تستهدف الحكومة المصرية من وراء مشروع قناة السويس الجديدة إلى تحويل الممر الملاحي إلى مركز أعمال عالمي متكامل يعتمد على خدمات النقل البحري من إصلاح سفن، وتموين بالوقود، وخدمات القطر والإنقاذ، ودهان، ونظافة السفن، وخدمات شحن وتفريغ، بالإضافة إلى إنشاء مجمعات صناعية جديدة، ومجمعات للتعبئة والتغليف، ومراكز لوجيستية.

وأصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تعديلاته في يونيو الماضي على قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وهو ما أتاح للمستثمرين مجموعة من المزايا الضريبية والجمركية. ويعتبر قانون المناطق الاقتصادية رقم 83 لسنة 2002، هو الإطار التشريعي الذي تم الاتفاق على أن يكون هو المنظم لمشروع تنمية منطقة قناة السويس.

ووفقًا لتصريحات حكومية متواترة، فإن استثمارات المشروع ستزيد على 100 مليار دولار، من خلال تنفيذه على مرحلتين، تبدأ الأولى من العام الحالي وحتى 2030، وستوفر مليون فرصة عمل، والمرحلة الثانية حتى العام 2045.

تعديلات قانون المناطق الصناعية لم تطرق بشكل خاص إلى مشروع قناة السويس ولم تحدد الإطار الجغرافي للمشروع

وعلى الرغم من أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر تعديلاته على قانون المناطق الصناعية من أجل وضع إطار خاص لمشروع قناة السويس الجديدة، لكن تلك التعديلات لم تطرق بشكل خاص إلى مشروع قناة السويس، فضلاً عن أنها لم تحدد الإطار الجغرافي للمشروع، و«ما إذا كان سيتم التعامل مع المشروع الذي يقع في 3 محافظات كمنطقة اقتصادية واحدة أم أكثر».

ووفقًا لتقرير موقع «أصوات مصرية»، قال عضو الجبهة الشعبية لمحور قناة السويس أشرف دويدار: «كنا ننتظر قانونًا لتنمية منطقة قناة السويس يحدد الإطار الجغرافي للمشروع بشكل واضح.. القانون بشكله الحالي يسمح لرئيس الجمهورية بتحديد مساحة المشروع وإطاره الجغرافي وهو ما كنا نختلف فيه من قبل حين طرح الإخوان المشروع». واعتبر دويدار أن القانون «لم يلب طموحاتهم في الجبهة»، كما أنه «يطرح تساؤلات أكثر من تقديمه إجابات يبحث عنها المستثمرون».

لكنّ المستشار القانوني لمشروع قناة السويس هاني سري الدين، قال إن القائمين على المشروع اتفقوا خلال الدراسات التحضيرية أن تنمية منطقة قناة السويس لا تحتاج إلى قانون خاص، مفضلين أن تنشأ كمنطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة.

وقال سري الدين إن التعديلات التي اقترحها على القانون وتمت الموافقة عليها، جاءت لمراعاة ما حدث من تطورات في القوانين والاستثمار خلال السنوات العشر الماضية، ولتجنب المشكلات التي أسفر عنها التطبيق الفعلي لقانون الاستثمار. ومنذ إصدار القانون قبل 13 عامًا لم تنشئ الحكومة سوى منطقة اقتصادية واحدة في شمال غرب خليج السويس.

الاتفاق على أن يعامل المشروع على أنه منطقة اقتصادية واحدة تديرها هيئة واحدة كمنطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة

وأشار سري الدين إلى أن الإطار الجغرافي لمشروع محور قناة السويس، تم تحديده في المخطط العام للمشروع وهو الذي أعدته شركة دار الهندسة واعتمده رئيس الجمهورية والحكومة، ويقع على مساحة 460 كيلو مترًا في ثلاث محافظات وهي الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، ويضم ستة موانئ.

وشدد على أنه تم الاتفاق على أن يعامل المشروع على أنه منطقة اقتصادية واحدة، تديرها هيئة واحدة كمنطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة، لافتًا إلى أن مخطط المشروع يعتمد على إنشاء ظهير صناعي وخدمي وزراعي وسياحي لكل ميناء، وفقًا للمخطط العام.

إلغاء ضريبة الـ10%
قررت الحكومة المصرية في مارس الماضي توحيد الحد الأقصى لضريبة الدخل عند 22.5% على أن تسري بداية من العام المالي الجاري (2015-2016)، وتثبيتها لمدة 10 سنوات. وشمل القرار المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة التي سيتم إنشاؤها مستقبلاً، والتي كان الحد الأقصى لضريبة الدخل فيها 10% فقط، وذلك على عكس رغبة تحالف دار الهندسة الذي وضع المخطط العام للمشروع.

واتفق عضو الجبهة الشعبية لمحور قناة السويس أشرف دويدار، والمستشار القانوني لمشروع قناة السويس هاني سري الدين، على ضرورة الإبقاء على الحوافز الضريبية كميزة إضافية لجذب المستثمرين في المرحلة الأولى من المشروع. لكنّ الخبير القانوني المتخصص في قضايا الشركات ياسر فتحي قال إن المستثمرين لا يعنيهم بالأساس سعر الضريبة بقدر اهتمامهم بثبات السياسة الضريبية وعدم تعديلها بشكل متكرر، وكذلك الحد من الفساد وتحسين مناخ الأعمال.

أبقى القانون على مجموعة من الحوافز الضريبية والجمركية «للحفاظ على تنافسية المنطقة»

ومقابل زيادة الحد الأقصى لضريبة الدخل، أبقى القانون على مجموعة من الحوافز الضريبية والجمركية «للحفاظ على تنافسية المنطقة». ونص القانون على أن «يكون لكل منطقة اقتصادية نظام جمركي خاص لتبسيط وتسريع إجراءات التفتيش والإفراج الجمركي واختصارها، وأسس تثمين واضحة ومعلنة». وتعمل المنطقة الاقتصادية كدائرة جمركية خاصة، يديرها ويشرف على تنفيذ نظامها الجمركي الخاص لجنة عليا تُمَثل فيها وزارة المالية ومصلحة الجمارك وإدارة الميناء.

ويشترط القانون عدم اللجوء للقضاء في المنازعات الخاصة بتقدير الضرائب والجمارك إلا عقب اللجوء إلى هيئة التوفيق بمركز تسوية المنازعات الذي ينص القانون على إنشائه لتسوية المنازعات الضريبية والجمركية والعمالية والمنازعات الخاصة بالعقود.

كما لا تسرى على المنطقة أحكام قوانين ضرائب المبيعات والدمغة ورسوم تنمية موارد الدولة، ولا يسري عليها أي نوع آخر من الرسوم أو الضرائب المباشرة أو غير المباشرة. ولا تخضع للضرائب أو الجمارك كل من المعدات والآلات والأجهزة والمواد الخام وقطع الغيار ومكونات الإنتاج اللازمة لمزاولة النشاط داخل المنطقة، وكذلك السيارات والمركبات بكافة أنواعها متى كانت مخصصة لنشاط إنتاجي أو سلعي أو خدمي داخل المنطقة. غير أن منتجات المناطق الاقتصادية ستدفع الجمارك وضريبة المبيعات وكافة الضرائب والرسوم على المكونات المستوردة وحدها إذا تم بيعها في السوق المحلية.

لا تسرى على المنطقة أحكام قوانين ضرائب المبيعات والدمغة ورسوم تنمية موارد الدولة

ويقدم القانون مجموعة من المزايا والضمانات الأخرى لجذب المستثمرين، من بينها أن يكون تخصيص الأراضي والعقارات داخل المنطقة الاقتصادية بنظام حق الانتفاع لمدة 50 سنة قابلة للتجديد. ونص القانون على أنه «لا يجوز تأميم الشركات والمنشآت العاملة في المنطقة، كما لا يجوز فرض الحراسة على الشركات أو الحجز على أموالها أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها بغير حكم قضائي».

وأعفت التعديلات الجديدة الهيئة الاقتصادية من مراقبة وزارة المالية على الصرف، وهو التعديل الذي فسره هاني سري الدين بأنه يهدف إلى الحد من العقبات البيروقراطية وسرعة اتخاذ القرار، وأن هذا لا يمنع أن الهيئة خاضعة لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وكافة أجهزة الدولة الرقابية.