Atwasat

اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»

" القاهرة "بوابة الوسط - مروة الوجية الإثنين 11 أغسطس 2014, 04:11 مساء
WTV_Frequency

«اليزيدية» كلمة مشتقة من «يزيد» الفارسية والتي تعني «ملاك» أو «إله».

و«اليزيدية» واحدة من بين طوائف عديدة تنتشر في العراق نالت شهرة كبيرة في الآونة الأخيرة بعد استهداف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) معقلهم التاريخي في الموصل وجبل سنجار، مما دفع الآلاف منهم للاعتصام برؤوس الجبال في الموصل دون طعام أو شراب، وهو ما جعل الولايات المتحدة الأميركية تقرر توجيه ضربات عسكرية لإنقاذ الأقليات المضطهدة في العراق.

واليزيدية هم مجموعة اتخذت من شمال غرب العراق موطنًا لهم منذ زمن بعيد، وتتوزع بعض جاليتهم في غرب سورية وتركيا وأرمينيا وصولًا إلى جورجيا، ويُعدون بمئات الآلاف وربما أقل.

وبسبب معتقداتهم غير المألوفة، غالبًا ما يشار إليهم أنهم «عبدة الشيطان»، وعمدوا إلى عزل أنفسهم في مجتمعات صغيرة انتشرت في مناطق متفرقة، ومن الصعب تقدير أعدادهم الحالية، التي تتراوح بين 70 ألفًا و500 ألف. ومع ما يواجهونه من مخاوف واضطهاد وتشويه لصورتهم، فإنه ما من شك أن أعدادهم تناقصت بصورة كبيرة على مدار القرن الماضي.

تاريخ اليزيدية

وكما هو الحال مع ديانات الأقليات الأخرى في المنطقة، مثل الدروز والعلويين، لا يعتنق ديانة اليزيدية إلا مَن وُلد بها، ولا يمكن اعتناقها دون ذلك.

ويرجع اضطهادهم في كثير من البلاد، خاصة العربية منها إلى الفهم الخاطئ لديانتهم ولحقيقة تسميتهم، حيث يعتقد المتشددون من السُّنَّة، أمثال تنظيم الدولة الإسلامية، أن هذا الاسم يرجع إلى يزيد بن معاوية ثاني حكام الدولة الأموية (647-683 ميلادية).

إلا أن دراسة حديثة أظهرت أن هذه التسمية لا علاقة لها بهذا الخليفة الأموي، أو حتى بمدينة يزد في فارس، بل هي فقط مشتقة من الكلمة الفارسية «يزيد» والتي تعني الملاك أو الرب، لذا فإن اسم اليزيديين ببساطة يعني «عبدة الرب»، وهو ما يعمد اليزيديون من خلاله إلى وصف أنفسهم.

أما الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم فهو «الدواسون»، وهو اشتقاق من اسم «ديوسيس» -أو أبرشية- المأخوذ من المعتقد النسطوري الكنسي القديم في الشرق، حيث استُنبِط كثيرٌ من معتقداتهم من الديانة المسيحية، كما أنهم يوقرون القرآن والإنجيل معًا، حيث إن جزءًا كبيرًا من تراثهم يعتبر شفهيًّا.

ونتيجة للسرية التي تحوط معتقداتهم، فإن هناك كثيرًا من المفاهيم الخاطئة بأن معتقد اليزيدية المعقد له ارتباطٌ بالديانة الزرادشتية المجوسية، بل وحتى عبادة الشمس، إلا أن دراسة حديثة أظهرت أنه وعلى الرغم من أن أضرحتهم غالبًا ما تُزيَّن برمز الشمس وأن مقابرهم تشير إلى جهة الشرق في اتجاه الشمس، فإنهم يستقون بعض شعائرهم الدينية من المسيحية والإسلام أيضًا.

ويجمع اليزيديون بين كثير من المفارقات، فعلى الرغم من كونهم أكرادًا، فإنهم مندمجون تمامًا في محيطهم العربي، ومع أنهم يعبدون الله الواحد، فإنهم يعبدون الشيطان خشية واتقاءً لغضبه، وعلى الرغم من كونهم مسلمين أساسًا فإنه يطلَق عليهم «عبدة الشيطان» بسبب غرابة طقوسهم، والشيطان بالنسبة لهم ملاك أو إله يحكم العالم اسمه «طاووس» أو «عزازيل»، ويسبغون عليه مظاهر التقديس لأنه، وبحسب زعمهم، الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره في حين نسيها الملائكة فسجدوا لآدم، وإن أمر السجود لآدم كان مجرد اختبار، وقد نجح إبليس في هذا الاختبار فهو بذلك أول الموحدين، وقد كافأه الله على ذلك بأن جعله طاووس الملائكة، ورئيسًا عليهم.

وينظر اليزيديون إلى إبليس باعتباره «القديس القوي» الذي تصدى للإله وتجرأ على رفض أوامره، ويمجدون بطولته في العصيان والتمرد، ويعتقدون أن إبليس لم يُطرد من الجنة، بل إنه نزل من أجل رعاية الطائفة اليزيدية على وجه الأرض، وقادهم اعتبار إبليس طاووس الملائكة إلى تقديس تمثال طاووس من النحاس على شكل ديك بحجم الكفِّ المضمومة وهم يطوفون بهذا التمثال على القرى لجمع أموال الزكاة.

طقوس اليزيدية

في اليزيدية يُطلق اسم «ألبير» على رجال الدين، ويقوم رجال الدين بتعميد الأطفال بمياه مباركة مثلما يحدث في الديانة المسيحية، كما يقوم في مراسم الزواج بتقسيم رغيف خبز إلى نصفين ليُعطى أحدهما للعروس والآخر للعريس، وترتدي العروس فستانًا أحمر وتزور الكنائس المسيحية.

والدخول في العقيدة اليزيدية يتم بنطق شهادة «أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله»، وهم يكثرون الصلاة في ليلة منتصف شعبان، ويزعمون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة، وصيامهم ثلاثة أيام من كل سنة في شهر ديسمبر وهي تصادف عيد ميلاد «يزيد بن معاوية»، كما يعتقدون أن القيامة والحشر سيكونان بين يدى الشيخ «عدى» في قرية باطط في جبل سنجار، حيث توضع الموازين بين يديه لحساب الناس، وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة.

الصيام والصلاة

يصوم اليزيديون ثلاثة أيام فقط في منتصف شهر ديسمبر وهو ما يُعرف باسم صوم (يزي) (ئيزي) اي صيام (الله)، ويعتبر فرضًا ويكون الإمساك عن الطعام والكلام، ويبدأ بعد تناول «الباشيف» أي السحور قبل الفجر ويستمر طوال النهار حتى يحين موعد الإفطار بعد غروب الشمس.

وفي الفترة ما بين الخامس عشر والعشرين من سبتمبر، يحج اليزيديون إلى ضريح الشيخ «عدي» في لالش شمال مدينة الموصل، حيث يؤدون هناك بعض طقوس الاغتسال في النهر، وتقديم القرابين من الحيوانات، وعمليات الختان.

ويُعرف إلههم الأعظم باسم «ئيزدان»، ويحظى بمكانة عالية لديهم، بحيث لا يمكن عبادته بشكل مباشر، ويعتبرونه صاحب قوة كامنة، فمع أنه هو خالق الكون، فإنه ليس حارسه.

وهناك سبع أرواح أخرى تنبثق عن هذا الإله، أعظمها الملَك «طاووس»، الذين يعتبرونه المنفِّذ الفاعل للمشيئة المقدسة، وكان الطاووس في المسيحية القديمة يرمز إلى الخلود، لأن لحمه لا يفسد، ويعتبر الملك طاووس عند اليزيديين تجسيدًا لذات الإله ولا ينفصل عنه، لذا فإن هذه الديانة تعتبر من الديانات التوحيدية.

ويصلي اليزيديون إلى الملك «طاووس» خمس مرات يوميًّا.



المحرمات

يحرم على اليزيديون أكل الخس (الملفوف) والقرنبيط وبعض الخضراوات، ولا سيما الخس، لأنه عندهم من أخس ما خلقه الله على وجه الأرض ومجرد رؤيته حرام، وكذلك يحرم عليهم لحم الخنزير والسمك بكل أنواعه ولحم الغزال.

كما يحرم على اليزيدي حلق شاربه أو استئصاله بالمقص، غير أنه يستحب تخفيفه، أما اللحية فيجوز فيها كل ذلك، ويحرم عليه أيضًا النظر إلى وجه مرأة الغير اليزيدية.

ويعتقد اليزيديون أن الحمام والمرحاض من ملاجئ الشيطان في نظر المسلمين. فلا يدخل اليزيدي مرحاضًا، ولا يغتسلون في حمام وأن تسامحوا في ذلك مؤخرًا.

ويرى اليزيدي أن الملائكة تتصل فيما بينها في شهر أبريل، لهذا فإنهم يحرمون الزواج في هذا الشهر ولا يجوز لليزيدي البصق على الأرض أو في وجه إنسان أو حيوان لما له من رمز للإهانة للملك «طاووس».

ويعتقد اليزيديون أن الأرواح تنتقل داخل أشكال جسدية متعاقبة، وأن التطهير التدريجي ممكن من خلال التوالد الجديد وتعاقب الأجيال.
ويعتبر أسوأ ما يصيب معتنق اليزيدية أن يُطرد من مجتمعه، حيث إن ذلك يعني أن روحه لا يمكن لها أن تتجدد، لذا فإن اعتناق ديانة جديدة يعد أمرًا غير وارد.

وفي المناطق النائية جنوب شرق تركيا على الحدود مع العراق وسوريا، بدأت الحياة تدب من جديد في قراهم التي كانت مهجورة في السابق، وبدأت تشهد بناء منازل جديدة من قبل تلك المجتمعات أنفسهم.

وعلى الرغم مما يواجهونه من تضييق واضطهاد لقرون، فإن اليزيديين لم يتركوا دينهم أبدًا، وهي شهادة لهم على إحساسهم المتميز بهويتهم وقوة شخصيتهم.

اليزيديون وتنظيم الدولة الإسلامية

كان اليزيديون من بين كثير ممَن وقعوا ضحايا جراء المكاسب التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط. مجموعة تتألف مما يقرب من 50 ألف يزيدي حُوصروا في الجبال الواقعة في الشمال الغربي من العراق دون غذاء أو ماء. وتحاول «ديانا دارك» أن تقدِّم بعض التوضيح لمَن هم اتباع هذه الديانة.

وكانت هذه الأزمة هي السبب في تسليط الضوء على اليزيديين فجأة، لذا فإنهم لن يُرحِّبوا بأن يكونوا في بؤرة الاهتمام الدولي.

وإذا ما طرد متطرفو تنظيم الدولة الإسلامية اليزيديين من العراق وسوريا، فإن هناك احتمالية أكبر لأن يستقروا في مناطق جنوب غرب تركيا، حيث يمكنهم هناك أن يمارسوا معتقداتهم في سلام.

اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»
اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»
اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»
اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»
اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»
اليزيدية الطائفة المضطهدة من «داعش»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وضع الجندي الأميركي الموقوف بروسيا بتهمة «السرقة» في الحبس حتى 2 يوليو
وضع الجندي الأميركي الموقوف بروسيا بتهمة «السرقة» في الحبس حتى 2 ...
10 قتلى وجرحى في هجوم على مستشفى جنوب غرب الصين
10 قتلى وجرحى في هجوم على مستشفى جنوب غرب الصين
مقتل شخصين وإصابة 21 في الهجوم بسكين على مستشفى جنوب غرب الصين
مقتل شخصين وإصابة 21 في الهجوم بسكين على مستشفى جنوب غرب الصين
الصين تحضّ الاحتلال الإسرائيلي على «وقف مهاجمة رفح»
الصين تحضّ الاحتلال الإسرائيلي على «وقف مهاجمة رفح»
حظر الأسلحة الكيميائية: اتهام روسيا باستخدام سلاح كيميائي في أوكرانيا غير مدعوم بأدلة كافية
حظر الأسلحة الكيميائية: اتهام روسيا باستخدام سلاح كيميائي في ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم