فشل مجلس النواب اللبناني مجددا، وللمرة الـ12، في انتخاب رئيس جديد للدولة، بعدما أخفق المرشحان سليمان فرنجية وجهاد أزعور في حصد الأصوات المطلوبة، مما دفع محللون إلى ترجيح الدخول في مرحلة «الفراغ الطويل».

وقد افتتح رئيس البرلمان نبيه بري، حليف «حزب الله» الأبرز، عند الحادية عشرة صباحا (08.00 بتوقيت غرينتش) الجلسة البرلمانية في حضور النواب كافة (الـ128). إلا أن الجلسة فشلت في انتخاب رئيس على الرغم من توافر نصاب انعقادها في الدورة الأولى، حيث انسحب نواب، على رأسهم نواب كتلة «حزب الله» وحليفتها «حركة أمل»، التي يتزعمها بري، ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية، وفق وكالة «فرانس برس».

وفي الدورة الأولى من الجلسة، حصل أزعور على 59 صوتا وفرنجية على 51 صوتا. ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين، أي 86 صوتا، للفوز.
في حين أن الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

وبعدم حصول المرشحين الرئيسيين على أكثرية تحسم النتيجة، رجح محللون سيناريو الدخول في مرحلة من «الفراغ الطويل». وقال الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار لـ«فرانس برس»: «بغياب ضغط دولي كبير وتسوية حول مرشح، قد يتطلب الأمر أشهرا عدة قبل انتخاب رئيس».

واعتبر بيطار جلسة الأربعاء، على غرار سابقاتها، عبارة عن «وسيلة للقوى السياسية من أجل تحديد وزنها الانتخابي»، لذلك عنونت جريدة «الأخبار» المحلية، المقربة من «حزب الله»، صفحتها الأولى بكلمة «الفراغ».

ارتفاع أسهم أزعور
ارتفعت أسهم أزعور، الذي انضم لصندوق النقد الدولي العام 2017 وشغل منصب وزير المالية اللبناني بين 2005 و2008، في الأسابيع الأخيرة إثر اتصالات مكثفة انتهت بإعلان كتل رئيسية ونواب معارضين لـ«فرنجية» تأييدهم ترشيحه.

إثر ذلك، أعلن النائب ميشال معوض، أول من خاض السباق الرئاسي ونال العدد الأكبر من الأصوات خلال الجلسات السابقة من دون أن يحقق الأكثرية المطلوبة، تراجعه عن ترشحه لمصلحة أزعور.

ويعد حزب القوات اللبنانية، الذي لديه كتلة برلمانية مسيحية وازنة، والتيار الوطني الحر، المسيحي الأبرز والرافض وصول فرنجية حليف «حزب الله»، وكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، من أبرز داعمي أزعور.

«مرشح المواجهة والتحدي»
بعد دعم ترشيحه، تنحى أزعور موقتا عن مهامه كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد. وقال، في أول تعليق له، إنه يريد لترشحه أن يكون «إسهاما في الحل، وليس عنصرا يُضاف إلى عناصر الأزمة». وأكد أنه «ليس تحديا لأحد»، في رد على «حزب الله» الذي وصف عدد من نوابه أزعور بمرشح «المواجهة والتحدي».

البرلمان اللبناني يخفق في انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الـ12
رئيس مجلس النواب اللبناني: المقاومة هي اللغة التي يفهمها العدو الإسرائيلي
لبنان يؤجل انتخابات محلية عاما لتجنب المزيد من الشلل السياسي
للمرة التاسعة.. البرلمان يفشل في انتخاب رئيس للبنان

وقبل دخوله قاعة البرلمان الأربعاء، قال النائب في كتلة «حزب الله» حسن فضل الله: «الرئيس لا يُنتج إلا بالتوافق»، داعيا إلى الحوار بين القوى السياسية، ومؤكدا: «لا نفرض على الآخرين، ولا نريد أن يفرضوا علينا».

واعتبر رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد، الإثنين، من يدعمون ترشيح أزعور، دون تسميتهم، «لا يريدون إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وإنّما يستخدمونه فقط في منع وصول مرشّح المقاومة»، في إشارة إلى فرنجية.

فرنجية: سأكون رئيسا لكل اللبنانيين
أكد فرنجية، في كلمة يوم الأحد، أنه سيكون «رئيسا لكل اللبنانيين»، على الرغم من تحالفه مع «حزب الله»، وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة إلى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بـ«مرشح الممانعة»، في إشارة إلى «حزب الله».

وقال في كلمة: «أذكرهم في 2016 دعموا مرشح الممانعة الرئيس ميشال عون».

فرنسا تبحث عن حل لأزمة لبنان
في العام 2016، وصل عون إلى رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي، واستنادا إلى تسوية سياسية بين حزب (التيار الوطني الحر) وخصومه. وأقر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، في مارس، بأن حزبه وحلفاءه عطلوا حينها النصاب حتى انتخاب عون.

وبينما يبدو الملف اللبناني غائبا عن الاهتمام الدولي، وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكا، لتسريع انتخاب رئيس.

ومن المتوقع أن يصل بيروت قريبا وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، الذي عينته باريس مبعوثا خاصا إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر إن بلادها تدعو لبنان إلى أخذ جلسة الأربعاء «على محمل الجد، واغتنام الفرصة التي توفرها، للخروج من الأزمة». وأكدت «الأولوية التي توليها الدبلوماسية الفرنسية، لحل الأزمة في لبنان».

واشنطن تدعو البرلمان اللبناني إلى الاستمرار حتى «إنجاز المهمة»
من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: «نعتقد أنه ما دام لم يجر انتخاب رئيس فيجب على البرلمان الاستمرار إلى حين إنجاز المهمة».

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد فيه لبنان منذ العام 2019 انهيارا اقتصاديا، صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بينما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.

ويمكن للانقسام الحاد بين القوى السياسية أن يمهّد الطريق، وفق بيطار، لـ«مفاوضات ستصل في نهاية الأمر إلى حل الرجل الثالث، وانتخابات يمكن أن تُعد مسبقا على غرار معظم الانتخابات السابقة في تاريخ لبنان».