Atwasat

أحمد الغرياني: التصوير مرهون بالموهبة وذائقة الفنان ونضوج الفكرة

القاهرة - بوابة الوسط السبت 18 مارس 2023, 12:07 مساء
WTV_Frequency

لا يمثل الضوء سطوة فيزيائية أو وهجا نافذا بقوة بوجوده فقط، بل يعكس لغة مختبئة في عواكس الأشياء، ذلك البريق الذي يسحبك إلى سحره ويدفعك إلى إبحار داخلي مواز يمارس غواية الصراع بين الظهور والمواربة أو التتابع بين السطوع ونقيضه، ذلك جزء من سيرة الضوء والظل في ذاكرة الإنسان، لذا أراد الفنان الفوتوغرافي أحمد الغرياني، عبر معرضه «ضي» بدار الفقيه حسن، أن يغترف ملمحا من وجوه تلك الخطوط في تباعدها واقترابها الراقصة على وقع مقاربات الذائقة والخيال والخبرة.

تقودنا اللوحات إلى التماس مواضع الألوان ودلالاتها من جهة وإلى خصوصية الأجسام وأشكالها وخصائص امتصاصها أو بثها للضوء، حسب زاوية الإسقاط وجوهر الفكرة المراد تطويع المشهد لخدمتها، أيضا وفي مفازات الطبيعة الصامتة كأول نسخة فوتوغرافية في ليبيا، نرى احتفاء بالمشهدية أي تلك التي ترفع من حضور الأشياء البسيطة وتضعها في مواجهة المتلقي متوشحة بلحاف الضوء وتتوسد الغموض أيضا.

- «دار الفنون» تستضيف المشاي على «ضفاف اللون» (صور)

يقول الغرياني لـ«الوسط»: «إن الاشتغال على هذا البعد الطبيعة الصامتة قليل، بل نادر في المشهد الفني الليبي، لذا قررت تجميع أكثر من عمل يتناول الموضوع لتقديمه في معرض».

وأضاف أن الأعمال مستوحاة من تفاصيل حياتنا اليومية في المنزل والمطبخ، إلا أن الفكرة الأساس هي لعبة التحكم في كمية الضوء الساقط على مكونات اللوحة، ومن خلال تدرجاته على الأجسام أو المواد الهدف، تتجلي الفوارق وتتنوع مجالات الرؤية حسب الفكرة المتصورة في مخيلتك. كذلك مسألة المعالجة، فلكل عمل لمسة فنية تتماهى مع الفكرة وتتعاطى معها، حيث يختلف المضمون في اللوحات من البسيط إلى المركب، وهنا تبنى التوقعات على الكيفية التي يرى بها المشاهد اللوحة.

وواصل موضحا خطوات إعداده للوحة، «عملت على رسم أبعادها من تجميع المواد وتكوينها مسرحيا ثم عمليات الالتقاط والمعالجة، ويسبق ذلك كله تصورك للمشهد كاملا حتى تستطيع تتبع مسارات صنعه والخروج به إلى النور».

وفيما يتعلق بالألوان، أوضح الغرياني أنها من أهم أسس الفكرة، فالألوان منها الصارخة والنحاسية والأسود، كما أن بعض المشاهد تخلق فجأة وقد تضطر إلى إعادة أخرى أكثر من مرة للحصول على المشهد كاملا.

ويتحدث عن استخدامه كاميرا ديجيتل نوع (كانون) «DSLR» ويبقى التصوير من وجهة نظره خارج معادلة الارتباط بعدسة معينة، فالأمر مرهون بالموهبة وذائقة المصور ومدى نضوج الفكرة لديه.

خارج المكان
تساءلنا عن دلالة البيئة البحرية في أعماله، وهنا يوضح الغرياني معنى الطبيعة الصامتة كإجابة لاستفسارنا بقوله إنها «تعنى بتصوير الأشياء خارج مكانها الطبيعي، والحصول من هذه الميزة بعدة لوحات، ويبقى جوهر السؤال: كيف نؤلف المشهد؟ وبذا يجب أن تتوافر في الفنان عدة عناصر كفهمه لرموز الانعكاسات ومعرفته الدقيقة بقواعد التصوير والزاوية التي يجب أن ينظر لها للمحتوى المستهدف».

ويشير الغرياني إلى أن «بعض الأعمال تبدو فيها المشهدية بسيطة أو ضعيفة، إلا أن لغة الألوان جيدة، والمقصود وضوح قوة اللمسة في بعدها الفني عنها في الفكري وقد نجد العكس، وذلك يقودنا للحديث عن مسألة المتعة الجمالية دون انشغال الفنان بالمغزى الموضوعي، أنه لا يميل إلى تفسير العمل أو دفعه إلى دائرة الرؤيا المفاهيمية التي لا ينتمي إليها، وهنا ربما نصل إلى إشكالية تحميل اللوحة أكثر مما تحتمل».

نتوقف في جانب آخر من زوايا المعرض عند أربع لوحات يكتسيها الإظلام وترتكز فيها المناورة على لونين فقط، والهدف يكمن في إجابة الفنان بأن «تسليط الضوء على الأجسام الموجودة في العمل هو من يرسم المشهد، صحيح نحن نرى في لوحة تجانس محتوياتها وتطابقها في اللون، إلا أن انعكاس الضوء عليها ومن زوايا مختلفة كما أشرنا سابقا هو من يمنحها الاختلاف، وبذلك نحصل من ذات التكوين على نسخ متعددة الدلالات».

سمك وليمون
ينتهي الحديث مع الغرياني بتأمل لوحات تحتفي باللون الأصفر عبر الليمون الذي شكل وجوده مع محتويات المشهد فارقا لونيا يمكن المتلقي من تبين توصيف جمالي وفني للعمل، وبتحديد تموضع الليمونة ذاتها تبرز المقارنة أو تصبح الالتفاتة واجبة نحو المناطق المعتمة أو المظللة في اللوحة، وندرك على نحو آخر جمالية الضفة المقابلة بخاصية التباين والانعكاس، وهو ما اعتمده الفنان أيضا في لوحة السمكة الذي يحيلنا إلى سؤال أولي: ما الذي يمكن العثور عليه أو ملامسته إذا ما نقلنا هذا الكائن البحري خارج مكانه وكيف نفهم وجوده في حيز ما كالصحن؟ قد نستدعي بعض الإجابات، لكننا معنيين بانطباعاتنا، وكذلك إدراك أن دلالات الأجسام هنا تتعدى الملمح المباشر، فهي تجوس دواخلنا دون أن ننتبه أحيانا، وفي النهاية تتقوى وتندفع مفصحة عن وميضها المدهش في تعليق أو جملة أو إشارة إعجاب.

نقلا عن جريدة «الوسط» الأسبوعية

الفنان الفوتوغرافي أحمد الغرياني يروي سيرة الضوء والظل في ذاكرة الإنسان عبر معرضه «ضي» بدار الفقيه حسن (بوابة الوسط)
الفنان الفوتوغرافي أحمد الغرياني يروي سيرة الضوء والظل في ذاكرة الإنسان عبر معرضه «ضي» بدار الفقيه حسن (بوابة الوسط)
الفنان الفوتوغرافي أحمد الغرياني يروي سيرة الضوء والظل في ذاكرة الإنسان عبر معرضه «ضي» بدار الفقيه حسن (بوابة الوسط)
الفنان الفوتوغرافي أحمد الغرياني يروي سيرة الضوء والظل في ذاكرة الإنسان عبر معرضه «ضي» بدار الفقيه حسن (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر للصحفيين
نقابة الممثلين المصرية تمنع الإعلام من عزاء «السعدني».. وتعتذر ...
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في السويد
انطلاق فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان مالمو للسينما العربية في ...
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
جلسة وجدانية حول «زياد علي» في مركز المحفوظات الأربعاء
«سيفيل وور» يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية
«سيفيل وور» يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية
نقل المغني كينجي جيراك إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري
نقل المغني كينجي جيراك إلى المستشفى بعد إصابته بطلق ناري
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم