أعادت عمليات العزل العام وإجراءات التباعد الاجتماعي، التي تم تطبيقها في جميع أنحاء العالم لكبح جماح جائحة فيروس «كورونا»، تشكيل الحياة وتقنين الأنشطة التي كانت ذات يوم من العادات اليومية، فضلا عن استحداث أعراف اجتماعية جديدة.
لكن هناك دائما بعض الأشخاص الذين لا يلتزمون بالقواعد، وكسرها ليس بالظاهرة الجديدة، غير أن علماء السلوك يقولون إن ذلك يتفاقم في ظل جائحة «كورونا»، بسبب العوامل الثقافية والسكانية والنفسية التي يمكن أن تجعل المخالفين يبدون أكثر أنانية وخطورة، وفقا لوكالة «رويترز».
فما الذي يجعل بعض الأشخاص يخالفون القواعد بينما يلتزم بها آخرون، العامل الرئيسي في ذلك هو النزعة الفردية مقابل الجماعية، ويقول أستاذ علم النفس المساعد بجامعة نيويورك جاي فان بافيل: «بعض البلدان تميل إلى تعزيز النزعة الفردية، التي تتعلق بالتعبير عن إحساسك بالهوية ومن أنت كفرد».
يميل الناس في الثقافات الفردية إلى رفض القواعد وتجاهل محاولات سلطات الصحة العامة للحث على تغيير السلوك من خلال رسائل التنبيه بالمخاطر أو النداءات للإيثار ووضع الآخرين في الاعتبار. وأوضح الخبير بمعهد السياسة في كينغز كوليدج لندن مايكل ساندرز: «إذا قلت، على سبيل المثال، إن وضع الكمامة سيساعد في حماية الآخرين، لا يأبه الناس في الثقافات الفردية كثيرا بذلك»، أما في الثقافات الجماعية، فمن المرجح أن يفعل الناس ما هو الأفضل للجماعة.
ومن الغرائز ذات التأثير الكبير على السلوك البشري، هما الثقة والخوف، فمن غير المرجح في المجتمعات التي تشهد انقساما سياسيا أكبر أن يثق الناس، على سبيل المثال، بالنصائح من جانب أو آخر ويميلون أيضا إلى تشكيل معسكرات «مع» و«ضد»، والتفاؤل والخوف مهمان أيضا. والقليل من كليهما يمكن أن يكون إيجابيا، لكن الإفراط في أيهما قد يعود بالضرر، وقال فان بافيل: «في وضع مثل الجائحة، يمكن أن يقودك (التفاؤل) إلى مجازفة تنطوي على مخاطر جمة».
لماذا التباعد الاجتماعي صعب؟
يقول فان بافيل: «نحن حيوانات اجتماعية حقا، فأجسادنا وعقولنا مصممة للتواصل والجائحة من أوجه كثيرة تتعارض مع غرائزنا للتواصل».
وهذا من أسباب ظهور حالات تفشي المرض المحلية في الحانات والنوادي الليلية أو الاحتفالات الدينية وحفلات الزفاف، وأضاف: «يواجه الناس صعوبة في مقاومة هذا الميل للتواصل الاجتماعي والجماعي».
وإذا كان من يكسرون القواعد يمثلون أقلية، فلماذا يكون ذلك مهما؟ يجيب ساندرز: «المشكلة هي أنه في مشكلة جماعية ضخمة مثل التي نواجهها الآن، إذا خالف الجميع القواعد قليلا، فلا يختلف الأمر عن عدم اتباع الكثيرين لها».
تعليقات