Atwasat

خبراء «بروكينغز» يقترحون استراتيجية لمنع تجدد الفوضى في ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 18 فبراير 2021, 09:34 مساء
WTV_Frequency

قدم خبراء معهد «بروكينغز» للأبحاث الأميركي في رصدهم مآلات الصراع الليبي بعد 10 سنوات من الفوضى توصيات لتجنيب البلاد مزيد من الانقسام في ظل التوترات الاجتماعية والسياسية التي فاقمتها الجهات الأجنبية، في وقت تبقى الأسابيع الخمسة المقبلة مهمة إلا إذا تحقق الوفاء بالمواعيد النهائية للانتخابات وتهميش المفسدين. 

ويقارن الدبلوماسي الأميركي والباحث في مركز الأمن والاستراتيجية جيفري فيلتمان في ورقة له بمعهد «بروكينغز» بين الوضع الليبي قبل عام واحد أي الذكرى التاسعة لثورة 17 فبراير وتطور العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، معتبرا «الأسابيع الخمسة المقبلة حاسمة إذا تم الوفاء بالمواعيد النهائية وتهميش المفسدين»، حيث سيكون لليبيين سلطة تنفيذية موحدة لأول مرة منذ 2014 وإجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر 2021 الذكرى السبعين لاستقلال ليبيا.

ويرى فيلتمان أن التقدم في المسار السياسي مستمد من النجاح في المسار الأمني، ففي أكتوبر مدد ممثلون عسكريون تابعون للسلطات الشرقية والغربية (5+5) الهدنة الفعلية حول سرت إلى وقف إطلاق نار دائم. فيما تضمن المسار الاقتصادي، من بين أمور أخرى، أسعار صرف موحدة، والموافقة على ميزانية وطنية واحدة لأول مرة منذ العام 2014، واستعادة إنتاج النفط.

عودة الفوضى وأسواق النفط العالمية
ورغم ثنائه على تيسير بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا وخاصة المبعوثة الأميركية بالإنابة السابقة ستيفاني وليامز على التقدم في جميع المسارات الثلاثة، فقد حذر فيلتمان من توقف هذا الزخم بسبب «تعدد المفسدات الداخلية والخارجية المحتملة»، إلا إذا وضعت واشنطن قوتها وراء العملية السياسية الحالية.

ويعدد الدبلوماسي الأميركي المخاوف من استئناف الفوضى في ليبيا ما قد يؤثر على أسواق النفط العالمية ويقسم الحلفاء الأوروبيين في ملف الهجرة ويعقد جهود مكافحة الإرهاب، ويثير الشقاق بين الشركاء العرب والأتراك، ويعمق الانقسامات داخل «ناتو» بين فرنسا وتركيا، ويوفر فرصة لروسيا للتوسع في المنطقة. مثلما حدث عندما نشر الرئيس توماس جيفرسون قوات المارينز لمحاربة القراصنة على «شواطئ طرابلس» في العام 1805، كذلك اليوم لدينا مصالح استراتيجية في ليبيا.

اقرأ أيصا: «العفو الدولية» توثق إفلات الميليشيات في ليبيا من العدالة وحصدها «المكافآت»

بدورها تركز الباحثة في مركز الأمن والاستراتيجية فيديريكا سان فاسوني على انتخاب عبدالحميد دبيبة ومحمد المنفي رئيسين للحكومة وللمجلس الرئاسي على التوالي، فعلى الرغم من هذه التطورات المشجعة، فإن التوترات الاجتماعية والسياسية في الأراضي الليبية، والتي فاقمتها الجهات الأجنبية تمثل تحديًا خطيرًا على طريق الدبلوماسية. إذ يواجه الممثل الخاص للأمم المتحدة المعين حديثًا في ليبيا يان كوبيش مجموعة صعبة للغاية من المهام.

الروس والأتراك عززوا مواقفهم في ليبيا
وترى الباحثة أن ليبيا أصبحت أرضا خصبة للمنافسين الأجانب، والذين لدى العديد منهم ميليشيات على الأرض، على الرغم من طلب الليبيين في يناير انسحابهم، وذلك في ظل وجود حكومة ضعيفة وكوكبة من الميليشيات الليبية وأربع سنوات من الغياب الأميركي، مؤكدة أن الروس والأتراك عززوا مواقفهم، ولا شيء يوحي بأنهم سيغادرون. وبالتالي في مواجهة بعض التحسينات السياسية، لا تزال المواجهة العسكرية ممكنة، إذ سيكون ذلك خطيرًا بشكل غير عادي على العملية الديمقراطية مع توجه إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر. ودعت فيديريكا إلى الحاجة الآن إلى موقف قوي من الولايات المتحدة، وقبل كل شيء استراتيجية جادة تنفذها دبلوماسية قوية.

ويشاطرها الرأي الباحث في مركز الولايات المتحدة وأوروبا بافيل بايف الذي يحث الولايات المتحدة على الاحتفاظ بحصة في الإدارة الدولية للصراع الليبي لأسباب عديدة، من بينها أن روسيا منخرطة بشدة في حين تتظاهر موسكو بأنها تعمل كمحفز رئيسي للسلام لكنها في الواقع تعمل كمفسد على حد تعبيره.

وقال بايف إن روسيا بدأت تدخلاً مختلطًا في ليبيا في العام 2018 انعكاسًا لطموحاتها الجيوسياسية ولكن أيضًا لحثها على «التراجع» عن خطأ السماح للغرب بإطلاق العنان لفوضى عنيفة لا يمكن السيطرة عليها في البلاد قبل سنوات. على عكس التدخل العسكري الرسمي في سورية الذي أطلقته موسكو في العام 2015، تضمنت العملية في ليبيا فقط نشر حوالي 1500 من المرتزقة من مجموعة «فاغنر» معتبرا هذا النهج أقل تكلفة ويمكنها من إنكاره تمامًا. ليتحول هذا التواجد إلى هزيمة بمجرد قرار تركيا دعم حكومة الوفاق الوطني في أوائل العام 2020 خلال معركة طرابلس. بعدها أبرمت روسيا صفقة غير رسمية مع تركيا، وظلت الأعمال العدائية مجمدة طوال الوقت على مستوى خط سرت الجفرة.

أسوأ من عهد القذافي
ويعود الباحث في مركز «بروكينغز»، رانج علاء الدين إلى المراحل الأولى لثورة 17 فبراير 2011 حين تحدث إلى ليبيين في بنغازي وممثلي المعارضة والثوار الذين يخوضون المعركة، ولمس فيهم الروح الثورية بما في ذلك الشعور بالتفاؤل بشأن مستقبل البلاد. في حين أن ليبيا غارقة في حالة من عدم الاستقرار اليوم، استدرك يقول «من المهم ألا نغفل عن الاحتمال الحقيقي بأن ليبيا ستكون في وضع أسوأ بكثير لو بقي القذافي في السلطة، ولا يحتاج المرء إلا النظر إلى سورية».

ومع ذلك ينتقد فشل المجتمع الدولي وشركائه الليبيين في تحقيق ما يمكن القول إنه الهدف الأكثر إلحاحًا في أعقاب أي صراع وهو نزع سلاح الميليشيات، تمهيدًا لإنشاء قوة أمنية محترفة، ومنع انتشار الأسلحة وإتاحة التفاوض عبر مسارات للاستقرار السياسي. كما لم تُتبع تداعيات الثورة بترتيب قابل للتطبيق لتقاسم السلطة وأدى الاندفاع إلى إجراء انتخابات قبل تأمين المصالحة إلى تفاقم الانقسامات وترسيخ ميزان القوى العسكري السائد، فضاعت فرصة البناء على نجاح التدخل لتأسيس قصة نجاح في أعقاب ما بعد الصراع.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يناقش هواجس ليبيا: الحرب القادمة.. تهويل سياسي أم حقيقة مرتقبة؟
«وسط الخبر» يناقش هواجس ليبيا: الحرب القادمة.. تهويل سياسي أم ...
مواطنون من تاورغاء يرفضون التبعية لبلدية مصراتة
مواطنون من تاورغاء يرفضون التبعية لبلدية مصراتة
عقيلة يدعو النواب لمناقشة قانون الميزانية بجلسة الإثنين
عقيلة يدعو النواب لمناقشة قانون الميزانية بجلسة الإثنين
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ليبيا» الجمعة
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم