Atwasat

أحمد الفيتوري يكتب: نثر الحال

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 26 يناير 2021, 10:48 صباحا
WTV_Frequency

1

أخال مرام تتبسط معى أو أنها تتعقب خطاي،

مرام فجيعة شاعر ضجر مثلى، من ليل ليس له آخر

مرام المسكوبة في كأسي تسكن هواجسي وتترعه،

هي ليست المرأة التي أعرف، هذه الكمشة الكذبة التي يعشق صديقي من خلالها ذاته، هذه القطة التي يكرهها كل من يحبها التي يحبها كل من يكرهها، مرام التي ليست مرموزا، الكائن الذي يعري رغباتنا في أن تكون حبيبتنا.

هكذا مرام هكذا كما نحب ونخشى جميعا، مرام أضأل مما نحب، مرام نهد ضئيل ضال من كفي، مرام قصيرة القامة طويلة التيلة، مرام فصيحة في كشفنا، لمن لا يفهم، بليغة في تعريتنا، جميعا نحب مرام التي نكره، هل حقا لا نحب ما نرى في المرآة ؟. مرام عقيدة الخفاء وتجلي فضيحتنا، هي الزواج الجمعى وأكذوبة التفرد، كل امرأة تعشقنا فردا فردا ونحن نحب النساء، زوجاتنا جمعا مرام وصلاتنا حين لا نكون معا، مرام كلنا عيسى وعليه الغضب، كل ما نكتب مكرور، مرام المرأة التي تنجبنا - دون أن يمسها أحدنا- من تهتكنا، لا أحد يصدق ذلك فكل امرأة كذوب وكل أم أكذب.

هي قطتي الصغيرة من سميتها مرام التي تركض مع الذئاب، التي تركض في دمي تلغه وتتف..

2

دوختني النسوة.

وحرف الثاء والمكان الذي لا يعول عليه، في كل مرة تسلم أيها الفتى من سكرت البارحة، وكل مرة في السلامة الندامة. تنادمنى مرام، وتشرب دمى وتعجن خبزها منى، من حليبي تعجن شوكلاطتها، هي امرأة ميكياتا كما أحب وأشتهي، مرام تشكل من صلصال فنجان المكياتا المذكوروجهها الضاحك. في عين الغزالة، مقهى ميدان الشجرة، التي تخضر وتورف أوراقها في قبرها: أشرب الفنجان وفي دمى تركض المكياتا، مرشومة حيث تتمكن، عين الغزالة مكان لا يعول عليه، وتلك البضة البدينة إلى حد ما، تستعير بيضها منى كما استعارت بياضها من ورقتي، أوكما استعارت أمها – قبل - من التين خمريتها، آه.. وتكتب فضائحى في جرائد الصباح التي لم تصدر منذ تأميم الصحافة في البلاد المؤممة.

حليب المكياتا جسدها يسوسني، نهداها ساحتي وتجفل طيورها عني، التي المكياتا تختزل النساء.

3

كل شىء مباح في مدينة الليل إلا أن تكون.

كمشة عبث: يجذبها تحت خصرها عجز.. كأنه من فراقها وجل، شجرة ياسمين مبددة وكلمات مبعثرة،

نشوة طريدة غرقت في مخيالي غزالة شاردة؛ تغطي جسدها من مرآة عينيها اللتين تؤججان رغبتها، كثيرا ما تحسس نظرى حريرها، البدن ثوب يشف شبق الروح، الروح لا يعول عليها أحد، حتى ظبية خميس التي تشدها من شعرها، وتطوح بها في خلاء الشعراء الموبوئين بها مثلى.

لا شىء يا جميلة النساء، يكتب في مدينة الشيخ زائد: جمال القصاص من يتخذ من وحدته سبحة، حباتها من حلمات النساء التي قضمنا في مخيالنا السادى، هذا الناسك حشو مخدته من جلودكن الناعمة أيتها القطط السيامية، يا أم مرام وأم البلاد: تركض في دمى.. اللبوة، والملاذ، لا عاصم اليوم، قاب قوس أو أدنى تطوح بك البلاد ولا عاصم، بددت في عاداتك السرية ما تشتهي النساء وشابت سوالفك..

فلا نامت أعين لا ترى ما يرى.

هي اليوم خالدة في حلمها، تطرز من أشواك الطريق فستان الفرح الليلكى، كل شيء قابع في مكانه خاصة هذه النظم التي لا تتزحزح، كلت البلاد وشخب الثدى دما، وكذا خداها حين يفصح لساني بلغة رغائبي.

ما أكثر ما سفحت من زجاجات البيترصودا كى أخفف وطأتك.

وطن الماء وأحلام السفهاء مثلى من يحبك كل ليلة، كى تبددك الشمس أيتها الغامضة حتى الوضوح البليد، ترددنا كثيرا وأكثر وكتبنا ما كتبنا، واتخذ عاشور الطويبي من عرصات صبراته مدفنا أو مدفأة أولا شيء، كلما تحلقنا بحلقنا فيك ودارت كؤوس الكلام، من قاموس المحيط حتى خليج حربستان، عقل يبحث عن مأوى ونهد لا يشفي من غليل، أعصر البرتقالة وأغربلها في سرير مخيالى، هذا الفستان البرتقالي حيك من خيباتي المطردة ومأتم سالم العوكلي الشعري .

4

تدس جسدها بين ثنايا الخجل والحجاب،

تتفجر في عينيها الفاجرتين أفعى الفردوس الأول وتتلوى الشهوة فيها، تتحلى بالفلفل الحارق، وتكتب بحبر مشبوق أسرارها: بين النحر والفخذين يتسلل عرقها، كريم شغفها المنحور، حنة المدسوس، عطر النزوة الماكنة، بودرة التوله وحدة الشفرة الدامية، تنز المسام أحمر قانيا.

لم يصدقني أحد حين أشرت إلى فجورك، الذي يتنزه تحت الفستان القرمزي ويطال كل ذي بصر، لم يبصر أحد الكمان، من يتخذ من قماشة الفستان أوتار هذا اللحن الصاخب؟، العازف عيناي والمعزوف طراوة جسدك، من يستطيع تصديقي وهذه السمفونية تعزفها آلة، أحد؟

أنامل العازف ترتعش في تضاريس، معجونة من لبن ولوبان ولوز وتمر حنة، ومن أحلام كاردان التي لم يقدر له تحققها كما تحقق لك ذلك، كلك زائد عن حاجاتي خاصة هذا الأنف الأرنب الجافل من أصابعي، أصابعي تجسك وتندس بين طراوة.. ، وليونة العظم ، طائشة عن مخيلة أبولو – تا الله وثاقبة صدري أنت، أنت الوتر المضاف للكمان، في مخيال العازف المنهمك أنت الوتر الذي لا يرى ويسمع، يتخلل صمتك الدو.. رى.. مى.. فا.. فيراه العازف المشدود بأوتاره في صلابة اللحن المنساب: بدن من بخور، بدن من شطح صوفي، بدن الطفولة التي تداعب أعضاءها. العازف يضع فاصلة بين استرسال أوتار الكمان وبين انسياب بدنك، وأبولو يتكيء مستريحا بعد تجليه، وأنا أدوس على زر القاطعة في الكومبيوتر وأستريح منك: تصفيق حار لى.

5

لعدة أسباب سوف أصب جام غضبي عليك ولا الضالين، أنت خالدة في حلمك تطرزين من أشواك الطريق، فستان الفرح الليلكى كفنا. كلك كآبة، مستقبلها شاهد قبر وغدها ما انتهى أمس دون موكب جنائزي، وقائمة الانتظار مملؤة حتى الثمالة. اغترفي الخيبة فليس لك ان تطالي السكر وأن امتلأت الجرة خمرا، بدنك غير مطواع، وقد أظلت أصابع العازف الوتر بعد أن كلت، لا شيء يحدث فلا تنتظري أحدا، هذا التصفيق الحار لى فلا تتنصت.

ما يدق الخواء والطريق خلاء عتمة، ولا طير غير طير الموت يثقب عيون الفضاء، وذئب متربص، تمزق فستان البرتقال عن بستان مهجور عطن، تدثري بثوب الغموض كل الأشباح غامضة، ودود الأرض فاغر أفواه، وقد حرقت السفن.

سأتخذ من الخليل وزنا أقيس به ترددك، ومن النثر سبيلا كي أبددك في وجه الريح الجنوبي، كي تكوني الملعونة في المرآة، في كل عين، في أحلام المحرومين في حكايات جدتي، في كل مايسرد وما يسر، في المدسوس بين نغمة ونغمة، في هذا المسكوت عنه، في نظرات التماثيل الثاقبة وخزرة الطيور الجارحة والعصافير الطليقة، في تنهدات المحبوسين وفي تأملات العانس البليدة، في جفاف النهد، في ضمور الخصر وعجف الحوض وتيبس الأنامل، تغضن الكف، العين، الفخذ، الساق المسلولة: فيما حفرت انقبري، حيث لا أشواق، حيث لا برد ولا سلام، حيث تبكين، تبخر من المآقي كل رطب، فلا تهزي و لا تهتزي،لا مأوى، لا جبل، في سرير صحرائك اللاشيء اللامتناهي أنت.

لا عود اليوم والكمان ملك، وجع مسكوب في وتر والكأس فارغة وأنت بين بين لا سكر ولا سكن. كل شيء تقليدي في النص وفي المشهد حداثة من مملكة الحشاشين، فكيف تفلتين من جسمك المثقل بحساسين من رغبة محمومة كى تهصر ومن عجينها يقطر خمر التوق لحرية تطعن قلب صباحك، وتخلب فراش ليل. مطعونة في سرك والدم ظاهر يتحسس الأعمى سخونته عن بعد. لا شيء يدس، فالكذوب أكثر الكافة صدقا، أليس مفضوحا بأنه كذب، لهذا أرى الخليل في مرقده الأبدى فرحا، فالكذب من القدم وكل كذبة جديدة جدة الحلم، انزعى ثوبك وانفضحي ما ستر منفضح.

6

للكمان وتد كما للعود خيمة، ها الوتد يضرب أوتار بدن، يدوزن العازف مفاتيح ينتصب العزف، من صندوق أجوف، تجفل ثعابين الخوف عن جسد راقص يتلوى مخمورا من ضرب الوتر، كأني وتر مشدود شدة مطعون خبل، انتصب تنسدل جفون ويسرى وسن خدر وحجاب ينهتك.. في عينيها بريق الذهول ومواء القطط وعند حافة شفتها السفلة غابة الفراولة الجذلانة، ضحكة حديقة يدغدغها النحل تفلق الوجه المستريب في الخلود، ظل الزوال، وجه يتشكل من خوف مستطاب، أن لا ترى ما ترى، أن ترى ما لا ترى، يخالجنى شك في وجودها هذه التي تخربش حائط صدرى المتداعي، لم يبق شيء كي أودع المشهد المزدحم بالخواء، لو سمحت اتركي ذرة من اكسجين كي أطلق النفس الأخير..

ازدهي في عرس الآخرين وأعدي نفسك جيدا لمأتمي، إني أسكر السكرة الأكثر كي أهيء جثتي لهذه البلاد الجبانة، تبرجى ليس في الوقت متسع لزغاريد الموت، موسيقى الجنازة تنهدات حسرات تنبثق من حنجرتي المبحوحة لجسدك اليتيم، ضاقت البلاد عن سراويلنا وقمصاننا المشجرة منذ تزغبت لحانا وضقت ذرعا.. ضغط دم وسكرى وخمر محلي مغشوش وعادات سيئة أخر، عاشق الزوال، لا شيء يستحق الرثاء.

أيتها البهية اخرجي على شعبك الميت، تيتم العشق بعدك تيتم البكاء، في المآقي غصة دمعة، محرومة حتى من الفجيعة أيتها البهية.

أيتها اللبوة تركضين في دمى منذ أمد.

مزق، مزق، وليس لى من تجمعني من وهاد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
مصر «ضيف شرف» ومحفوظ «الشخصية المحورية» في معرض أبوظبي للكتاب «33»
مصر «ضيف شرف» ومحفوظ «الشخصية المحورية» في معرض أبوظبي للكتاب ...
سيلين ديون تتحدث لأول مرة منذ إعلان إصابتها بمرض نادر
سيلين ديون تتحدث لأول مرة منذ إعلان إصابتها بمرض نادر
لوحة غامضة المصدر لغوستاف كليمت تُطرح للبيع ضمن مزاد في فيينا
لوحة غامضة المصدر لغوستاف كليمت تُطرح للبيع ضمن مزاد في فيينا
جيراك يكرر إفادته والمدعي العام يعتبرها «ملتبسة»
جيراك يكرر إفادته والمدعي العام يعتبرها «ملتبسة»
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم