بعد 49 عملية جراحية والتهابات مقاومة للعلاجات لم تترك بدًا من البتر، تمكن كريستوف من إنقاذ ساقه بفضل طريقة طواها النسيان منذ شيوع استخدام المضادات الحيوية، وهي الاعتماد على فيروسات تأكل البكتيريا.
وتوصل الفرنسي كريستوف نوفو (47 عامًا) إلى هذا الحل بفضل رحلة إلى جورجيا، أحد آخر بلدان العالم التي ما زالت تعتمد العلاج بـ«العاثية»، أي استخدام الفيروسات لمهاجمة البكتيريا، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ومنذ نحو 15 عامًا، تلتفت الأنظار مجددًا إلى هذا الأسلوب العلاجي القديم في بلدان مثل الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا، وذلك فيما تبدي البكتيريات مقاومة متزايدة إزاء المضادات، وهو تحدٍ يثير القلق على مستوى العالم.
في نوفمبر الماضي، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن بقاء الاستخدام المفرط والخطأ للمضادات الحيوية على ما هو عليه، يمكن أن يجعل العالم في مرحلة «ما بعد المضادات الحيوية»، التي تعود فيها بعض الإصابات الشائعة والقابلة للعلاج حاليًّا، لتكون قاتلة.
ويقول أحد رواد إعادة إحياء العلاج بالفيروسات، الطبيب آلان دوبلانشيه، «إن هذه الطريقة يمكن أن تستخدَم في علاج الالتهابات في العظام والمفاصل، وأيضًا في التهابات المسالك البولية والرئتين والعينين».
واكتشفت هذه الطريقة العلاجية أثناء الحرب العالمية الأولى، وتطورت بعد ذلك في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وهي تقوم على استخدام الفيروسات الآكلة للبكتيريا (العاثية) الموجودة بكثرة في الطبيعة وفي المياه المستخدمة وفي جسم الإنسان، ولاسيما في الأمعاء.
وهذه الفيروسات لديها تأثير أضيق نطاقًا من المضادات الحيوية، فهي تدمر البكتيريا من دون أن تسبب أي أذى للجسم، بحسب دوبلانشيه الذي يؤكد أنه عالج نحو 15 مريضًا بهذا الأسلوب في السنوات الماضية.
ويستغرق العلاج عادة مدة قصيرة لا تزيد على أسبوعين إلى ثلاثة، وهو أقل تكلفة من استخدام المضادات الحيوية.
المختبرات غير مهتمة:
لكن تطور هذا العلاج تعرقله قلة اهتمام المختبرات به، لأن الفيروسات المستخدمة تستخرج من الطبيعة وهي بالتالي ليست تركيبات لديها براءات اختراع.
وفي الولايات المتحدة، أُقر استخدام بعض الفيروسات المهاجمة للبكتيريا، ولكن فقط في مجال السلامة الغذائية، وليس في مجال الطب، حسب الوكالة الفرنسية.
وفي العام 2013، أطلق الاتحاد الأوروبي المشروع الأول في هذا المجال تحت اسم «فاغوبورن»، لاختبار الفيروسات الفعالة في القضاء على البكتيريات المقاومة للمضادات، التي تهاجم القروح الناجمة عن الحروق، بمشاركة 12 مصابًا من فرنسا وبلجيكا وسويسرا.
وقبل انتظار النتائج، أعطت الوكالة الفرنسية للأدوية موافقتها الأولى لاستخدام العلاج على مصاب بحرق قوي في نوفمبر الماضي.
تعليقات