كشفت جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية تفاصيل خطة وضعها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لقطاع غزة بعد انتهاء العدوان العسكري، تشمل تواجد أمني إسرائيلي بالقطاع لفترة غير محددة، ووجود إدارة مدنية لا تربطها أي صلات بحركة «حماس»، وحل وكالة «أونروا» التابعة للأمم المتحدة.

وتعهد بنيامين نتنياهو في خطته بـ«الحفاظ على السيطرة العسكرية على القطاع لمدة غير محدودة»، مع السماح بوجود إدارة مدنية في القطاع لإدارة الحياة اليومية لسكان القطاع، لكن بشرط ألا تربطها أي صلات بحركة «حماس».

ورأت الجريدة الأميركية في تقرير مطول أن «تلك الخطة، في حال جرى تنفيذها، ستجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية المحتلة، على الأقل على المدى القصير»، مرجحة وقوع تصادم وشيك بين «إسرائيل» وعدد متزايد من شركائها الأجانب، بمن فيهم الولايات المتحدة، التي تدفع من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة بعد انتهاء الحرب على غزة.

ودان الجانب الفلسطيني على الفور الخطة الإسرائيلية. وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إنها «تهدف إلى إدامة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومنع قيام الدولة الفلسطينية».

خطة نتنياهو لما بعد الحرب
وتدعو خطة نتنياهو إلى حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، المعنية بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى القسم الأكبر من غزة. كما تطالب بإعادة هيكلة المناهج التعليمية في مدارس القطاع والرعاية الاجتماعية، وإنشاء مناطق عازلة على طول الحدود مع مصر.

تأتي تلك الخطة في الوقت الذي يشارك فيه وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة و«إسرائيل» في جولة جديدة من المحادثات في فرنسا، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. كما تتزامن مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، التي عبر فيها عن خيبة أمل بسبب عزم تل أبيب بناء ثلاثة آلاف مستوطنة جديدة في الضفة الغربية.

وداخل «إسرائيل»، قوبلت خطة نتنياهو باستجابة صامتة، حسب «نيويورك تايمز»، خصوصا أن عديد المقترحات الداخلية تتوافق مع الرأي العام في إسرائيل الذي يرى أنه من الصعب إنشاء دولة فلسطينية في المدى القصير.

لغة غامضة ورسائل مختلطة
غير أن محللين ومراقبين يرون أن «الخطة مؤلفة بعناية لتأجيل القرارات الطويلة الأجل بشأن مصير غزة، وتجنب أي مواجهات مع الشركاء المحليين والأجانب. كما أن المقترح يرسل إشارة إلى قاعدة نتنياهو اليمينية بأنه يتحدى الضغوط الخارجية على إسرائيل للانسحاب من غزة».

في حين أن الغموض الذي يكتنف صياغة المقترح، حسب الجريدة، يبعث إشارات للولايات المتحدة والقوى الأجنبية التي تضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية بأنه «لا تزال هناك مساحة للمناورة».

لكن على الأرجح سيثير المقترح الإسرائيلي غضب جيران الاحتلال وحلفائه، حسب «نيويورك تايمز»، إذ يقضي بإنشاء منطقة عازلة تسيطر عليها «إسرائيل» على طول حدود غزة مع مصر، وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تأجيج التوترات في المنطقة.

وتدلل الخطة أيضا على عزم «إسرائيل» الاحتفاظ بالسيطرة على مساحات داخل غزة على طول الحدود الإسرائيلية، حيث يهدم جيشها آلاف المباني بشكل منهجي من أجل إنشاء منطقة عازلة أخرى.

قضايا عالقة
ولا تتناول الخطة صراحة الموضوعات الأكثر إثارة للجدل خارج «إسرائيل»، أبرزها ما إذا سيُسمح للمستوطنين الإسرائيليين بإعادة بناء مجتمعاتهم على أراضي غزة، كما يطالب أنصار نتنياهو اليمينيون.

وفيما يتعلق بإدارة القطاع، يقضي المقترح بتسليم الإدارة إلى «أصحاب المصلحة المحليين ذوي الخبرة الإدارية الذين لا ينتمون إلى دول أو كيانات تدعم الإرهاب». ويتعارض هذا الجزء مع المقترح الذي قدمته الإدارة الأميركية، الذي يقترح إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية، لإدارة القطاع بعد الحرب.

وتترك وثيقة نتنياهو الباب مفتوحا أمام إمكانية التوصل إلى تسوية دائمة مع الجانب الفلسطيني، لكنها تقول إن «ذلك لن يجرى تحقيقه سوى من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين»، في رفض ضمني لتلميحات دول، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد.