Atwasat

قبرص المشمسة تجد صعوبة في زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 03 نوفمبر 2021, 07:43 مساء
WTV_Frequency

تأسف يورغيا موسكو، وهي تتحدث من منزلها المعرَّض بكثافة لأشعة الشمس، لعدم توصل بلدها، قبرص، بعد إلى تعزيز مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، رغم كون 340 من أيام السنة في الجزيرة المتوسطية مشمسة.

وفيما تتفحص المرأة الثلاثينية فاتورة الكهرباء المرتفعة، تعرب عن عزمها على «استئجار قطعة أرض» لتركيب ألواح شمسية فيها.

وليست يورغيا وحدها مَن اختار هذا الحل في الجزيرة التي تجذب شمسها وشواطئها السياح، إذ في عام واحد، ازداد عدد الألواح التي ركبها الأفراد بنسبة 16%، وفقًا لهيئة الكهرباء القبرصية، وفق وكالة «فرانس برس».

ومع ذلك، تجد قبرص صعوبة في زيادة مساهمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إنتاج كهربائها، ففي العام 2019، كانت الكهرباء المؤمنة بواسطة هذين المصدرين لا تزال تراوح عند نسبة 13.8% من إجمالي الإنتاج، أي دون المتوسط الأوروبي (19.7%)، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات».

وتأمل قبرص في أن تصل حصة مصادر الطاقة المتجددة من إنتاجها الكهربائي إلى 23% بحلول سنة 2030، وفقًا لخطة عملها الوطنية.

الشبكة ليست مرنة
إلا أن المشكلة تكمن، وفقًا لخبير الكهرباء في مركز «كيوس» القبرصي للأبحاث، ماركوس أسبرو، في أن «من الصعب توقع» حجم إنتاج الطاقة المتجددة.

ويوضح يورغوس مونياتيس، وهو المدير المشارك لمحطة فاسيليكوس، أبرز معامل إنتاج التيار الكهربائي في الجزيرة، أن «الطاقة متوافرة نهارًا من المصادر الكهروضوئية.. أما في الليل، فينخفض إنتاجها إلى الصفر».

ويشرح أسبرو أن التعويض عن نقص الطاقة المتجددة «يتطلب أن تكون الشبكة مرنة، والحال في قبرص ليست كذلك»، لكون الجزيرة معزولة.

وفي حال وجود نقص، لا يمكن لقبرص الاعتماد على شبكة أي دولة مجاورة.. فالجزيرة التي تبعد أكثر من 800 كيلومتر عن أقرب السواحل الأوروبية إليها، وهي تلك اليونانية، غير متصلة بأي نظام كهربائي آخر.

وإلى هذا السبب، يعود بطء تطور الطاقة المتجددة في قبرص مقارنة بالدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، بحسب أسبرو.

ويستلزم تسريع هذا التطور، على حد قوله، حلًّا يضمن توفير الطاقة أثناء فترات انخفاض الإنتاج، أي «التخزين أو الربط البيني مع البلدان الأخرى، وما إلى ذلك».

ولكن رغم توافر تقنيات تخزين الكهرباء من المصادر المتجددة، فمن الصعب والمكلف راهنًا اعتمادها على نطاق واسع، وفقًا لخبراء القطاع.
عمود فارغ على الشاشة

وفي غرفة التحكم في محطة فاسيليكوس، يشير مونياتيس إلى عمود فارغ على الشاشة، والسبب أن توربينات توليد الطاقة من الرياح لم تكن تتحرك في هذه الساعة، إذ ما من نسمة رياح على الجزيرة بأكملها.

وتعمل محطة فاسيليكوس التي تغطي 61.5% من حاجات الجزيرة من الكهرباء، بواسطة حرق زيت الوقود (الفيول) الثقيل والديزل، وهما من أنواع الوقود الأحفوري، ما يضع قبرص بين أكثر الدول تلويثًا في الاتحاد الأوروبي.

ويسأل مونياتيس: «ماذا عسانا نفعل إذا لم تكن توجد رياح؟»، ويضيف: «إنه أمر صعب للغاية.. لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا».

وسعيًا منها إلى كسر عزلتها، تعمل قبرص على توقيع عدد من الاتفاقات، وإطلاق مجموعة من المشاريع، كمشروع الربط الكهربائي الأوروبي الآسيوي المكلف جدًّا الذي يشارك في تمويله الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى ربط شبكات الكهرباء في قبرص بشبكات إسرائيل واليونان.

وفي 19 أكتوبر، وقعت قبرص واليونان ومصر أيضًا اتفاقًا لاستجرار الطاقة الكهربائية سعيًا إلى الربط بين الدول الثلاث.

مستويات استهلاك عالية
وتواجه قبرص كذلك عاملًا ديموغرافيًّا يتسبب ببلوغ الاستهلاك مستويات عالية، إذ أن الدولة البالغ عدد سكانها 800 ألف كانت تستقبل قبل جائحة «كوفيد-19» نحو أربعة ملايين سائح سنويًّا معظمهم في فصل الصيف.

وهذا ما أدى مثلًا إلى ارتفاع حاجات الجزيرة هذه السنة من 300 ميغاوات في الربيع إلى 1200 ميغاوات خلال الصيف، بحسب مونياتيس.

ويضيف المدير المشارك أن «الجميع يشغلون مكيفات الهواء خلال النوم» في ليالي الصيف الحارة، ما يضطر معمل فاسيليكوس إلى الاعتماد على وحداته لتوليد الكهرباء «نظرًا إلى عدم توافر الطاقة الشمسية ليلًا».

أما بالنسبة إلى المستهلكين، «فكلفة الكهرباء لا تكف عن الارتفاع»، وتقول يورغيا موسكو: «إنها تشكل عبئًا» على موازنة عائلتها.

وارتفع سعر الكيلوات في الساعة من 16.97 سنت من اليورو نهاية العام 2020 إلى 21.78 سنت في أغسطس 2021، أي بزيادة أكثر من 28%، وفقًا لأرقام هيئة الكهرباء.

وتلاحظ يورغيا موسكو، أن تحولها إلى اعتماد الطاقة الخضراء لمنزلها سيرتب عليها كلفة باهظة، وتقول: «لا نستطيع تحمل تنفيذ هذه الخطوة حتى مع مساعدات الدولة».

ولربما يكمن الحل الآخر في اعتماد نمط حياة مختلف. ففي تشيروكيتيا، على مسافة ستة كيلومترات فحسب من فاسيليكوس، يكفي لوحان شمسيان لتلبية حاجات ميليسا أهيرن ورفيق حياتها.

وتقول أهيرن، التي عملت طويلًا في مجال الأسواق المالية، «كل ما نحتاج إليه هو أربعة مصابيح كهربائية وشاحن هاتف وبطارية كمبيوتر!».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 مليون دولار
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 ...
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة التنافسية»
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة ...
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم
البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم