Atwasat

دراسة أممية: استعادة ليبيا 120 مليون دولار من «أموال الفاسدين» تسهم في حل الأزمات

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الأحد 06 يونيو 2021, 12:55 صباحا
WTV_Frequency

حرمت التدفقات المالية غير المشروعة الليبيين من توافر خدمات ذات مستوى يليق بهم لا سيما من المستشفيات والمدارس والطرق وفرص العمل، كما أنها أدت إلى استثمار أقل في إعادة تأهيل البنية التحتية، لكن مع احتمالية استرداد 120 مليون دولار تقريبا من الأصول المفقودة جراء تلك التدفقات، فإن الأمر يعود بالفائدة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وسلطت دراسة صادرة عن كل من: معهد «الأمم المتحدة الإقليمي لأبحاث الجريمة والعدالة» والاتحاد الأوروبي الضوء على تغول الفساد في ليبيا، وحملت الدراسة عنوان: «التدفقات المالية غير المشروعة واسترداد الأصول»، مشيرة إلى وجود «جميع أشكال الفساد الموصوفة في اتفاقية الأمم المتحدة».

وحسب الدراسة، فإن ليبيا واحدة من أكثر الدول فسادا في العالم، حيث احتلت المرتبة 168 من بين 198 دولة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية، وذلك في وقت يعرقل الوضع الأمني الجهود المبذولة، حيث يمنع السلطات من معالجة الأسباب الرئيسية للفساد. كما تتمثل إحدى نقاط الضعف الرئيسية في نظام النزاهة الليبي هو التعامل في الإدارة العامة التي وصفت بأنها ضعيفة الأداء فيما يخص قضايا الحوكمة والشفافية والإدارة. أما القطاع العام قدم صورة سلبية لدى الجمهور، ووفقا لمقياس الفساد العالمي، فإن 48 % من الليبيين يرون أن المسؤولين الحكوميين وموظفي الخدمة المدنية «إما فاسدون أو فاسدون للغاية».

ضعف الشفافية في عقود البناء والنفط
وتعد المشتريات العامة مجال آخر ينطوي على مخاطر عالية للفساد في ليبيا، حيث تقدر منظمة الشفافية الدولية أن حوالي 10 إلى 25 % من جميع قيم العقود يتم فقدها بسبب الفساد.

للاطلاع على العدد (289) من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وفي قطاع النفط، يؤدي الافتقار إلى الشفافية، إلى جانب الأداء الرديء للمؤسسات العامة وإدارة الإيرادات في ليبيا، إلى زيادة مخاطر الممارسات الفاسدة.

وأكدت الدراسة أن هذه الظاهرة والنشاط الإجرامي لهما تأثير مباشر على الحياة اليومية لليبيين، وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية لليبيا بطرق شتى، حيث إن تنقل الثروة بشكل غير موثق له تداعيات خطيرة على الإيرادات الحكومية، والثروة التي يمكن استثمارها في الإنفاق العام وأشكال أخرى من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. ولفتت إلى أن التدفقات المالية غير المشروعة انعكست على عدد المستشفيات والمدارس ومرافق الشرطة والطرق وفرص العمل، بالإضافة إلى تراجع الاستثمار في إعادة تأهيل البنية التحتية التي يعد أمرا ملحا. واعتبرت أن التدفقات المالية غير المشروعة تقوض الاستقرار الاقتصادي والسّياسي في ليبيا، منوهة بضرورة أن تولي ليبيا أولوية كبيرة لمسألة الاستيلاء على الأصول التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، ثم تقوم بمصادرتها وتوجيه هذه الأصول المستردة لتلبية أهمّ متطلّبات التنمية التي تخدم الشعب.

الفساد يثقل كاهل قطاع الصحة
وبخصوص قطاع الصحة، أوضحت الدراسة أن التدفقات المالية غير المشروعة نتيجة الانفلات الذي حدث بعد العدوان على ليبيا، والصراع الذي اندلع منذ العام 2011، أدى إلى تغييرات كبيرة في النظام الصحي، حيث تم إغلاق مراكز الرعاية الصحية الأولية بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب، والنقص الحاد في الأموال والأدوية والإمدادات، ونقص العاملين في مجال الرعاية الصحية، وإجبار المواطنين على طلب الرعاية الصحية في المستشفيات التي عانت من أعباء ثقيلة. أما الخطط التي وضعت لإجلاء جرحى الحرب لتلقي العلاج الخاص في الخارج افتقرت إلى الشفافية والمساءلة.

كما كشفت عن أن نصيب الفرد من الإنفاق الحكومي على الصحة ارتفع في الفترة بين 2005 و2013، من 219 دولارا إلى 432 دولارا، وأن نظام التمويل الصحي يتسم بحصة عالية من الإنفاق الشخصي، حيث بلغ29.7% في 2013، بانخفاض عن 2005، إذ كان يبلغ 35.3%. وساهمت قيود التمويل الصحي التي واجهتها ليبيا وندرة مخصصات الميزانية للعام الماضي في تدهور الخدمات الصحية بشكل كبير. كما أنه على الرغم من زيادة ميزانية الصحة في السنوات الأخيرة، فإنها لا تزال متواضعة مقارنة بميزانية الدول الأخرى المنتجة للنفط في المنطقة، فيما يجري البحث عن مصادر تمويل جديدة للقطاع الصحي مع التركيز أيضا على ترشيد الميزانية الحالية لقطاع الصحة. وتذهب الدراسة إلى أنه في حال أتيح للبلاد استرداد 10 % فقط أي تقريبا 120 مليون دولار من الأصول المفقودة جراء التدفقات المالية غير المشروعة، سيكون من الممكن تغطية ما يقرب من 400 % من متطلبات التمويل التي تم تحديدها في إطار ميزانية خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية (اعتبارا من عام 2020) وسيستفيد من ذلك في قطاع الصحة نحو 203 آلاف شخص يحتاجون إلى المساعدات الصحية الإنسانية المنقذة للحياة والمساعدات المديمة للحياة.

ثلث السكان تحت خط الفقر وبطالون
اجتماعيا، يؤكد المعهد الأممي أن ليبيا تفتقر إلى تخطيط آليات الحماية الاجتماعية، فيما تشير التقديرات، إلى أن ما يقرب من ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر، وأن أزيد من 30% من السكان عاطلون عن العمل، وفقا لتقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2019، الذي احتلت فيه ليبيا المرتبة 110 من أصل 189 دولة وإقليما.

وأخفقت ليبيا في معالجة البطالة التي بلغت في أوساط الشباب نسبة 50%، فيما يمنع الوضع السياسي والأمني المتقلب ظهور إطار إنمائي جديد يمكن أن يولد فرص عمل، إضافة إلى تزايد مشكلة تهريب الوقود الذي تستفيد منه الجماعات دون الأسر الأكثر احتياجا. وإذا أتيح للبلاد استرداد 10% فقط من الأصول المفقودة جراء التدفقات المالية غير المشروعة، سيكون من الممكن تغطية مجمل تكاليف الحد الأدنى من معاشات الشيخوخة لـ100 ألف ليبي، وهم الأشخاص البالغون من العمر 65 عاما أو أكثر، وكذلك مجمل تكاليف الحد الأدنى للأجور لحوالي 100 ألف ليبي.

تحذير من تفاقم مشكلة جودة التعليم
وفيما يتعلق بقطاع التعليم تفتقر ليبيا إلى أنظمة تعليمية عالية الجودة، على الرغم من النسبة العالية من السكان الذين يحسنون القراءة والكتابة، والتي تبلغ حوالي 84%، وهي من بين أعلى المعدلات في المنطقة، ومع ذلك فإن درجات ليبيا ضعيفة للغاية عندما يتعلق الأمر بجودة الخدمات التعليمية مرجحا أن تتفاقم هذه المشكلة خلال العقد المقبل بسبب الصراعات. وبمجرد استرداد 10% فقط من الأصول المفقودة قد يوفر الدعم الذي يحتاج إليه أكثر من 1800 معلم وموظف في قطاع التعليم في مناطق جغرافية متعددة، بما في ذلك بلديات مناطق الجبل الغربي والجفرة والكفرة والزاوية وبنغازي ودرنة والجابية ومصراتة وسبها وطرابلس وزوارة.

وتعليقا على التقرير، قال سير الاتّحاد الأوروبي في ليبيا، خوسيه ساباديل، إن النفاذ إلى التعليم والرعاية الصحية والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى لا يزال يمثل مشكلة لجزء كبير من السكان، على الرغم من الثروة التي تعرف بها ليبيا في الموارد الطبيعية.

للاطلاع على العدد (289) من جريدة «الوسط» اضغط هنا

ويهدف الاتحاد الأوروبي من خلال الدراسة إلى تحديد خارطة طريق لمساعدة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والمسؤولين الآخرين على معالجة هذه المشكلة وتوجيه الأموال المستردة نحو تحسينات عاجلة في توفير الخدمات العامة، حسب ساباديل.
كما لفتت مديرة معهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة، أنطونيا ماري دي ميو، إلى أن الدراسة تكشف مدى أهمية تحسين ليبيا لآلياتها من أجل مصادرة الأصول المرتبطة بأعمال الفساد والنشاط الإجرامي المنظم بشكل ناجع وفعال.

الثراء غير المبرر
ومن أبرز توصيات الدراسة الأممية الأوروبية، تحديد وتنفيذ آليات تحسين الكفاءة في حجز الأصول ومصادرتها وتوزيع الأموال بطريقة شفافة لتلبية الاحتياجات الإنمائية ذات الأولوية القصوى، بالتعاون الوثيق مع منظمات المجتمع المدني.

وحثت السلطات على توفير الموارد اللازمة لمواجهة الجريمة المنظمة وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويتطلب ذلك زيادة الميزانية وعدد الموظفين وتحسين المهارات، وكذلك تمويل الأبحاث التي تدعم السياسة الفعالة من خلال التحليل القائم على الأدلة لتحديد حجم التدفقات المالية غير المشروعة، والأشكال التي يتخذها هذا التهديد، والطرق التي يتطور بها في ليبيا وفي المنطقة. وإلى جانب ذلك، شددت على ضرورة ترسيخ استخدام المصادرة الممتدة كمعيار في نظام العدالة الجنائية، كقاعدة وليس استثناء، بما يسمح للمحكمة بعد إدانة شخص ما بجرائم خطيرة محددة يمكن أن تولد تدفقات مالية كبيرة، بإصدار أمر يقضي بأن جميع مداخيل وأصول المدعى عليه التي تم اكتسابها على مدى السنوات الخمس إلى العشر سنوات الماضية مثلا «تعتبر متحصلا عليها بطرق غير مشروعة، ما لم يتمكن حامل الملكية من إثبات أن الممتلكات قد تم الحصول عليها بطرق قانونية وبأصول مكتسبة بشكل قانوني وبحسن نية».

وأوصت أيضا بترسيخ استخدام الإجراءات المتعلقة بالإثراء غير المبرر كمعيار في نظام العدالة الجنائية، إذا أثبتت الدولة للمحكمة أن الأصول التي في حوزة الفرد تتجاوز بكثير مداخيله المبلغ عنها أو الممكنة بشكل معقول، وانتشار استخدام مثل هذا الإجراء القضائي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في «اقتصاد بلس»: رغم مشاريع إعادة الحياة.. طرق طرابلس تختنق
شاهد في «اقتصاد بلس»: رغم مشاريع إعادة الحياة.. طرق طرابلس تختنق
وكالة أممية: السودانيون الفارون من الحرب يقيمون في أكثر من 50 مخيمًا غير رسمي بالكفرة
وكالة أممية: السودانيون الفارون من الحرب يقيمون في أكثر من 50 ...
شاهد في «هنا ليبيا».. شابة ليبية تتحصل على رخصة طيران خاص
شاهد في «هنا ليبيا».. شابة ليبية تتحصل على رخصة طيران خاص
شاهد في «وسط الخبر»: بنغازي عاصمة الثقافة الإسلامية.. بين التقليل والتهليل
شاهد في «وسط الخبر»: بنغازي عاصمة الثقافة الإسلامية.. بين التقليل...
الجيش الجزائري: آلية التشاور مع ليبيا وتونس كفيلة بقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية
الجيش الجزائري: آلية التشاور مع ليبيا وتونس كفيلة بقطع الطريق ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم