Atwasat

تقرير: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الدواء والسلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات

طرابلس - بوابة الوسط: علي مجاهد الجمعة 24 فبراير 2017, 03:46 مساء
WTV_Frequency

مرت ست سنوات على نجاح الثورة في الإطاحة بنظام القذافي لكن أوضاع الليبيين المعيشية لم تتحسن، بل تفاقمت إلى الأسوأ في ظل الانفلات الأمني وانتشار السلاح والجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية والسطو والخطف ونهب المال.

لمطالعة العدد 66 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

واستمرت معاناة الليبيين خصوصًا مع تداعيات حالة الانسداد السياسي والعناد التي أوصلت البلاد إلى شفير التشظي والدولة الفاشلة، وخلقت ثلاثة رؤوس لجسد واحد تدعي جميعها الشرعية، وكانت هذه الرؤوس بحسب المراقبين، أحد الأسباب الرئيسة في تردي الوضع الاقتصادي ونهب المال العام وانتشار الفساد والظلام وتفاقم معاناة الليبيين، فقد زادت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بنسب تتراوح بين 450 و550% عن مستوياتها في العام 2011، خصوصًا الزيوت والدقيق والأرز والسميد والسكر والشاي، وهي مواد كانت طيلة عقود مدعومة من الدولة.الأدوية
وطال لهيب الأسعار حليب الأطفال والأدوية التي كان استيرادها حكرًا على الدولة، إذ تضاعف سعر علبة حليب الأطفال ثلاث مرات عما كانت عليه في العام 2013، أي قبل عام من عملية «فجر ليبيا».

وبلغ سعر العلبة الواحدة من حليب الأطفال 20 دينارًا حاليًّا مقابل 5 دينارات العام 2013، أي بزيادة 300%، كما زادت أسعار أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم بشكل جنوني مسجلة في بعض الأنواع أرقامًا خيالية؛ حيث قفز ثمن علبة «الأملور 10» التي تحتوي على 30 حبة من 15 دينارًا إلى 98 دينارًا، وبلغ ثمن قارورة علاج السكري «الإنسولين» 45 دينارًا مقابل 8 دينارات العام 2012، وهي أدوية كانت مجانية إلى وقت قريب ويحتاجها عشرات الآلاف من الليبيين والليبيات.

على الرغم من امتلاك ليبيا حوالي 3 آلاف كلم على البحر المتوسط فقد شهدت سوق الأسماك ارتفاعات غير مسبوقة

الأسماك
وبالنسبة للأسماك وهي معظمها مجمدة ومستوردة على الرغم من امتلاك ليبيا حوالي 3 آلاف كلم على البحر المتوسط فقد شهدت ارتفاعات غير مسبوقة، وفي جولة لـ«الوسط» بسوق الحوت (الميناء)، يوم الجمعة الماضي، وصل سعر «الدندشي» 25 دينارًا، و«القرنيط والسيبية» 30 دينارًا و«الكوالي» 15 دينارًا و«السردينة» 10 دينارات، و«الحلوفة» 30 دينارًا و«البوري» 25 دينارًا، و«الفروج» 70 دينارًا للكيلوغرام، وفيما كانت الأسماك المعروضة على مستوى سوق الحوت (الرشيد) معظمها مجمدة وعُرضت بأسعار لم يعرفها الليبيون من قبل في غياب كامل لأية مراقبة أو متابعة صحية من الأجهزة المختصة.ويُرجع «سماسرة» سوق الحوت ارتفاع أسعار الأسماك إلى عدة أسباب، أبرزها تدهور سعر الدينار الليبي والارتفاع الجنوني للأسعار في كل المعروض في السوق الليبية سواء الغذاء أو الدواء أو الملبس، وفرار الصيادين خصوصًا المصريين والتونسيين بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، واتساع نطاق عمليات الخطف مقابل الفدية وتحويل مراكب الصيد إلى تهريب المهاجرين غير الشرعيين وتهريب الوقود.

السيارات
أما بالنسبة للنقل والمواصلات فقد تضاعفت أسعار السيارات الجديدة والمستعملة ما بين ثلاث وأربع مرات عما كانت عليه سنة 2010، فيما سجلت أسعار قطع الغيار وعمليات الصيانة ارتفاعًا كبيرًا، الأمر الذي فاقم من معاناة الليبيين في غياب النقل العمومي في ليبيا التي تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا توفر لمواطنيها خدمات النقل العمومي؛ حيث اختفت حافلات شركة النسر للنقل العمومي (52 راكبًا جلوسًا ومثلهم وقوفًا) من المشهد الليبي في ثمانينات القرن الماضي، وظهرت مكانها «الإيفيكو» (16 راكبًا) التي تعرف محليًا باسم «النعش الطائر» بسبب كثرة حوادثها والفوضى التي تسببها على الطرق العامة.وكان سعر الرحلة بـ «الإيفيكو» على سبيل المثال من غوط الشعال إلى مركز المدينة (حوالي 6 كلم) يساوي 250 درهمًا العام 2011 قفز اليوم إلى دينار واحد، فيما قفز ثمن الرحلة من جنزور إلى مركز المدينة (حوالي 12 كلم) من نصف دينار إلى 1.5 دينار.

تدهور الدينار
وتجاوزت العملة الخضراء قبل شهرين في ليبيا عتبة 7 دينارات لتستقر اليوم على الرغم من عودة تصدير النفط وقرار مصرف ليبيا المركزي الذي صدر الأسبوع الماضي بصرف 400 دولار ما بين 5.750 دينارات و6 دنانير، مقابل سعر الصرف الرسمي الذي يتراوح بين 1.3 و1.4 دينار.

وازدهرت بسبب انهيار العملة الليبية أمام الدولار الأميركي عمليات تهريب السيارات من ليبيا إلى دول الجوار خاصة إلى السودان وتشاد والنيجر؛ حيث تقول بعض المصادر إنه تم تهريب ما يزيد على المليون سيارة من ليبيا إلى الخارج ما بين 2015 و2016 في استنزاف آخر للاقتصاد الليبي المنهار.شكوى المواطنين
المواطنون بالطبع اكتووا بنار هذه الأسعار وحسب مسعود سالم (60 عامًا – مفتش تربوي) فإن «عدم وصول المواطنين إلى كفايتهم من الغذاء واحتياجاتهم من الدواء ستكون له عواقب وخيمة في الحاضر والآتي، وسيكون ثمن هذه المرحلة باهظًا جدًا». ويتساءل سالم: «ماذا يفعل المواطن الذي لا يستطيع توفير احتياجات أسرته، بل ماذا تفعل الأرملة الليبية التي تعجز عن توفير الأكل والملبس لأبنائها؟»، مستشهدًا بصورة المرأة الليبية التي جلست في ميدان الشهداء أمام المقر الرئيس لمصرف الجمهورية بطرابلس وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.

ويعتقد كثير المواطنين الذين استطلعت جريدة «الوسط» آراءهم أن قرار محافظ مصرف ليبيا المركزي بصرف 400 دولار لكل مواطن لن يغير في واقع الاقتصاد الليبي المنهار أي شيء ولن يحد من معاناة الليبيين طالما استمر الانقسام السياسي، واستمر الجسد الليبي الواحد يدار بثلاثة رؤوس واستمر الفساد وناهبو المال العام وتجار الحروب بعيدًا عن أيدي العدالة والقضبان.

يعتقد كثير المواطنين أن قرار محافظ مصرف ليبيا المركزي بصرف 400 دولار لكل مواطن لن يغير في واقع الاقتصاد الليبي

ودفعت هذه الارتفاعات الجنونية الصحفي الليبي علي أحمد إلى مطالبة الليبيين والليبيات برفع قضايا أمام المحاكم الليبية الليبية لسبب عجز السلطات عن وضع حد للهيب الأسعار الذي طال الغذاء والدواء. مشيرًا إلى أن الصحة العامة وسلامة المواطن وتوفير الغذاء والدواء حق دستوري مثل التعليم وسلامة البيئة والمحيط.

ويرى أحمد حسب صفحته على فيسبوك أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم، وبالتالي فإن متصدري المشهد الليبي مسؤولون، حسب قوله، مباشرة عن هذه الجرائم، وأنهم سيمثلون يومًا أمام القضاء عند قيام الدولة.

وحسب آراء خبراء اقتصاديين فإن الاقتصاد الليبي وقع فريسة تجار الحروب والأزمات، إذ أصبحت السوق الليبية في غياب الدولة تحت رحمة تجار الحروب والأزمات الذين يخضعونها لسعر صرف الدولار في السوق السوداء.
لمطالعة العدد 66 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

تقرير: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الدواء والسلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات
تقرير: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الدواء والسلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات
تقرير: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الدواء والسلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات
تقرير: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الدواء والسلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد على «الوسط» الحلقة «20» من «مئوية ليبيا».. الخطاب القوي والتفاعل
شاهد على «الوسط» الحلقة «20» من «مئوية ليبيا».. الخطاب القوي ...
تعاون ليبي للاستفادة من تجربة ماليزيا في التمويل المصرفي الإسلامي
تعاون ليبي للاستفادة من تجربة ماليزيا في التمويل المصرفي الإسلامي
مقترح بإنشاء مستشفى ميداني ومخيم للنازحين السودانيين على الحدود مع ليبيا
مقترح بإنشاء مستشفى ميداني ومخيم للنازحين السودانيين على الحدود ...
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم