بدأت عمليات التصفية تطال الجيش الوطني الليبي مبكرًا، فسجلت في يوليو من العام 2011 اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس رئيس أركان جيش التحرير ورفيقيه العقيد ناصر المذكور والعقيد محمد خميس، إذ قُتلا داخل مقر كتيبة أبو عبيدة بن الجراح التابعة لإحدى الفصائل المتطرفة بمدينة بنغازي، وتم التمثيل بجثثهم، ويومها قال أحد المتهمين في هذه القضية، ويدعى سالم المنصوري في إفادته: إن العملية تأتي في إطار الانتقام من الجيش الذي وصفه بـ«المرتد».
وقال المنصوري في إفادته أنّ تلك العملية «لن تكون الأخيرة»، وهو ما حدث، إذ شهدت ليبيا عدة مذابح كان ضحاياها من رجال الجيش الوطني الذي يخوض حربًا مفتوحة ضد الإرهاب، بالإضافة إلى ما يزيد على 700 عملية اغتيال طالت ضباطًا وجنودًا في مدن طرابلس وبنغازي ودرنة.
جرت مذبحة «بوابة المالطي» على الطريق الواصل بين ترهونة وبني وليد، وراح ضحيتها 16 ضابطًا من الجيش الوطني، في الثاني من أكتوبر 2013، إثر هجوم غادر استهدفهم بعد صلاة الفجر، وترددت يومها اتهامات لكتيبة الفاروق القادمة من مدينة مصراته، التي لم تنف الاتهام. وفُتِح تحقيق من طرف المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، ولم يعلم هل أنجز التحقيق بالأساس، أو أنه أنجز ولم تنشر نتائجه.
وفى مارس 2014 اقتحمت مجموعة من «درع الوسطى» مقر كتيبة الصاعقة (21) في سرت، وبحسب إفادة العقيد جمال الزهاوي آمر الكتيبة فقد قتل غدرًا 11 جنديًا بعد ليلة سابقة شهدت مفاوضات مباشرة مع قادة درع الوسطى، الذي وصل إلى مدينة سرت من أجل تنفيذ قرار المؤتمر الوطني رقم 42، ووعد المؤتمر الوطني بفتح تحقيق، إلا أنه لم يظهر بعد ذلك الموعد.
وفى يوليو 2014 تعرض معسكر الكتيبة 319 لهجوم مباغت تبناه «مجلس شورى ثوار بنغازي»، وقتل فيه الضابط بالجيش الليبي آدمين التاورغي مع ستة من أفراد الكتيبة بعد أن تم أسرهم وقتلهم بدم بارد والتمثيل بجثثهم، ونشرت صورهم على موقع التواصل رفقة قيادات من المجلس وتنظيم «أنصار الشريعة».
وفي ديسمبر 2014 تعرضت حراسة محطة الخليج البخارية الواقعة 30 كلم غرب سرت لهجوم مفاجئ قتل على إثره 14 جنديًا من الكتيبة 136 المعروفة بكتيبة الجالط، وجاء الجهوم بعد سيطرة درع الوسطى على المنطقة، وهذه المرة أيضًا بأمر من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وتداولت مصادر إعلامية اتهامًا لكتيبة الفاروق في هذه الحادثة.
وفي ديسمبر 2014 أيضًا تعرضت بوابة «الفات» بالقرب من مدينة سوكنة لجهوم مباغت فجرًا، قتل على إثره 15 عسكريًا من الكتيبة 168 مشاة التابعة لقيادة الأركان، وتبنى تنظيم «داعش» العملية عبر نشر تفاصيلها بالصور على الإنترنت.
ويبقى المفقود المشترك في كل هذه المذابح هو نتائج التحقيقات، فمن مقتل اللواء عبدالفتاح يونس ورفيقيه وحتى آخر مذبحة طالت الجيش الليبي، لم يسجل ظهور نتائج أي تحقيق، لتبقى ملفات هذه الجرائم تنتظر العدالة، ويبقى الجيش الوطني في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتستمر الصحافة في رصد الأحداث، فليبيا باتت تقترب من وصف الدولة الفاشلة، وهو ما يشي بأن فتح كل هذه الملفات لن يكون موعده قريبًا.
تعليقات