تحفل المكتبات والمؤسسات الأكاديمية العربية بنسخ وطبعات لتراجم المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوتس، إلا أن جميعها كان عبر لغة وسيطة مثل (الإنجليزية أو الفرنسية أو الإيطالية).
الدكتور محمد الدويب أستاذ اللغات القديمة بقسم التاريخ والآثار بكلية الآداب جامعة طرابلس، صدر له أخيرا ترجمة الكتب التسعة لهيرودوتس مباشرة من اللغة اليونانية إلى العربية للمرة الأولى، من منشورات وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، وهو إنجاز يحسب للدكتور الدويب، وقيمة مضافة للمكتبة الليبية والعربية.
في هذا الحوار الذي أجرته «بوابة الوسط» مع الدكتور محمد الدويب، حاولنا تسليط الضوء على خلفيات هذا الجهد الترجمي، والتعرف على شخصية هيرودوتس، والظروف التي عايشها والبيئة التي نشأ فيها.
وهنا ننشر بعضا مما جاء في الحوار الذي ينشر كاملا في العدد المقبل من جريدة «الوسط».
الكتب التسعة
يجيبنا الدكتور محمد الدويب أن المؤرخ اليوناني، عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، ولُقب بأبي التاريخ، كما عرفه العالم من خلال عمله المسمى «التواريخ»، وهو ينسب إلى مدينة هاليكارناسوس الواقعة على الشاطئ الجنوبي لآسيا الصغرى.
ويضيف بالقول إنه عاش في بيئة حافلة بالثقافة والفن والموسيقى والشعر، وهو ما انعكس على شخصيته ككاتب، وتمكن من صقل مهاراته الفكرية وتحويلها إلى أعمال خالدة، كما طور الرواية التاريخية إلى نثرية، وينسب له البعض أنه مبتكر لغة تأليف جديدة.
وأشار إلى أن مضمون الكتب التسعة لهيرودوتس المادة التاريخية لكن بقراءة النص كاملا نكتشف موسوعة معرفية لزمنه وللأحداث التي تناولها فشمل الجغرافيا والأساطير والعادات والتقاليد والطقوس الدينية.
ثلاثة عقود
ومن جانب آخر، ينقلنا الدكتور الدويب إلى رحلته مع الكتب التسعة، والذي استغرقت منه ثلاثة عقود من الترجمة، صاحبها الكثير من الهوامش والتصويبات والملاحظات من زملائه أعضاء هيئة التدريس، ويعلق بالقول «مشروع هيرودوتس وُلد منذ 30 عاما عندما كنت أدرس مادة النصوص الإغريقية بقسم الآثار جامعة قاريونس سنة 1990، حين كنت اختار نصوص لمؤلفين إغريق وأدرِّب الطلاب على ترجمتها، وأقوم بتجديد هذه النصوص كل عام، وهكذا مع تراكم النصوص، وتواصل الترجمة وطباعتها على أجزاء يكون عندي رصيد مهم من مادة الكتب التسعة، وصولا إلى آخر أجزائها».
وأردف موضحا، لأن هيرودوتس هو المؤسس لعلم التاريخ في بلاد اليونان فقد أعطيته الأسبقية وعندما أصدرت الكتاب الرابع شجعني الطلاب والزملاء على مواصلة المشوار، وصاحبه ترجمة أعمال أخرى إلى اليونانية مثل جغرافية سترابون والكتاب الرابع من جغرافية بطليموس، وكتب أخرى.
ويلفت الدويب النظر إلى أن المكتبة العربية تخلو من ترجمة كاملة للعمل من لغته الأصلية، فهو سيقدم الجديد للباحثين لا سيما للذين لا يجيدون اللغة اليونانية القديمة، وقد لا يجيدون لغة أوروبية حديثة، أما المكتبة الليبية فقد نالت شرف السبق في نشر أول ترجمة عربية كاملة للنص الإغريقي ومنحت الكتاب رقما دوليا.
تعليقات