الفنانة التشكيلية شفاء سالم
«عندما تتسع الرؤيا تضيق العبارة» هي من حكم الإمام المتصوف النفري، وهي قول بليغ للغاية، فالتدبر في هذه الكلمات الخمس تجعل جماعة «هرمنا» يرفعون أناملهم، خصوصًا السبابة والإبهام، لا شعوريًّا ليتحسسوا بدرجات متفاوتة أجزاء من وجوههم، خصوصًا حلمة الأذن، أو تجويف الأنف، في محاولة إلهاء العقل عن التفكير فيما عدا ومضى! ذلك السلوك هو في الواقع، خدعة قديمة طورها المرء ليهرب من ملامة النفس. ذلك يحدث عندما تتسع الرؤيا وأيضًا الرواء.
لوحة رقصة «الكاسكا»، وُظفت بجماليات الرمز،
صباح هذا اليوم أبعدت سبابتي وإبهامي أكثر من مرة، من على أنفي، ولكن النفس الجبارة تخدعني، وتذهب بهما نحو أذني! وسبب ذلك أنني ظللت أتأمل لوحات الفنانة الشابة شفاء سالم، التي يفترض أنني أعرفها، فهي من مدينتي، وتربطني بأقاربها علاقات عائلية. حيرتي سببها كيف أنني لم أرَ من قبل إبداعها الفريد، الملون بالتاريخ القديم والحديث أيضًا، وبتراثنا الجميل، لوحة رقصة «الكاسكا»، على سبيل المثال، وُظفت بجماليات الرمز، وتذهب بالمشاهد نحو ما يدور من أعمال عنف، تحدث الآن، في بلادنا. ونتساءل: كيف ولماذا أصبحت رقصاتنا الجميلة ترمز إلى العنف؟!
حاضرة بلوحاتها البديعة التي أوصلتني روعتها حد الدهشة
وتحولت دهشتي إلى ألم عندما بحثت في هذا الفضاء، الذي أصبح في متناول عدم المهتمين بالمعرفة، فما بالك بنقاد المعرفة! لم أجد سوى أسطر قليلة كُتبت عنها، وزاد من ألمي أنني شاهدت أصدقاء أعرف أنهم نقاد جيدون ومهتمون بالفن التشكيلي، كانوا حاضرين في معارض فنية، وكانت الفنانة الشابة شفاء سالم، حاضرة بلوحاتها البديعة التي أوصلتني روعتها حد الدهشة. وبحثت ولم أجد سوى سطر واحد يقول: «أما الفنانة الشابة شفاء سالم، فقد سبق وتحصلت على الترتيب الأول بجائزة الليبو الخاصة بالبورتريه في العام 2016». كان سطر واحد، وكفى! http://alwasat.ly/news/art-culture/239052
لم أجد ما أقوله في تقديمها إليكم سوى ما اقتبسته من صفحتها: «فنانة تشكيلية ليبية، وُلدت العام 1996، نشأت واستقرت في بنغازي- ليبيا، تدرس الهندسة المعمارية في جامعة بنغازي، بدأت فنها سنة 2016، وأبدت اهتمامًا بالفن التشكيلي كوسيلة تعبر بها عن تجربتها الذاتية وتجارب الآخرين الذين يعيشون في هذا العصر بطريقة يمكن للناس الارتباط بها، وتوظيف التاريخ للتعبير عن الحاضر. تستخدم شفاء الألوان الزيتية بشكل أساسي في عملها، ولكن دائمًا ما تجرِّب وسائط مختلفة، ولديها بعض اللوحات الأكريليكية وبعض الأعمال الجدارية، ولديها أيضًا أعمال في تصميم الغرافيك. تستحضر شفاء ما يحدث حولها في المنطقة وتجربة الليبيين كمصدر إلهام فني، وأيضًا المحتوى التاريخي المنسي لليبيا، وذلك إضافة إلى تجاربها الذاتية.
أرى أصابع ستشير إلى لوحاتك، قائلة: «هذه فنانة من ليبيا»
عُرضت أعمالها لأول مرة في بنغازي، بعد مشروع أطلقته بعنوان «Tanarout Artspace» ، كما أقامت عرضًا جماعيًّا في تونس مع فنانين من جميع أنحاء العالم ، مع «بيت إسكندر للفنون» نظمتها وزارة الثقافة تحت عنوان «أيام قرطاج للفن المعاصر»، بالإضافة إلى المشاركة بمعرض «طين» للأعمال النحتية المقام مع «بيت إسكندر للفنون»، والمستضاف في براح للثقافة والفنون بمدينة بنغازي.
فمزيد من الألق والنجاح أيتها الفنانة المبدعة، وأقول لكِ إنني انتبهت أنه لديك الكثير، الذي أتطلع أن يأخذك إلى نجاح عالمي، أرى أصابعه ستشير إلى لوحاتك، قائلة: «هذه فنانة من ليبيا»، فبلد يبدع فيه أمثالك، سيعود آمنًا خلاقًا، مسالمًا، واحدًا موحدًا مثلما كان ومثلما ينبغي أن يكون. وختاما وجب التنوية ان تسمية اللوحات من رؤية معد الموضوع وليس من الفنانة.
تعليقات