Atwasat

التسرب من التعليم في السودان.. 7 ملايين طفل توقفوا عن الذهاب للمدارس بسبب فقر أسرهم

القاهرة - بوابة الوسط السبت 15 أكتوبر 2022, 03:40 مساء
WTV_Frequency

مع بدء العام الدراسي في السودان، أُجبرت الطفلة زهرة حسين البالغة تسع سنوات على البقاء في البيت للمساعدة في الأعمال المنزلية، فقد اضطرت للتوقف عن التعلّم بسبب شح الموارد المالية لعائلتها.

وتوقفت زهرة عن ارتياد المدرسة قبل عام وكانت قد بدأت للتو حضور حصص الصف الثالث، في مدرسة ذات مبنى متهالك وصفوف قديمة، جدرانها متشققة ومقاعدها مكسّرة ومراحيضها تفتقر للمياه، حسبما رصدت وكالة «فرانس برس» في تقرير عن أحوال السودان مع بداية العام الدراسي.

وقبل ذلك كانت زهرة ترتاد المدرسة بانتظام وتتفوق في امتحاناتها ومؤخرا كانت طليعة صفها.

الظروف المالية تحرم طفلة متفوقة من إكمال الدراسة
وفي قرية «عد موسى» بولاية كسلا الواقعة في شرق السودان، قالت زهرة للوكالة الفرنسية: «كان ترتيبي الثالثة في الصف الأول، لكن أبي ما عنده قروش وعشان كده تركت المدرسة».

وأضافت: «سوف ارجع الى المدرسة فورا لو حصلنا على قروش لشراء الوجبة والكراسات».

7 ملايين طفل سوداني توقفوا عن الذهاب للمدارس
وزهرة واحدة من سبعة ملايين طفل في السودان توقفوا عن ارتياد المدرسة، وهي ضحية واقع تصفه وكالات إغاثة بأنه "كارثة جيلية".

والسودان واحد من أفقر بلدان العالم ويعاني من انعدام للاستقرار السياسي وموجات جفاف وتتهدّده المجاعة ويشهد نزاعا، وبحسب البنك الدولي يقتصر معدّل الإلمام بالقراة والكتابة في صفوف البالغين فيه على نحو 60 بالمئة.

ومنذ سنوات يعاني أطفال السودان من صعوبات في تلقي التعليم المناسب، خصوصا في المناطق الريفية.

وأخرجت الأسر التي تعاني من ضائقة اقتصادية شديدة أطفالها من المدارس في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد ثلاثة عقود وأطيح في أبريل 2019.

وتشهد البلاد اضطرابات منذ الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان العام الماضي وأخرج العملية الانتقالية عن مسارها.

الأزمات السياسية تؤثر على انتظام الدراسة
وفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية المتزايدة والنزاعات الاتنية المتجددة والإغلاق المطوّل للمدارس إبان جائحة كوفيد-19، الأزمة التعليمية.

وينظّم مئات المدرّسين إضرابات متكررة احتجاجا على تريد الأوضاع المعيشية. كما أن الفيضانات التي ضربت مناطق مختلفة هذا العام ألحقت أضرارا بأكثر من 600 مدرسة، ما تسبب في إرجاء موعد انطلاق العام الدراسي الذي يبدأ عادة في يوليو ويمتد حتى أكتوبر.

السودان ثاني أكثر دولة معرضة للمخاطر التعليم
وخلال العام الجاري، صُنّف السودان في المرتبة الثانية، بعد أفغانستان، من ضمن أكثر 100 دولة نظامها التعليمي عرضة للمخاطر وفق «مؤشر مخاطر التعليم 2022».

وقال مدير مكتب منظمة «إنقاذ الأطفال» في السودان، إرشاد مالك، إن النظام التعليمي في السودان هش للغاية لعدة عوامل من البنية التحتية الى جودة التعليم.

وأوضح في تصريح إلى الوكالة الفرنسية أنه من أصل 12.4 مليون طفل يرتادون المدرسة، 70 % من الأطفال البالغين عشر سنوات غير قادرين على قراءة جملة بسيطة وفهمها.

وعلى الرغم من ان النظام التعليمي متهالك إلا أنه لا يزال يمنح أطفالا على غرار زهرة سبيلا للمضي قدما في الحياة.

توقف صرف الوجبات يبعد التلاميذ عن الدراسة
وكانت المدارس في بعض المناطق الريفية تقدّم وجبات طعام مجانية للتلاميذ، لتشجيع العائلات التي تعاني من ضائقة مالية على إرسال أولادهم إلى المدرسة.

ولكثر من هؤلاء الأولاد، هذه الوجبات المدرسية التي تتألف من العدس والخضار والبسكويت هي كل ما يتناولونه من طعام طوال اليوم.

ويعاني السودان من نقص في المواد الغذائية، ما يعرّض 15 مليون شخص، أي نحو ثلث السكان، لخطر الانعدام الحاد للأمن الغذائي.

وبحسب المدرّس محمد طه الذي يعمل في مدرسة قرية ود شريفي القريبة من كسلا، فإن المدارس متوقفة منذ عامين عن تقديم الوجبات، مما أثر بشكل كبير على حضور التلاميذ.

وشدّد عثمان أبوبكر، وهو عامل مياوم لديه تسعة أولاد، على أنه لم يعد قادرا على تحمّل نفقات الطعام والنقل واللوازم المدرسية لكل أولاده.

وقال أبوبكر الذي لم يعد يرتاد المدرسة سوى اثنين من أولاده «لو أن الوجبات لا تزال متوفرة في المدرسة... لكان ذلك عاملا مساعدا». وأشار إلى أن الأولاد باتوا يساعدون في تأمين الدخل الشهري للأسر.

أولياء أمور: عمل الأطفال ليس جيدًا لكننا مجبرون
يملك عبد الله ابراهيم مقهى في قرية قلسا ولديه سبعة أولاد، يعمل بعضهم معه فيما يعمل البقية في بيع المثلجات أو في مخبز.

أما أوهاج سليمان وهو عامل مياوم يبلغ 43 عاما فيقول إن ذهاب الأطفال إلى العمل ليس أمرا جيدا «لكننا مجبرون».

تحذير من ترك التعليم والاتجاه للزواج المبكر
وحذّر تقرير أصدرته منظمتا الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الشهر الماضي من أن الفتيات هن الأكثر ضعفا.

وفي هذه الأوضاع تزداد احتمالات تزويجهن بسن مبكرة أو إخراجهن من المدرسة للمساعدة في الأعمال المنزلية، وفق مالك.

وقال مالك إن نحو أربع من كل عشر فتيات تركن المدرسة في السودان، مقابل ثلاثة من كل عشرة فتيان. وحذّر من أن عدم التحرّك سيؤدي إلى مزيد من الفقر وعدم المساواة.

ويساور القلق العائلات التي أخرجت أولادها من المدرسة بسبب الضبابية التي تخيّم على مستقبلهم.

وقال ابو بكر «أدرك أن ترك الأطفال من دون تعليم هو أكبر كارثة، لكننا في حاجة ماسة».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وفد جنوب أفريقيا أمام «العدل الدولية»: رفح تذكرنا بـ«سربرينيتسا في البوسنة»
وفد جنوب أفريقيا أمام «العدل الدولية»: رفح تذكرنا بـ«سربرينيتسا ...
واشنطن تعلن إنجاز ربط الميناء العائم في غزة
واشنطن تعلن إنجاز ربط الميناء العائم في غزة
جيش الاحتلال يقرر إرسال قوات إضافية إلى رفح
جيش الاحتلال يقرر إرسال قوات إضافية إلى رفح
القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية «في الأرض الفلسطينية المحتلة» لحين تنفيذ حل الدولتين
القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية «في الأرض الفلسطينية ...
أحمد أبوالغيط: لو كانت دماء غزة «أوروبية» ما كان ذلك ليحدث
أحمد أبوالغيط: لو كانت دماء غزة «أوروبية» ما كان ذلك ليحدث
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم