Atwasat

جماعات مسلحة تهرب الوقود الليبي والوجهة تونس وتشاد والنيجر

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 12 مارس 2023, 04:38 مساء
WTV_Frequency

تحول دعم الدولة الليبية للوقود بفاتورة سنوية تناهز 4 مليارات دولار إلى بؤرة فساد استفادت منها عصابات ومافيا التهريب إلى النيجر وتشاد وتواطؤ أحياناً من مسؤولين في دول الساحل.

وأكدت الأمم المتحدة أن النفط في حد ذاته ليس وقوداً، مضيفة أن الجزائر لديها القدرة على تكرير إنتاجها النفطي لكن ليبيا ونيجيريا لا تفعلان ذلك، وذلك في تقرير المنظمة الأممية الجديد المعنون بـ«تهريب الوقود في الساحل».

وحسب التقرير، فإنه على الرغم من استخراج كميات ضخمة من النفط من باطن الأرض، تبقى ليبيا ونيجيريا بحاجة إلى استيراد المنتجات البترولية لتلبية احتياجاتهما المحلية.

الوقود الأرخص
وتدعم ليبيا واردات الوقود بشكل كبير، مما يجعل البنزين والديزل في المحطات الأرخص في العالم. والأسعار الرخيصة للوقود في ليبيا من الدوافع الرئيسية لتهريب الوقود إلى منطقة الساحل لأن معظم الوقود المتاجر به هو وقود رسمي مدعوم من الحكومة الليبية.

ويقدر دعم ليبيا للوقود بما يناهز 3.9 مليار دولار أي 17.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، أما سعر البنزين فيعد الأرخص في ليبيا من ضمن جميع دول أفريقيا بـ0.11 % للتر الواحد، وفق الأمم المتحدة.

ومقارنة بأسعاره في ليبيا وارتفاع ثمنه في دول الساحل، فإن الفروق الكبيرة تخلق فرصة للربح السريع من تهريب الوقود المدعوم، إذ يستفيد الناس بدول الجوار من أسعار غير مشروعة.
مسارات التهريب

وقالت الأمم المتحدة إن تجارة تهريب الوقود من وداخل ليبيا لا تزال مزدهرة النشاط، وأبطالها هم الجماعات المسلحة عبر الحدود، إذ تمارس تلك الجماعات نشاطها بالتعاون مع الشبكات الإجرامية.

وحسبما وثق فريق الخبراء، فإن تدفق الوقود عبر الحدود الليبية إلى تونس مستمر، وأيضاً إلى النيجر وتشاد، ولا سيما على مستوى مواقع التنقيب عن الذهب عند الحدود، حيث أن معظم محطات الخدمة في جنوب ليبيا إما مغلقة أو لا تبيع الوقود حسب السعر الرسمي، مؤكداً التقرير أن تحويلات الوقود المدعم تغذي السوق السوداء المحلية ومن غير الواضح مقدارها.

وتظهر التحقيقات الأممية أن السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية لدول الساحل قادرون على التزود بالوقود للاستخدام الشخصي بنصف السعر عن طريق عبور الحدود إلى ليبيا.

وفيما يتعلق بطرق تهريبه، يشتغل البعض بإجراء عمليات استيراد غير مصرح بها أو تحريف الأصل أو وجهة الوقود للاستفادة من الدعم وتجنب التعريفات التجارية.

- الداخلية: مصادرة شاحنات نقل وقود معدة للتهريب في براك الشاطئ
- «غلوبال بترول»: ليبيا صاحبة الوقود الأرخص في العالم بعد فنزويلا لكن شعبها يعاني في الحصول عليه
- «أفريكان إنرجي» تسلط الضوء على تهريب النفط الليبي مستشهدة بـ«الوسط»

وهناك وسائل مرنة نسبياً في عملية التهريب، مثل الدراجات النارية والمركبات ذات الدفع الرباعي. ما يعني أن تهريب الوقود يجري بنفس الطرق غير الرسمية أو الرسمية لتمرير السلع الأخرى عبر نقاط العبور الحدودية.

كما أن هناك بعض الدلائل على ترابط أشكال أخرى لتهريب الوقود مع جرائم مثل الاتجار بالمنتجات الطبية والمخدرات والأسلحة النارية. فعلى سبيل المثال، جرى إلقاء القبض على مهرب على متن شاحنة تحمل 24 صفيحة وقود و5 آلاف حبة ترامادول، وهو دواء مضاد للألم لكنه مخدر، في 20 أكتوبر من العام 2021، وذلك في بلدة بالنيجر متاخمة للحدود الليبية.

أما في أوائل العام 2017 اكتشفت قوات الأمن التشادية أسلحة مخبأة في صهريج وقود قادم من ليبيا. بعد ذلك، في مارس 2021، جرى الاستيلاء على 17 طناً من القنب في نيامي بالنيجر كانت مخبئة بشاحنة صهريج وقود.

ووفقاً لضابط إنفاذ القانون النيجيري، فان المعتقل في القضية يمتلك محطة خدمات شمال البلاد حيث كان يخطط لإخفاء القنب الهندي في مقصورات منفصلة في صهاريج الوقود المتنقلة إلى أغاديز داخل النيجر، وعندها كان من الممكن أن يجري إرسال المخدرات نحو ليبيا في شاحنات صغيرة ذات دفع رباعي.

كم يجني مهربو الوقود؟
وتسجل الأمم المتحدة إمكانية جني مهرب وقود نقل ما بين 80 و100 عبوة، تحتوي كل منها على 25 لتراً على متن عربة دفع رباعي حوالي 592 دولاراً لكل رحلة. بينما يمكن أن تحمل المركبات العادية 28-35 عبوة من صفائح المياه التي تباع بشكل عام في المناطق الحدودية ما يحقق للعصابات هوامش ربح بـ134 دولاراً.

وأخطر ما أفصح عن التقرير الأممي هو تورط مسؤولين وتجار التجزئة القانونيين للوقود الموجودين في المناطق الحدودية في دول الساحل في التهريب.

وتكشف التقديرات أن حجم الوقود المهرب بمنطقة الساحل يقدر بقرابة 5 مليارات دولار، وتتحكم فيه أربعة تدفقات رئيسية تزود بلدان المنطقة بهذه التجارة؛ الشبكة الأولى من نيجيريا عبر بنين إلى بوركينا فاسو ومالي، والثانية من نيجيريا عبر النيجر إلى مالي، والثالثة من الجزائر إلى مالي النيجر وتشاد، والرابعة من ليبيا إلى النيجر وتشاد.

كما كشفت التحقيقات الأخيرة تورط مجموعات منظمة لها صلات بشخصيات مؤثرة لها مصالح في شركات توزيع الوقود والمؤسسات المالية ومسؤولي إنفاذ القانون الفاسدين.

ففي النيجر المجاورة لليبيا، تشير وثيقة رسمية إلى أن الهيئة العليا لمكافحة الفساد والجرائم المماثلة وثقت تورط 150 مشغلاً اقتصادياً في نظام تهريب الوقود للرحلات ذهابا وإيابا خلال الفترة ما بين العامين 2017 و2018.

كما جرى توثيق تورط موظفي البنوك والضرائب في مخططات لغسل عائدات الاتجار غير المشروع بالوقود من نيجيريا في النيجر. بالإضافة إلى ذلك، جرى الإبلاغ عن قيام ضباط الجمارك بالسماح للمتاجرين بالبشر بعبور الحدود مقابل رشاوى، كما يبين المصدر ذاته.

مقترحات للحل
وفي منطقة ترتفع فيها نسبة العمالة غير الرسمية (تتراوح من 78.2 % في النيجر إلى 96.9 % في تشاد) قد يكون لإنهاء تهريب الوقود عواقب اجتماعية خطيرة، كما يقر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، قائلاً: «يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النقل والطاقة، مما قد يؤثر على تكلفة معظم السلع والخدمات.

وواجهت جهود مكافحة التهريب في المنطقة، لا سيما من خلال الضوابط الجمركية، مقاومة عنيفة جعلت من المستحيل تقريبًا على ضباط الجمارك القيام بواجباتهم، بل أدت إلى وفاة أحد ضباط إنفاذ القانون، وفق المنظمة الأممية.

كما أشارت إلى أن تهريب الوقود يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للبلدان ذات الميزانيات المحدودة بالفعل ويزيد الفساد وينعش نشاط الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة في منطقة الساحل.

وفي مواجهة هذه الآفة سيكون أحد الحلول لدول الساحل والدول المجاورة لها معالجة قضايا تهريب الوقود ذات الصلة المباشرة بالجريمة المنظمة والجماعات المسلحة والفساد، كما يقترح مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الدبيبة يوجه بعودة شركة الخدمات العامة طرابلس لمباشرة أعمالها
الدبيبة يوجه بعودة شركة الخدمات العامة طرابلس لمباشرة أعمالها
تراجع الدولار أمام الدينار الليبي في السوق الموازية (الإثنين 13 مايو 2024)
تراجع الدولار أمام الدينار الليبي في السوق الموازية (الإثنين 13 ...
لجنة مشتركة بين ديوان المحاسبة ومؤسسة النفط لمراجعة آلية توريد المحروقات
لجنة مشتركة بين ديوان المحاسبة ومؤسسة النفط لمراجعة آلية توريد ...
غدا.. انطلاق امتحانات شهادة التعليم الأساسي بمادة الحاسوب
غدا.. انطلاق امتحانات شهادة التعليم الأساسي بمادة الحاسوب
صندوق النقد يطالب برؤية اقتصادية «واضحة» و«عاجلة» للاقتصاد الليبي
صندوق النقد يطالب برؤية اقتصادية «واضحة» و«عاجلة» للاقتصاد الليبي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم