Atwasat

البوصيري يرسم ملامح المسرح الليبي

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الخميس 11 مارس 2021, 03:00 مساء
WTV_Frequency

يقدم الكاتب المسرحي البوصيري عبدالله في كتابه «المسرح الليبي في العهد العثماني الثاني» الصادر أخيرا عن الهيئة العامة للثقافة، صورة تفصيلية تبحث في ملامح المسرح الليبي إبان تلك الفترة، متناولا في ستة أبواب مظاهره في المناسبات الاجتماعية والدينية والطقس الحياتي العام، وكذا الظروف التي نشأت فيها الفرق المسرحية المحلية والأجنبية وأسماؤها والموضوعات التي تناولتها تفاعلا مع المعطى السياسي والثقافي.

ويتناول المؤلف تحت عنوان «العناصر التشخيصية في التقاليد الشعبية»، أشكال الرقص الشعبي في مناطقه التي عرف بها والقالب المسرحي الذي يقدمه في صوره الحركية والغنائية وتبيان العناصر الدرامية بها، ويسوق كأمثلة على ذلك رقصة «الكادة» بمرزق و«تيمللوكي» بغات، و«الحجالة أو الكشك» بالمدن الشرقية، مشيرا إلى أن أهمية الرقص تقابلنا في مجتمعنا العربي الليبي في كثير من الكتب التي تناولت تاريخ البلاد، ما يعطي دليلا على مدى انتشار هذا الفن في المجتمع.

المواكب السلطانية
ويوضح البوصيري فيما يخص المواكب الاحتفالية في كون أهميتها لا تقل هي الأخرى عن مظاهر الطقوس الدينية، وهنا يدلل برأي الناقد الإنجليزي مارتن اسلن القائل إن تلك الطقوس تتضمن عناصر درامية قوية، رغم أن هذه الفعاليات لم ترتق إلى مستوى فعاليات الدراما بالمعنى الدقيق، مع أن الفواصل بين المناسبات الطقسية والرسمية من وجهة نظره هي خطوط مرنة.

كما يسرد الكاتب جانبا من مشاهد المواكب السلطانية آنذاك، زمن علي باشا وابنه يوسف باشا القره مانللي، وكيف تبدو فيها عناصر العرض المسرحي متكاملة من حيث التكوين والتوازن، الإيقاع والحركة، إضافة للموسيقى والمؤثرات والألوان.

ويفسح الباحث كذلك مجالا للحديث عن عوالم الفن في الملاهي الشعبية خصوصا في شهر رمضان ونماذجها في الحكواتي والمسحراتي، الذي يعد من أقدم الظواهر المسرحية في بلادنا ومن أظرف الملامح الرمضانية التي أثارت انتباه الأوروبيين حينها، كذلك الكراكوز الذي يعرض الكتاب بعضا من نصوصه مثل لعبة «الحشايشي، السانية، العروسة، إلخ» في إشارة إلى أن الكراكوز دخل حياتنا ودس أنفه الطويل بحسب تعبير المؤلف في قضايانا الاجتماعية، وكان حادا وصريحا في نقدها حد الإسفاف أحيانا، ومع ذلك لم تزده هذه القسوة الممزوجة بالسخرية إلا اقترابا من ذوات الناس وقلوبهم حتى أصبح أشهر شخصية تضمها برامج الحفلات الرمضانية.

فرق أجنبية
ويتطرق البوصيري إلى الدلائل الكتابية على وجود وازدهار فن المسرح في تلك الفترة، منها الوثائق المتصلة بالتشريعات القانونية والثقافية، وأخرى أمدنا بها الرحالة الأجانب من خلال ما دونوه من ملاحظات، مع ملاحظة أن هذه الوثائق لم تشر إلى عروض بعينها ولا عناوين مسرحية، بل اكتفت بتسجيل الظاهرة في عمومها.

ويشير المؤلف إلى الفرق الأجنبية الزائرة كالفرنسية التي قدمت إلى طرابلس منذ زمن الحكم القرمانللي والفرق الإيطالية التي لا نجد حضورا يؤرخ لوجودها الفعلي إلا بالإشارة إلى أقدم وثيقة لزيارة إحداها الأراضي الليبية في العهد العثماني الثاني سنة 1875، وهي رسالة بعث بها الشاعر أحمد الفقيه حسن «الجد» إلى صديقه أحمد المهدوي جد الشاعر أحمد رفيق أوردها الدكتور محمد مسعود جبران ضمن دراسته عن أدب الفقيه حسن.

يورد البوصيري أيضا ذكر عناوين مسرحيات أقيمت في تلك الفترة مدونة في صحيفة الترقي كمسرحيات «وطن» و«شهداء الحرية» و«محاكمة المستبدين»، موضحا أن دوافع العروض المسرحية تتحرك في مناسبتين، سياسية واجتماعية، والبعدان هما وجهان لعملة واحدة، وكان المسرح الليبي يتحرك وفق هذا المفهوم باعتبار النشاط الإنساني الذي يبذل في سبيل الحد من انتشار الفقر والجهل هو غاية سياسية.

نكتفي هنا بهذا العرض المبسط ونترك للقارئ مهمة الاطلاع على الكتاب.

الكاتب المسرحي البوصيري عبدالله (بوابة الوسط)
الكاتب المسرحي البوصيري عبدالله (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شركة يابانية تستخدم الذكاء الصناعي لترجمة قصص المانغا
شركة يابانية تستخدم الذكاء الصناعي لترجمة قصص المانغا
سويسرا تفوز بمسابقة يوروفيجن
سويسرا تفوز بمسابقة يوروفيجن
تغيير في رئاسة تحكيم «أسبوع النقاد» بمهرجان كان
تغيير في رئاسة تحكيم «أسبوع النقاد» بمهرجان كان
خسائر مالية بصالات الحفلات الموسيقية في بريطانيا
خسائر مالية بصالات الحفلات الموسيقية في بريطانيا
«الثقافة الفلسطينية» تنفذ مشروع «المرسم المفتوح» في غزة
«الثقافة الفلسطينية» تنفذ مشروع «المرسم المفتوح» في غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم