في مثل يوم اول امس منذ،ست وخمسين عاما رحلت عنا شخصية أسطورية، مثقفة وشجاعة، يتحدر من أسرة عبدالصمد المعروفة في بنغازي. المعلومات عنه ليست كثيرة، ولكن الذاكرة المثقفة من جيل عاصر العهدين السابقين، وهو الأستاذ سليمان مصطفى منينة، أفادني بأنه من مواليد سنة 1890، وأكد لي معلومة سمعتها من قبل، وهي حب الدكتور عبدالوهاب عبدالصمد في شبابه للمغامرة، منها أنه هاجر إلى اسطنبول في بداية القرن الماضي، وخلال إقامته هناك، علم بأن ابنة الخليفة العثماني مريضة، وأن الأطباء عجزوا عن علاجها، فتقدم بقلب جامد، مقدما نفسه أنه طبيب عربي يعالج بالأعشاب، وبسبب القبول في شخصيته وطريقة تقديم نفسه، سُمِح له بمباشرة علاجها، وبقدرة قادر شفيت، فأصبح دكتورا في بلاط الخليفة. غير أن بعضا مما كُتب عنه أنه درس الطب في اسطنبول، ليس هناك ما يؤكد ذلك.
شقيقته نوران، هي التي درست القانون وأصبحت قاضية في تركيا، وتوفيت هناك ولم تتزوج هي الأخرى، ويؤكد الأستاذ سليمان منينة أنه رافقها شخصيا، عندما كان يدرس في القاهرة، بطلب من سفير ليبيا في مصر، السيد عبدالسلام ابسيكري، ومساعدتها عندما جاءت بعد وفاة شقيقها إلى القاهرة، لتسوية تركته وتسلم مستحقاته.
امتهن السيد عبدالوهاب عبدالصمد الصحافة في مجالها السياسي، وسجن أشهرا بسبب انضمامه، ومناصرته، إلى حزب الاتحاد والترقي ، قبيل صدور الدستور العثماني (المشروطية) العام 1908.أصدر جرائد في اسطنبول بالعربية هي دار الخلافة العام 1910، وهي التي وزعت في العواصم العربية، وأصدر بعد توقفها جريدة الفردوس، وكذلك الفاتح اليومية بالتركية، وكان يدافع عن الخلافة العثمانية. بقى في تركيا إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية عاد بعدها إلى بنغازي.. عمل فترة في بلدية بنغازي، أبان عهد عميدها يوسف لنقي، ثم عين ملحقا صحفيا في السفارة الليبية في القاهرة، ظل بها حتى وفاته، وكان أول من دفن في المقبرة الإسلامية في روما يوم 1969/9/1،، كان طيب المعشر، خفيف الظل، أنيق السلوك والهندام محبا للحياة، ولم يتزوج.
--------
***الصور والمعلومات من الأستاذ سليمان منينة، والصور من أرشيفه، وأيضا من الأستاذ محمد زاقوب
تعليقات