Atwasat

نص كلمة السفیر طاهر السني أمام مجلس الأمن (10 سبتمبر 2021)

القاهرة - بوابة الوسط السبت 11 سبتمبر 2021, 01:18 صباحا
WTV_Frequency

تحدث مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير الطاهر السني، مساء الجمعة، ضمن الإحاطة الدورية إلى مجلس الأمن الدولي حول تطورات الأوضاع في ليبيا.

وجاء نص كلمة السني، وفق بعثة ليبيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، كالتالي:

السيد الرئيس..

في البداية أتقدم لكم بالتهنئة ولجمهورية أيرلندا، بمناسبة ترؤسكم مجلس الأمن لهذا الشهر وأتمنى لكم التوفيق، كما أتقدم بالشكر لمعالي الأمين العام على تقريره الأخير، والشكر موصول أيضًا للسيد يان كوبيش على إحاطته حول آخر التطورات التي تشهدها ليبيا.

السيدات والسادة..

حديثنا معكم اليوم يأتي في وقتٍ مهم ومِفصلي من عمر الأزمة في بلادي، هذه الأزمة التي بدأنا نشهد فيها بوادر الانفراج وخطوات حقيقة لرأب الصدع بين الليبيين، وذلك منذ أن تم إعلان وقف إطلاق النار في أكتوبر من العام الماضي، وما تم من توافقات نتج عنها اختيار المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية من خلال ملتقى الحوار السياسي في تونس الشقيقة، والتي نشكرها مجددًا على كل ما قامت به منذ سنوات.. ولا تزال.. لدعم الشعب الليبي.

ورغم كل التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي والحكومة منذ اعتمادها، ورغم تأخر توحيد المناصب السيادية المنوطة بمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، فقد تم بما أُتيح من إمكانات، وفي انتظار اعتماد الميزانية العامة، تم توحيد ودمج المؤسسات التنفيذية بشكلٍ كبير، كما تم إطلاق بعض المشاريع الخدمية الأساسية والعاجلة للبدء في معالجة أهم الملفات التي تمس المواطن، مثل التي تُعنى بملف الطاقة والكهرباء وبعض الإصلاحات الاقتصادية المهمة، كما تم إعطاء جائحة «كوفيد-19» أهمية خاصة، وذلك بتوفير اللقاحات والتي بلغت ثلاثة ملايين لقاح في انتظار ملايين أخرى، وإعداد مراكز التلقيح في عدة مناطق في البلاد، ولا يزال العمل جاريًا لتحسين الخدمات الطبية لمواجهة تبعات هذا الوباء العالمي، وبهذه المناسبة نشكر الدول الصديقة والمنظمات الدولية التي ساهمت في تقديم الدعم في الآونة الأخيرة.

وفي إطار عمل الحكومة لإيصال الخدمات لجميع أنحاء البلاد وإرساء مبدأ الإدارة اللامركزية وعدم التهميش، فقد تم الإعلان عن تفعيل قانون الإدارة المحلية والبدء في البرنامج الوطني لنقل الاختصاصات للبلديات، وتمكينها من تحصيل إيراداتها المحلية ودعم البلديات في مشاريعها الخدمية والتنموية.

وفي السياق نفسه، وحرصًا على الإيفاء بالتزامات السلطة التنفيذية تجاه خارطة الطريق نحو الانتخابات العامة، فقد تم تشكيل لجنةً وزارية لدعم وإنجاح الانتخابات، وذلك لتقديم المساعدات اللازمة سواء الفنية واللوجستية أو المادية لدعم عمل المفوضية العليا للانتخابات، وتوعية وتشجيع المواطنين على التسجيل في سجلات الناخبين بالداخل، كما أشرفت وزارة الخارجية على عملية تسجيل الناخبين في الخارج؛ حيث بلغ عدد المسجلين حتى الآن 2.8 مليون ناخب، كما تم إعداد خطة شاملة لتأمين مراكز الاقتراع من خلال تدريب أكثر من ثلاثين ألف شرطي بوزارة الداخلية.

وفي هذا الصدد؛ فإننا ندعو الأجسام المعنية، إلى الإسراع بالتوافق وإتمام الاستحقاقات المنوطة بهم بشكلٍ صحيح، وحسبما ورد في الاتفاق السياسي وخارطة الطريق التي اعتمدهما هذا المجلس، بما يضمن وفاقًا وطنيًا حقيقيًا وعدم تكرار الصراعات والانقسامات الماضية، ومن أجل ضمان قبول كل الأطراف بنتائج الانتخابات المقررة نهاية هذا العام وعدم تشويه المسار الديمقراطي الذي يتطلع إليه الليبيون، كما ندعو الأمم المتحدة مجددًا بالإسراع في إرسال فريق تقييم الاحتياجات الخاصة بالانتخابات إلى ليبيا، للوقوف على الاستعدادات الفنية والأمنية وتحديد الدعم اللازم لمؤسسات الدولة لضمان عملية انتخابية ناجحة شفافة ونزيهة.

السيدات والسادة..

لا شك في أن المبادرات الوطنية لحل الأزمة في ليبيا تشكل الأساس الذي يمكننا من خلاله العمل على تحقيق الاستقرار، وقد دعا هذا المجلس ومن خلال بيانات أعضائه في عديد المرات بأهمية ملكية الليبيين وقيادتهم لأي عملية سياسية تقود البلاد إلى الاستقرار، وفرض سيادة الدولة الليبية على كامل أراضيها، ولهذا أعلنت حكومة الوحدة الوطنية إطلاق «مبادرة استقرار ليبيا»، هذه المبادرة الوطنية الخالصة والتي تهدف لتحقيق الاستقرار المستدام، وتقوم على أساس مسارين مهمين؛ هما المسار الأمني والمسار الاقتصادي، فكلا المسارين مرتبطٌ بالآخر، ويحتاج تكاتف الجميع حتى يتم تحقيق أهدافها، مثل توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية تحت سلطة مدنية، وإحلال ودمج المقاتلين واحتكار الدولة للسلاح، وكذلك إطلاق استراتيجية اقتصادية شاملة تقوم على أساس العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وإعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار، ندعوكم لتقديم الدعم لهذه المبادرة الوطنية، خاصة أنها ترتكز على مخرجات مؤتمري برلين وقراري مجلس الأمن 2570-2571، وفي هذا السياق، ندعوكم للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي دعت إليه الحكومة الشهر المقبل، والذي تستضيفه ليبيا وتشارك فيه الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدول الشقيقة والصديقة التي تود المساهمة الفعلية في دعم ليبيا واستقرارها.

أيها السيدات والسادة.. ها نحن نمد يدنا لكم ومنفتحون على الجميع لدعم استقرار ليبيا وإعادة بناء الثقة بين الشعب الليبي والمجتمع الدولي، المجتمع الدولي الذي كان له المسؤولية المباشرة فيما آلت إليه الأوضاع في ليبيا منذ 2011، فهذه فرصة لإثبات حسن النوايا وفرصة للتكفير عن أخطاء الماضي، والحاضر القريب والتي اعترفتم بها بأنفسكم، ونحن بهذه المناسبة نرحب بالمصالحات الدولية الأخيرة ومراجعة عدة دول لسياساتها السابقة، وبعد اقتناع الجميع أنه لا حل عسكريًا للأزمة الليبية، وبلا شك كل ذلك له التأثير الإيجابي على الوضع في ليبيا، لأننا لن نقبل أي نوع من التدخلات الخارجية السلبية في شؤوننا من جديد، وندعوكم أن تساهموا معنا في البناء والإعمار وليس في الهدم والدمار.

- السني يدعو الأمم المتحدة لإرسال فريق تقييم الاحتياجات الخاصة بالانتخابات إلى ليبيا

السيدات والسادة..

تؤكد حكومة الوحدة الوطنية على الدور المحوري لدول الجوار الليبي في المساعدة في تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة، ونتقدم بهذه المناسبة بالشكر للجزائر الشقيق على استضافة الاجتماع الوزاري لدول الجوار والذي عُقِد منذ أيام، ونتطلع للاجتماع الثاني الذي ستستضيفه الجارة مصر لمتابعة هذه الحوارات؛ حيث تم التأكيد فيها على دعم مبادرة استقرار ليبيا ودعم المسار السياسي ومخرجات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وعلى حتمية أن يكون الحل للأزمة الليبية ليبيًا خالصًا، وضرورة الاستجابة لمطلب الشعب الليبي السيادي غير قابل للمساومة، بخروج جميع المقاتلين والمرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد بشكلٍ متزامن، وتحت إشراف مباشر من الدولة الليبية، وبجلوسها على طاولة أي مفاوضات بالخصوص، مع وضع آلية مشتركة تضمن عدم نقل الصراع إلى دول الجوار، مما يهدد أمن المنطقة وبالأخص دول الساحل الأفريقي، ولنا فيما حدث في الجارة تشاد خير مثال، وفي هذا الإطار تم الإعلان عن تفعيل الاتفاقية الرباعية المشتركة بين ليبياوالنيجر وتشاد والسودان، بشأن تحقيق الأمن بأبعاده المختلفة على الحدود المشتركة.

وعند حديثنا عن دول الجوار ودورها، لا يفوتنا أيضًا تقديم الشكر للمغرب الشقيق لمساعيه المستمرة واستضافته عديد المرات لعدة أطراف سياسية ليبية، لتهيئة الظروف المناسبة لإيجاد حلول توافقية سلمية للأزمة الراهنة.

السيدات والسادة..

فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، تعيد حكومة بلادي مجددًا تأكيدها على أنها تعمل بكل جدية لضمان احترام حقوق الإنسان، وعدم اقتراف انتهاكات جديدة بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الصراع، وتؤكد أيضًا على أن الجهات الوطنية المختصة وبالتعاون مع الأمم المتحدة ومن خلال لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، قامت بعدة لقاءات وزيارات ميدانية وبالأخص لمعاينة المقابر الجماعية المكتشفة ولا تزال تُكتشف في ترهونة ولقاء أُسر الضحايا؛ حيث تعمل على استكمال التحقيقات الضرورية حول جرائم الحرب التي تم اقترافها والكشف عن مصير المفقودين والمحتجزين خارج إطار القانون في أنحاء البلاد، وذلك لإرساء مبدأ عدم الإفلات من العقاب وتقديم المجرمين للعدالة، لأن الجرائم لا تسقط بالتقادم.

أما بخصوص ملف الهجرة فإننا نعيد التأكيد مجددًا على أهمية إيجاد حل لهذه الظاهرة الدولية والعمل على إيجاد آليات تعاون دولي شامل يسهم في تنمية الدول التي يشكل مواطنوها مصدرًا للهجرة الدولية، كما نؤكد مجددًا على أن ليبيا دولة عبور وليست مقصدًا، ولكن ليبيا باستقرارها تستطيع أن تساهم في علاج هذه الظاهرة وبالأخص بحكم علاقاتها التاريخية مع جيرانها.

السيدات والسادة..

لا يفوتنا التذكير في كل مناسبة بأهمية ملف المصالحة الوطنية الشاملة، هذا الملف الذي افتُقد خلال السنوات العشر الماضية، ومن الواضح أن غيابه كان له التأثير المباشر لفشل الحوارات وعديد المبادرات السابقة، رغم أنه يعتبر وبلا شك اللبنة الأساسية لنجاح واستدامة أي توافقات وتسويات سياسية.

وفي هذا الصدد، تابع الجميع أولى الخطوات الملموسة لمشوار المصالحة وإعادة بناء الثقة بين الليبيين، فبفضل جهود المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وبالتنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، استمر تبادل الأسرى والمحتجزين وتم فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وتشكيل قوة مشتركة لتأمين عدة مواقع استراتيجية، بالإضافة إلى ذلك وامتثالًا لأحكام القضاء، وبالتنسيق مع مكتب النائب العام ووزارة العدل، تم إطلاق سراح عديد السجناء من الذين تم تبرئتهم سابقًا وممن تقضي أوضاعهم القانونية ذلك.

لذا ومن هذا المنبر ندعوكم لدعم مفوضية المصالحة الوطنية التي أعلن عنها السيد رئيس المجلس الرئاسي مؤخرًا، وكذلك دعم جهود السيد رئيس الحكومة من أجل البدء في مشروع متكامل لمصالحة وطنية غير مجتزئة، لأن مشوار المصالحة كما تعلمون طويل ومساراته عديدة ومترابطة… فهو يبدأ بتفعيل القضاء وتطبيق العدالة الانتقالية.. ويبدأ بالمصارحة والمكاشفة والاعتراف بالخطأ والاعتذار وجبر الضرر، ويبدأ بالإفراج عن المسجونين قسرًا في كامل أنحاء البلاد، ويبدأ بعودة المهجرين والنازحين والكشف عن مصير المفقودين، بهذه الأمور يمكن أن نصل إلى وئام وطني ومصالحة وطنية حقيقية؛ لذا نحتاج دعم الجميع، ونكرر مرة أخرى دعوتنا للاتحاد الأفريقي وبما له من خبرة ودراية في هذا الشأن ندعوه لدعم ليبيا في هذا المسار الوطني، هذا الاتحاد الذي يصادف يوم أمس إعلان إنشائه يوم 9-9 في مدينة سرت.

في الختام، أدعو شعبنا الليبي بجميع انتماءاتهم وتوجهاتهم، ومهما كانت الجراح.. أن نتصافح ونتسامح ونكف عن اجترار الماضي، أدعوكم لإعلاء شعلة العدالة والمصالحة والسلام، والعفو عند المقدرة، فكما قال نلسون مانديلا عند إطلاق المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا: «إن الشجعان لا يخشون التسامح من أجل السلام».

نحن نمر بمرحلة حرجة من تاريخ الأمة الليبية، تحتم علينا العمل على إنجاح توافق الليبيين والتصدي لأي معرقلين، مرحلة يجب علينا فيها دعم شبابنا الذين ظُلموا ودُفِعوا لحمل السلاح وكانوا وقودًا للحرب والصراع، علينا معًا إنهاء جميع أنواع التدخلات الخارجية الهدّامة ومن يقفون حجر عثرة أمام طموحات الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة وتقرير المصير... ونؤكد للجميع أن ليبيا بدأت تتعافى وستعود قوية… فهي لم ولن تنكسر، لأن الشعب الليبي أصبح واعيًا لكل ما أُحيك ويُحاك ضده في محاولة لإضعافه وسلب إرادته، ولكن هذا لن يحدث أبداً، فقد أصبح محالًا ودربًا من خيال…

عاشت ليبيا دولة مدنية واحدة موحدة حرة أبية..

وشكرا..

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة الصحة
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم