ذكر مقال بصحيفة "ذي غارديان" البريطانية أن القوى الغربية لم تعرف المعنى الحقيقي وراء تدخل الأمم المتحدة لحماية المدنيين، فبعد تحول العراق إلى كارثة دموية وفشل المهمة العسكرية في أفغانستان، من المفترض أن يختلف الوضع الليبي، لكن تدخل حلف الناتو في ليبيا لم يسفر إلا عن مزيد من الاشتباكات الدموية والانقلابات، التي تدفع البلاد إلى شفا الحرب الأهلية مرة أخرى، ففي الأيام القليلة الماضية قام اللواء خليفة حفتر بـ"محاولة الانقلاب الثانية" له بشن حملة عسكرية يرى أنها تنقذ البلاد من خطر الإرهاب والتطرف، على حد قول الكاتب سيوماس ميلن، فبعد أن ساعدت القوات الجوية التابعة للناتو الثورة الليبية، لم تستطع القوات العسكرية الليبية أو الفصائل السياسية ملء الفراغ الذي تبع إطاحة القذافي.

يرى الكاتب أيضًا أن الوجود الكبير للتشكيلات المسلحة، والتي تُعد أقوى من القوات الحكومية، والخوف المستمر من التدخل الخارجي والانقسام إلى مناطق متناحرة يقلل الفرص في تجنب انتشار مزيد من المعارك الدامية في أنحاء البلاد، حيث تسيطر هذه التشكيلات المسلحة على أجزاء كبيرة إلى الحد الذي دفع رئيس هيئة الأركان الليبي إلى طلب حمايتها قبيل الانتخابات، وأضاف أيضًا أن الغرب وجد في التدخل في ليبيا فرصة سانحة لفرض السيطرة على الربيع العربي.

هناك علامات تشير إلى أن السيسي، الذي أكثر من الشكوى بسبب فشل الغرب في حماية ليبيا بعد القذافي، يستخدم الأزمة الليبية لإرسال قواته إلى ليبيا، على حد قول الكاتب، فكل من السيسي في مصر والسعودية والإمارات يدعم العمليات التي يقوم بها حفتر لمنع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة والسيطرة على ثروات البلاد النفطية.

أي تدخل أجنبي لا بد أن يؤدي إلى حرب أهلية، فنتائج فشل عمليات الناتو في ليبيا لم تتوقف عند ليبيا وحدها بل أدت إلى زعزعة الاستقرار في دول أفريقية عدة، إذ عادت قبائل الطوارق التي حاربت من أجل القذافي إلى مالي آخذة معها أموال الجيش الليبي، وكانت هذه القبائل السبب وراء انتشار التمرد المسلح والفوضى مما أدى إلى تدخل فرنسي في مالي بمساعدة كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى أن الأسلحة التي أخذت من ترسانة القذافي وصلت إلى أيدي جماعات مسلحة مثل جماعة "بوكو حرام" النيجيرية تستخدمها في حملاتها العسكرية ضد المدنيين العزل في نيجيريا.