3- «الرسام جان فرانسوا ميليه: 4 أكتوبر 1814 - 20 يناير1875 »
يعد «ميليه -Millet» الرسام الفرنسي ، من ابرز رواد المدرسة الواقعية، درس الرسم في كلية الفنون الجميلة في باريس، ثم عاد إلى قريته عام 1849، وهناك رسم الكثير من أعماله ، متخذا من واقع حياة مزارعي القرية مواضيع للوحاته، التي تبرز الحياة اليومية للقرية كافة، تميل ألوانه إلى بنية خفيفة اللون تعكس تربة قريته، التي جعلها تتألق بسبب ضوء الشمس بلون ذهبي ناعم. يعتبره النقاد حلقة الوصل حلقة بين المدرسة الرومانتية والواقعية. عاش، ورسم في قريته «الباربيزون» فمنحها مدرسة تسمت باسمها. إن رسامي هذه المدرسة، هم في الواقع جزءًا من حركة فنية كانت البداية نحو الاتجاه إلى الواقعية في الفن، والتي نشأت في سياق الحركة الرومانتية المهيمنة في ذلك الوقت، وجمعت العديد من الفنانين، تمثلت سماتهم البارزة في الصفات المميزة للون وعمل الفرشاة الفضفاضة ونعومة الشكل.
نمت موهبته بنقله للوحات أساتذة الفن، في اللوفر. فضل في بدأيه أعماله استخدام الألوان القاتمة. ثم انتقل سريعا من تصوير لوحات متحف اللوفر التي كان يتكسب منها، واتجه تدريجيا إلى المناظر الريفية في قريته، فأصبح من أبرز رسامي الريف وطبيعته، ونشاط أهله. صورت موضوعيه المستمدة من واقع مشاهداته، الكثير من الفرح والحزن بصفاء وبألوان هادئة، فتميزت بواقعيتها وصدقها. وتعد لوحة «حاصدات بقايا السنابل-1875» من أفضل أعماله؛ إذ تناولها النقاد مبرزين دقته في حركة الحاصدات المرسومات في حقل فسيح من حقول زراعة القمح، فنجد في اللوحة ثلاث نساء، اثنتين منهن، منحنيات فوق الأرض، تقوما بجمع ما تبقى من السنابل في الأرض، والثالثة بقامتها المرتفعة قليلا عن الاثنتين، فعكست الصورة تضاد بين حركه الاثنين والثالثة، فيما نرى بعيد عنهن أكوام القمح المحصودة، وحركة المزارعين وعربه إلى خيَال وحصان. اللوحة رسمت في مكانها الطبيعي، بينما الجميع منهمكون في العمل. ولقد استخدم ضوء الشمس، فبدأ اللون الذهبي يغمر اللوحة، بما فيها سنابل القمح الذهبية. ونالت، أيضا، لوحة «ملتقطو البطاطا» شهرة خاصة، فهي نفذت عام 1857، وتبرز مزارعات حدبات يعملن في ضوء المساء. فيما يظهر مزارعان عند سلة من البطاطا.
قال «ميليت» عن نفسه: «مواضيع المزارعين أفضل ما يتوافق مع طبيعتي. والجانب الإنساني يمسني أكثر فأحاول أن ابرزه في لوحاتي، غير أن الجانب المبهج لا يظهر لي بالصورة المرجوة، لدرجة أنه بإمكاني أن أقول إنه غير موجود، لم ينكشف لي أبدًا، إن أجمل ما أعرفه، وأحس به هو السلام والهدوء الممتعين في الغابة وفي الحقول المزروعة، وهو ما يمنحني دائمًا شعورًا يشبه الحلم الحزين، الذي غالبا ما يكون لذيذ للغاية». بعض لوحاته، ألهمت فيما بعد الكثير من الرسامين العالميين مثل «الفنان فان جوخ» في لوحته «الزارع قبيل غروب الشمس».
تعليقات