤها سياسات متناقضة في ليبيا مكنت مجموعة من الشخصيات الليبية الفاسدة وتركت البلاد أكثر انقسامًا.

التضحية بليبيا
وعلى نحو متصل، يقول إن المسؤولين الأميركيين، غالبا، ضحوا بدولة شمال أفريقيا على مذبح ضرورات سياسية أخرى أكثر إلحاحًا في الشرق الأوسط عندما يعتقدون أن الولايات المتحدة تحتاج لدعم دول عربية رئيسية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، وهما دولتان تتدخلان عادة في السياسة الليبية.

وفقًا لهذه الحسابات، يقول إن «تجاوزات هؤلاء الشركاء العرب في ليبيا، بما في ذلك كسر حظر الأسلحة، وتمكين محاولة حفتر للوصول إلى السلطة وجرائم الحرب، وقتل المدنيين في ضربات الطائرات دون طيار، لم تستحق إنفاق رأس المال الدبلوماسي الأميركي في شكل توبيخ حازم أو معارضة».

قراءة أميركية قصيرة النظر للتحديات المعقدة
وقال إن بعد الولايات المتحدة عن ليبيا وعدم اهتمامها بها أدى إلى قراءة قصيرة النظر للتحديات المعقدة التي تواجهها البلاد، لافتا إلى أن التركيز الحالي على عملية «يقودها الليبيون» نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية هو مثال على ذلك، معتقدا أن إجراء تلك الانتخابات في أواخر الخريف أو الشتاء من هذا العام هو حجر الزاوية في خارطة طريق طموحة كشف عنها مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا، الدبلوماسي السنغالي المخضرم عبد الله باتيلي، حيث تقول الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إنها تدعم هذه الخطة بحماس، لكنها محفوفة بالمخاطر، وتفتقر إلى التفاصيل، ويبدو أنها مقدر لها تكرار أخطاء الماضي.

وشرح أن خطة باتيلي «تتنازل عن قدر كبير من السيطرة على إجراء الانتخابات إلى زمرة من السياسيين وزعماء الميليشيات الليبيين الجشعين الذين يستفيدون من الوضع الراهن المجمد ويستغلون المسائل الإجرائية والقانونية للانتخابات - حول أهلية المرشح، والتسلسل، وصلاحيات الرئاسة- للمماطلة أو العرقلة أو بطريقة اخرى تحويل الاقتراع لصالحهم».

ويرى أن وجود الكثير من الحيل الجارية، يجعل من المستحيل إجراء التصويت في الموعد المحدد، وإذا حدث ذلك بمعجزة ما، فمن المحتمل أن يشوبه انعدام الأمن أو العنف، والمقاطعة، وانعدام حرية الانتخاب وفرز الأصوات.

ويذكر بأن واحدًا من العديد من سيناريوهات ما بعد الانتخابات، يتمثل في «زعم حفتر فوزه في الجنوب والشرق واتهام الأقاليم الأخرى بالتزوير، مما يؤدي إلى مزيد من تفكيك البلاد، وهو أمر تهدف الانتخابات إلى تجنبه»، وهو ما يشير إلى أن صانعي السياسة الأميركيين، الذين يتبعون قيادة الأمم المتحدة، يبدو أن لديهم توقعات غير واقعية حول ما سينجزه التصويت في حد ذاته، لا سيما عندما تظل المؤسسات السياسية والمالية والعسكرية في ليبيا مجزأة للغاية وتفلت الشخصيات البارزة من المساءلة عن جرائم الماضي.

سياسات المساعدة الإنمائية الأميركية تجاه ليبيا
لكن الباحث أشار إلى أن سياسات المساعدة الإنمائية الأميركية تجاه ليبيا على المستوى المحلي جديرة بالثناء وشاملة، وركزت على تعزيز المجتمع المدني، تعزيز حقوق الإنسان والعدالة وبناء السلام، تدريب الصحفيين، إدارة ورش عمل للحكومات البلدية المنتخبة، ومساعدة المواطنين الليبيين على التكيف مع تحديات تغير المناخ التي تلوح في الأفق، لكنه يرى «صعوبة القيام بأي من هذا العمل المهم بشكل فعال من خارج البلاد أو حتى من محيط سفارة تشبه القلعة - وهي حقيقة اعترف بها ستيفنز ووضعها موضع التنفيذ خلال فترة عمله كسفير».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الأمم المتحدة تطلق استراتيجية جديدة لإشراك الشباب الليبي
الأمم المتحدة تطلق استراتيجية جديدة لإشراك الشباب الليبي
جريدة «الوسط»: تحركات لكسر الجمود.. وباتيلي ينعى «الحل»
جريدة «الوسط»: تحركات لكسر الجمود.. وباتيلي ينعى «الحل»
افتتاح جسر جامعة بنغازي والطرق المحيطة بها بحضور حفتر وعقيلة (فيديو)
افتتاح جسر جامعة بنغازي والطرق المحيطة بها بحضور حفتر وعقيلة ...
مصادرة 19 ألف قرص مخدر و4 كيلوغرامات «حشيش» خلال مداهمة في تاجوراء
مصادرة 19 ألف قرص مخدر و4 كيلوغرامات «حشيش» خلال مداهمة في ...
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 17 مايو 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 17 مايو 2024)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم