Atwasat

اكتشاف دور تلوث الهواء في التسبب ببعض سرطانات الرئة

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 11 سبتمبر 2022, 03:06 مساء
WTV_Frequency

تبدو بعض ملوثات الهواء أشبه بـ«قاتل خفي»، إذ يمكن أن تتسبب بعدد من سرطانات الرئة لدى أشخاص من غير المدخنين، من خلال آلية شرحتها دراسة نشرت، السبت، يشكل التوصل إلى فهمها «خطوة مهمة للعلم والمجتمع» بحسب مجموعة من الخبراء.

وأوضح علماء من معهد «فرانسيس كريك» ومن كلية لندن الجامعية أن الجسيمات الدقيقة (أقل من 2.5 ميكرون، أي ما يعادل تقريبًا قطر الشعرة) التي تعتبر من أسباب التغير المناخي، تؤدي إلى تغيرات سرطانية في خلايا الجهاز التنفسي، وفق «فرانس برس».

ويمكن تشبيه الجسيمات الدقيقة الموجودة في غازات العوادم أو غبار مكابح المركبات أو الأدخنة الناجمة عن الوقود الأحفوري بـ«قاتل خفي»، على ما قال تشارلز سوانتون من معهد «فرانسيس كريك»، وهو الذي عرض نتائج هذا البحث الذي لم يراجعه بعد باحثون آخرون، خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لطب الأورام المنعقد في باريس إلى 13 سبتمبر الجاري.

- دراسة: سرطان الرئة قد يصبح وباء للنساء

وإذ ذكر البروفيسور سوانتون بأن ضرر تلوث الهواء معروف منذ مدة طويلة، أشار إلى أن العلماء لم يكونوا «متأكدين مما إذا كان هذا التلوث يتسبب مباشرة في الإصابة بسرطان الرئة ولا من كيفية حصول ذلك».

ودرس الباحثون بدايةً، بيانات أكثر من 460 ألف شخص من سكان إنجلترا وكوريا الجنوبية وتايوان، وبينوا استنادًا إليها وجود ترابط بين التعرض لتركيزات متزايدة من الجسيمات الدقيقة وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة. إلا أن الاكتشاف الأبرز يتمثل في التوصل إلى فهم الآلية التي تتسبب من خلالها هذه الملوثات بسرطان الرئة لدى أشخاص من غير المدخنين.

وأثبت الباحثون، من خلال دراسات مخبرية على الفئران، أن الجسيمات أحدثت تغيرات في جينين هما مُستقبِل عامل نمو البشرة («EGFR») وكيراس («KRAS») مرتبطين أصلًا بسرطان الرئة.

ومن ثم حلل الباحثون نحو 250 عينة من أنسجة رئوية بشرية سليمة لم تتعرض إطلاقًا لمواد مسرطنة من التبغ أو التلوث الشديد. وظهرت طفرات في جين «EGFR» في 18 بالمئة من العينات، وتغيرات في «KRAS» في 33 بالمئة منها.

لغز
وقال البروفيسور سوانتون إن «هذه الطفرات قد لا تكون بذاتها كافية لتؤدي إلى الإصابة بالسرطان. ولكن عند تعريض الخلية للتلوث، يحتمل أن يحفز ذلك نوعًا من التفاعل» الالتهابي. وأضاف أن «الخلية ستؤدي إلى نشوء سرطان» في حال «كانت تؤوي طفرة».

ورأى سوانتون، الذي يرأس الجهة الرئيسية الممولة للدراسة وهي مركز «كانسر ريسيرتش يو كيه» للأبحاث المتعلقة بالسرطان، أن هذه الدراسة بمثابة «فك لشيفرة الآلية البيولوجية لما كان لغزا».

فالاعتقاد كان سائدًا بأن التعرض للعوامل المسببة للسرطان، كتلك الناتجة من دخان السجائر أو التلوث، يتسبب في حدوث طفرات جينية في الخلايا، مما يجعلها أورامًا ويؤدي إلى تكاثرها.

ولاحظت مديرة برنامج الوقاية من السرطان في معهد غوستاف روسي، سوزيت دولالوج، أن خلاصات الدراسة بمثابة «تطور ثوري»، إذ «لم يكن يتوافر سابقًا أي دليل على هذا التسرطن البديل». وشددت هذه الاختصاصية في طب الأورام التي كُلفَت مناقشة الدراسة خلال المؤتمر على أنها «خطوة مهمة للعلم»، آملة في أن تكون كذلك «للمجتمع أيضًا»، واعتبرت أنها «تفتح بابًا واسعًا للمعرفة ولكن أيضًا للوقاية».

وأفاد البروفيسور سوانتون بأن الخطوة التالية تتمثل في «فهم سبب تحول بعض خلايا الرئة المتغيرة إلى خلايا سرطانية بعد التعرض للملوثات».

وأبرز عدد من الباحثين أن هذه الدراسة تؤكد أن الحد من تلوث الهواء مهم أيضًا للصحة.

وقال البروفيسور سوانتون: «لدينا الخيار بين أن ندخن أو لا نفعل، ولكن لا يمكن أن نختار الهواء الذي نتنفسه. وهي بالتالي مشكلة عالمية نظرًا إلى أن عدد الأشخاص المعرضين لمستويات غير صحية من التلوث أكبر بخمس مرات على الأرجح من أولئك المعرضين لدخان المنتجات التبغية».

وقاية جزيئية
ويتعرض أكثر من 90 في المئة من سكان العالم لما تصفه منظمة الصحة العالمية بمستويات مفرطة من الملوثات التي تحوي جسيمات دقيقة. ويوفر هذا البحث أيضًا أملًا بالتوصل إلى طرق جديدة للوقاية والعلاج.

وأشارت سوزيت دولالوج إلى إمكان العمل على طرق عدة للكشف والوقاية، ولكن ليس على المدى القريب، ومنها «التقييم الشخصي للتعرض للملوثات»، والكشف، غير الممكن حتى الآن، عن الطفرة الجينية «EGFR»، وسوى ذلك.

أما توني موك من جامعة «هونغ كونغ»، فنقل عنه بيان للجمعية الأوروبية لطب الأورام قوله إن هذا البحث «مثير للاهتمام بقدر ما هو واعد»، ورأى أنه يتيح «التفكير يومًا ما في البحث عن آفات ممهدة للتسرطن في الرئتين باستخدام تقنيات التصوير الطبي، ثم محاولة معالجتها بأدوية مثل مثبطات الإنترلوكين 1 بيتا».

ولم يستبعد البروفيسور سوانتون التوصل مستقبلًا إلى «وقاية جزيئية من السرطان بواسطة حبوب، ربما بمعدل واحدة كل يوم، للحد من مخاطر الإصابة بالسرطان في المناطق العالية الخطورة».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
برنامج بحثي فرنسي إسباني عن نوع من الطحالب الدقيقة السامة
برنامج بحثي فرنسي إسباني عن نوع من الطحالب الدقيقة السامة
دراسة: خلافًا للافتراض الشائع.. الرموش تعزز الرؤية البصرية
دراسة: خلافًا للافتراض الشائع.. الرموش تعزز الرؤية البصرية
دراسة: متغير جيني قد يقلل من خطر ألزهايمر
دراسة: متغير جيني قد يقلل من خطر ألزهايمر
تجارب في أجاكسيو الفرنسية على «كرسي حاضن» يهدئ قلق ذوي الطيف التوحدي
تجارب في أجاكسيو الفرنسية على «كرسي حاضن» يهدئ قلق ذوي الطيف ...
علاج جديد يعيد الأمل في شفاء مرضى السل في آسيا
علاج جديد يعيد الأمل في شفاء مرضى السل في آسيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم