يبحث رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين خلال قمتهم الاستثنائية، المقرّرة مساء الثلاثاء المقبل في بروكسل، الملف الليبي من مختلف جوانبه، وفي تحرك تقوده إيطاليا وفرنسا وإسبانيا الحريصة على دفع الاتحاد نحو موقف أكثر التزامًا تجاه ما يجري في ليبيا.

وقال مصدر دبلوماسي أوروبي اليوم السبت: "إنّ القمة الأوروبية المكرّسة رسميًا لبحث تداعيات الانتخابات الأوروبية التي ستجري نهار الأحد في عموم دول الاتحاد، وكذلك نتائج الانتخابات الأوكرانية ستكرس جانبًا من مداولاتها للتطرُّق للوضع في ليبيا، وإن رئيس وزراء إيطاليا مايتو رينسي يحمل معه ورقة خاصة لعرضها للرؤساء الأوروبيين ومطالبتهم بالتزام أكبر بسبب مخاوف إيطاليا من تداعيات الوضع الليبي على أمنها الوطني وعلى استقرار منطقة المتوسط".

الطاقة والهجرة
تضيف المخاطر الأمنية في ليبيا عنصرًا فعليًا في معادلة ضمان أمن الطاقة الأوروبية بسبب انهيار العلاقات الأوروبية الروسية على خلفية الأزمة في أوكرانيا.

تمثل ليبيا هاجسًا فعليًا لمجمل دول الجنوب الأوروبي بسبب إشكالية التعامل مع الهجرة والنزوح والتي يتوقع أن ترتفع هذا الصيف بوتيرة خطيرة.

كما تمثل ليبيا هاجسًا فعليًا لمجمل دول الجنوب الأوروبي بسبب إشكالية التعامل مع الهجرة والنزوح والتي يتوقع أن ترتفع هذا الصيف بوتيرة خطيرة.

وأكّدت المصادر الأوروبيّة في بروكسل أنّ الاتحاد الأوروبي كان يُعِدُّ بيانًا شديد اللهجة لإدانة تحركات اللواء خليفة حفتر ويرفض حل المؤتمر الوطني.

خطة مصالحة
كان الاتحاد يخطط لعرض خطة مصالحة على الأطراف الليبية، وتحديدًا تحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل الذي استقبله رسميًا لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا وبعض قيادات الإخوان بوساطة تونسية، إلا أنّ منحى عملية الكرامة وتسجيل اللواء خليفة حفتر ثغرات حاسمة في الشارع الليبي جعل المسؤولين الأوروبيين يراجعون حساباتهم حاليًا وينتظرون مزيدًا من الوقت لمعرفة النوايا الفعلية للواء المتقاعد.

وأحدث الاتحاد الأوروبي الجمعة 23 مايو تغييرًا جوهريًا في موقفه، وأعلن في بيان رسمي رفضه كافة أشكال الإرهاب وتأييده لمكافحة الإرهاب في ليبيا على شرط أنْ يتم في إطار الدولة الرسمية.

التزام حفتر
يأمل الدبلوماسيون الأوروبيون أن يلتزم اللواء حفتر بالإطار الذي حدّده لنفسه والمتمثّل في استئصال الإرهاب والتطرُّف، والتوجه لإعادة هيكلة القوات المسلّحة وعدم المساس بخريطة الطريق الانتقالية للدولة المدنية في ليبيا.

وجاء خروج آلاف الليبيين في مختلف أنحاء البلاد تأييدًا لعملية "كرامة ليبيا" ليُعيد رسم الحسابات الأوروبية؛ حيث تم تسجيل توافق على التمهُّل في إطلاق مبادرة مشتركة للمبعوثين الأوروبيين الأربع والدوليين إلى ليبيا، والتي أعدّ لها المبعوث الأوروبي برناردينو ليون في اتصالات غير معلنة حتى الآن.

كما أنّ الانضمام العلني للعديد من الوحدات العسكرية ووزراء ودبلوماسيين لحملة حفتر يُعَدُّ عنصرًا حيويًا في قلب المعادلة السياسية.

اتصالات مستمرة
يعول الجانب الأوروبي هذه المرة على تنسيق فعلي وتام مع الشريك الأميركي في ليبيا وتجنُّب أي تصدُّع في مواقف الحليفين؛ حيث تظل الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية على اتصال مستمر بوزير الخارجية الأميركي جون كيري والذي أبدى اهتمامًا شخصيًا خلال الساعات الماضية بما يجري في ليبيا.

الاعتقاد السائد لدى الدبلوماسيين الأوروبيين أن تجاوب حفتر مع المبادرات الأوروبية والدولية واحترامه لخريطة الطريق الانتقالية سيوفر له غطاء دبلوماسي وسياسي.

والاعتقاد السائد لدى العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين المتابعين للملف الليبي أنّ طبيعة تحركات اللواء حفتر ومدى تجاوبه مع المبادرات الأوروبية والدولية الجاري الإعداد لطرحها، واحترامه لخريطة طريق العملية الانتقالية ستسمح له بالحصول على غطاء دبلوماسي وسياسي كافٍ للحرب المعلنة ضد المجموعات المتشدّدة، وهي تحركات تؤيدها الدول المهتمة بالأمن في ليبيا.

ويمنح وصول المشير عبدالفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر واقع تعامل جديدًا أيضًا لا يمكن للأوروبيين تجاهله مهما كانت موقفهم منه وفي مجمل المنطقة وفي الملفات الساخنة، مثل التعامل مع الوضع الليبي أو الموقف في غزة وإدارة الأزمة السورية، وهو عنصر يضاف أيضًا لتفسير حالة الترقب والانتظار الأوروبية.