توقع صندوق النقد الدولي تراجع فائض المالية العامة والحساب الخارجي تدريجيا في ليبيا خلال السنوات المقبلة، وحذر من مخاطر محيطة بالآفاق ممثلة في تراجع أسعار النفط؛ بسبب انخفاض النمو العالمي دون المتوقع، وتجدد الصراعات و/أو الاضطرابات الاجتماعية ما قد يؤدي إلى تعطل إنتاج النفط.

جاء ذلك في بيان صادر عن صندوق النقد الدولي، الجمعة، في ختام مشاورات في تونس عقدتها بعثته مع مسؤولين من وزارات الاقتصاد والمالية والتخطيط بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة، إضافة إلى ممثلين عن المصرف المركزي، حول المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي والتي تنص على إجراء مناقشات ثُنائية مع البلدان الأعضاء تجري في العادة على أساس سنوي، وفق بيان صادر عن المصرف المركزي.

وشدد الصندوق على «الحاجة الماسة» إلى رؤية اقتصادية وطنية واضحة في ليبيا، وقال إن سرعه تحرك المجتمع الدولي للحد من انبعاثات الكربون، والطفره في تكنولوجيات الطاقة النظيفة تزيد من مخاطر الاضطرار إلى التأقلم بشكل مفاجىء في الاقتصادات المعتمدة على النفط. واعتبر أن «ليبيا معرضة لخطر التأخر عن ركب هذه الاتجاهات العالمية المهمة»، ونبه إلى مواجهة ليبيا مستقبلا «تحديا جسيما» يتمثل في الحد من اعتمادها على الهيدروكربونات مع تحقيق نمو أقوى وأكثر احتواء للجميع بقيادة القطاع الخاص.

وتوقع الصندوق نمو إنتاج الهيدروكربونات في ليبيا بحوالي 15% خلال العام 2023 عقب زيادة إنتاج النفط من مليون برميل يوميا العام 2022 إلى حوالي 1.2 مليون برميل يوميا العام 2023، كما توقع أن يواصل الإنتاج الارتفاع تدريجيا لاحقا. 

- بينها إصلاح دعم المحروقات.. 3 توصيات من صندوق النقد لـ«المركزي»
- «المركزي» يبحث مع فريق صندوق النقد دعم جهود زيادة إنتاج النفط
- مشاورات مع فريق صندوق النقد بشأن تقييم السياسات الاقتصادية والمالية والتجارية الليبية
- «المركزي» وبعثة «صندوق النقد» يبحثان إطلاق مشاورات متوقفة منذ العام 2013

صندوق النقد يحض على وضع إستراتيجية اقتصادية «أكثر شفافية»
وقال صندوق النقد إن جهود الإصلاح الهيكلي في ليبيا ينبغي أن تركز على تقويه المؤسسات ووضع إستراتيجية اقتصادية مستقبلية «أكثراستهدافا وشفافية»؛ ما يتيح الفرصة لاتحاد الشعب وراء خطة واضحة لتحقيق الاستخدام الأمثل للإيرادات النفطية لتنويع الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز الاحتوائية.

وتقدمت بعثة الصندوق بالشكر إلى مصرف ليبيا المركزي والأطراف الأخرى على «الحوار البناء» حول السياسات والتعاون المثمر، وقالت إن «صندوق النقد الدولي يقف على أهبة الاستعداد لتوفير مساعدات تنمية القدرات اللازمة لتعزيز إدارة الاقتصاد الكلي ودعم جاهزية ليبيا لجهود إعادة البناء في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع».

مشاورات ليبيا وصندوق النقد
واستمرت مشاورات بعثة صندوق النقد الدولي مع المسؤولين الليبيين خلال الفترة من 11 إلى 17 مارس الجاري.

وقال صندوق النقد إن الاضطراب المصاحب لسقوط نظام القذافي العام 2011 أدى إلى تعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الأساسية وتعقيد صنع السياسات، ما نتجت عنه صعوبات في إجراء مشاورات المادة الرابعة. وأشاد بـ«التقدم» الذي أحرزته السلطات في الأونة الأخيرة نحو تعزيز آليات جمع البيانات وتبادلها وشفافيتها. ونبه إلى مساهمة ذلك إلى جانب المرونة التي أتاحتها إستراتيجيته الجديدة بشأن الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، في التمهيد لاستئناف مشاورات المادة الرابعة.

واعتبر الصندوق أن الإطار المؤسسي في ليبيا ساعد البلاد خلال فترة من التقلبات والاضطرابات الاقتصادية الكلية الحادة. فقد شهد إنتاج النفط وإيراداته تقلبات غير مسبوقة منذ العام 2011. ورغم ذلك، قال الصندوق إن الإجراءات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي، والتي تشمل تخفيض سعر الصرف، ساعدت في الحفاظ على «رصيد كبير» من احتياطيات النقد الاجنبي، مشيرا إلى أن استقرار سعر الصرف سوف يبقى دعامة مهمه للسياسه النقدية مستقبلا.