قررت عدد من المسارح والفنانين منع اصطحاب الهواتف إلى القاعات من أجل الحؤول دون تشتيت الفنانين وإشراك الحضور أكثر ومنع بث العروض عبر الإنترنت.
عندما وصل آدم فايس إلى قاعة مسرح في حي برودواي الشهير في نيويورك، فوجئ لدى الطلب منه الاستغناء عن هاتفه طوال مدة العرض.
ويقول هذا الرجل البالغ 39 عاما بعد الطلب إليه بوضع هاتفه داخل جيب مغلق قبل دخول القاعة «شعرت كما لو أنني فقدت جزءا من جسمي».
لكن فور انطلاق العرض، تبددت مخاوفه واستمتع بالعمل المسرحي بعيدا عن ضغوط العالم الرقمي، ويوضح لوكالة «فرانس برس»: «في الحقيقة لم أفكر في الموضوع حتى»، هذه التجربة قد تصبح شائعة في الحفلات والعروض المسرحية.
فقد اعتمد الممثل الكوميدي دايف تشابيل وأيقونة موسيقى البوب مادونا نظام «يوندر» وهو قائم على غمد يغلق بطريقة مغناطيسية وتوضع فيها هواتف المتفرجين خلال الحفلات. ويبقى في إمكان المتفرجين الخروج من الصالة لاستخدام هواتفهم في مناطق مخصصة لذلك.
وفي نيويورك، كان أندرو بانكروفت على المسرح في ذلك المساء للمشاركة في عرض «فريستايل لاف سبريم» الارتجالي. ويرى هذا الكوميدي في حظر استخدام الهواتف خلال العروض أمرا إيجابيا للغاية، إذ إن تقليص الوميض الضوئي (فلاش) من آلات التصوير يزيد من تركيز الجمهور، مما ينعكس في نهاية المطاف تحسنا في جودة العروض.
ويقول بانكروفت تعليقا على إدمان الهواتف الذكية في زمننا الراهن: «ثمة شعور سائد في أيامنا هذه وهو تساؤل عما إذا كان هناك شيء ما أفضل نفوته؟»، ويضيف: «تشعرون بالتشتت، لا يمكنكم أن تكونوا في مكان واحد تماما».
تعرض مفرط للإشارات الحسية
ويقف غراهام دوغوني (33 عاما) خلف هذا المشروع لإيداع الهواتف المحمولة قبل دخول قاعات العروض الفنية، وهو يشير إلى أن هذه الفكرة «لم تنل إعجابا كبيرا لدى شركات كثيرة في مجال التكنولوجيا» عندما عرض بيعها في سان فرانسيسكو معقل هذه الخدمات.
لكنه لم يستسلم لقناعته بأن مثل هذه الشركة الناشئة التي أنشأها في نهاية المطاف سنة 2014، ترتدي أهمية كبرى للمساعدة في «الانتقال إلى العصر الرقمي بطريقة لا تبدل حس الاستمتاع بالحياة لدى الناس»، ويبرر موقفه قائلا: «من المهم جدا أن يكون للفنان مكان آمن ليؤدي فيه عروضه وليتمكن المعجبون من الاستمتاع بأمر ما».
أما اليوم فقد بات ذلك فلسفة حياة لدى دوغوني الذي استغنى عن الهواتف الذكية ليعود إلى الطرازات التقليدية من هذه الأجهزة بعدما شعر بأنه معرض بـ«شكل مفرط للإشارات الحسية».
إدمان حقيقي
وتختبر الأوركسترا الفيلهرمونية في نيويورك برنامج «يوندر»، كما أن منشأة سمعية في بروكلين تشترط على الزوار إغلاق هواتفهم، وإلى جانب مجال الحفلات، يؤكد دوغوني أن «يوندر» بدأت تستقطب مدارس راغبة في مساعدة تلامذتها على التركيز وأيضا عرائس منعوا الهواتف المحمولة في حفلات زفافهم لتشجيع المدعوين للمشاركة بفعالية في هذه المناسبات «وعدم إخراج الهاتف كل ثانيتين»، ويقول دوغوني: «نسمع أن هذا الأمر يولد طاقة مختلفة في القاعة».
وقد رأت ميريديت فايس التي شاركت في عرض «فريستايل لاف سوبريم»، مع زوجها آدم، في هذه الاستراحة من الهاتف فرصة مستحبة، غير أن موضوعا وحيدا يقلقها وهو إمكان تلقي اتصال من حاضنة الأطفال. وتقول: «تركنا أطفالنا في المنزل ولم يتسن لي تنبيهها بأننا لن نكون مزودين بهواتفنا».
ويبدو أندرو بانكروفت مقتنعا بهذه الفكرة. وهو يقول: «بين الحين والآخر يقول أشخاص إنهم يشتاقون لهواتفهم هذا يثبت أننا نعيش إدمانا حقيقيا في مجتمعنا».
تعليقات