Atwasat

الموسيقى ملاذ تلاميذ اليمن من ويلات الحرب

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 27 يناير 2019, 03:45 مساء
WTV_Frequency

كلما شعرت الطفلة اليمنية نظيرة الجعفري بالضيق نتيجة الحرب في بلدها، لجأت إلى الموسيقى بعدما أدرجتها مدرستها الواقعة في مدينة تعز في البرنامج التعليمي لتدريسها كباقي المواد.

وفي غرفة صغيرة في مدرسة «النوارس»، يصدح صوت الموسيقى من آلة «أورغ»، بينما تراقب الجعفري، بابتسامة، مدرّستها وهي تضغط بأصابع يديها الاثنتين على مفاتيح الآلة الموسيقىة، الواحد تلو الآخر. وتقول الطفلة لوكالة «فرانس برس»: «أحب مادة الموسيقى»، مضيفة: «في الأوقات التي أكون فيها غير مرتاحة، أعزف الموسيقى».

وأتقنت الجعفري عزف موسيقى أغانٍ معروفة، بينها أغنية أعياد الميلاد، و«نسم علينا الهوى» للمطربة اللبنانية فيروز، بينما تقوم مؤخرًا بالتدرب على عزف أغنية «أنت عمري» لكوكب الشرق الراحلة أم كلثوم. وتقول وهي تجلس خلف آلة «الأورغ» إنها تتمنى «أن ينتصر اليمن» وتنتهي الحرب المستمرة منذ 2014 حتى تبدأ «حياة جديدة».

واشتهرت مدينة تعز، الواقعة جنوب غرب اليمن، بجودة حبوب البن التي تزرع فيها وتصدَّر إلى الخارج عبر ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر في غرب اليمن. لكن مدينة تعز وضواحيها أصبحت منذ نحو أربع سنوات مسرحًا لقتال شرس بين القوات الموالية للحكومة التي تسيطر عليها بمساندة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يحاصرونها.

وتناشد الأمم المتحدة أطراف النزاع للسماح بفتح ممرات إنسانية من المدينة إلى خارجها. وقد جرى الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية مشتركة ووقف إطلاق النار في محادثات في السويد الشهر الماضي، لكن الاتفاقات لم تطبق بشكل كامل.

خط نار

وتعرضت مدرسة «النوارس»، المؤلفة من ثلاثة طوابق، إلى أضرار بسبب القتال في العامين 2015 و2016، لكنها أعادت فتح أبوابها في سبتمبر 2016، بينما بقيت آثار الرصاص والقذائف على جدرانها شاهدة على حرب قُـتل فيها نحو 10 آلاف شخص ووضعت ملايين على حافة المجاعة.

ويقول القيمون على المدرسة إن حصة تعليم الموسيقى التي أُضيفت إلى البرنامج التعليمي، تهدف إلى إدخال بعض السعادة في قلوب الطلاب. ويؤكد مدير المدرسة، شهاب الدين أحمد، أن المنطقة التي تقع فيها المدرسة «خط مواجهات وخط نار. لقد اُضطررنا لنقل (الطلاب) للخارج» للاستقرار والتعلم في مبنى آخر بعيدًا عن الاقتتال.

وتابع: «كانت الحالة النفسية للطلاب صعبة» عندما أعادت المدرسة فتح أبوابها «فحاولنا أن ندخل مادة ترفيهية، واخترنا الموسيقى»، مشيرًا إلى أن جامعة في المخا قامت بإعارة المدرسة آلات وأدوات موسيقىة. وقال أحمد: «نشاهد الطلاب وهم يتفاعلون معها. العائد الإيجابي ممتاز جدًّا».

تعبير بأغنية

رغم أن الحصص الموسيقية ليست جزءًا من برنامج علاج نفسي أكبر في هذه المدرسة، إلا أن الموسيقى غالبًا ما تستخدَم حول العالم كوسيلة لدعم ومساندة أشخاص تعرضوا لصدمات نفسية أو عاشوا في مناطق حرب

وفي الغرفة المتواضعة المخصصة لتدريس الموسيقى في مدرسة «النوارس»، يخرج عشرات الأطفال يوميًّا من أجواء الحرب والمعاناة، ليغنوا ويصفقوا ويتعلموا العزف على الآلات، في بلد تقول الأمم المتحدة إنه أصبح موطن أكبر أزمة إنسانية في العالم. ويردد الأطفال عبارة: «هذا وجهي، هذا أنفي» بالإنجليزية على وقع الموسيقى، ويغني آخرون أغنية عنوانها «العلم سلاح».

وفي تعز، تشعر مدرِّسة الموسيقى في مدرسة «النوارس»، عبير أحمد الشرعبي، بأن الطالب في الحصص التي تعطيها «يحس براحة أكثر من الحصص الأخرى. الطاقة التي تخرج في حصة الموسيقى أكبر من الطاقة التي تخرج في الحصص الأخرى». وتتابع الشرعبي قائلة: «الحروب تسبب الألم، ولذلك فإن الشيء الذي نشعر به في داخلنا أحيانًا نعبر عنه بأغنية».

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى أن 2500 مدرسة من بين نحوى 16 ألفًا هي خارج إطار الخدمة حاليًا، 66 % منها تضررت بسبب أعمال العنف، و27 % أغلقت أبوابها كليًّا، بينما تستخدم 7 % ملاجئ لنازحين أو معسكرات لأطراف النزاع.

وحرم توقف هذه المدارس عن التعليم 1.84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1.6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع (بحسب أرقام 2017). ويبلغ عدد سكان اليمن أكثر من 27 مليون نسمة، نصفهم دون الثامنة عشرة.

وحذرت «يونيسف» العام الماضي من أن أربعة ملايين طالب إضافي قد يحرمون من الدراسة، خصوصًا في المحافظات الشمالية الخاضعة في غالبيتها لسيطرة المتمردين، بسبب عدم تلقي 67 % من المدرسين رواتبهم منذ عامين.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
السجن لمصممة كولومبية بسبب حقائب يد من جلود الثعابين والتماسيح
السجن لمصممة كولومبية بسبب حقائب يد من جلود الثعابين والتماسيح
أطباق من بقايا الطعام لمكافحة الهدر
أطباق من بقايا الطعام لمكافحة الهدر
اكتشاف مشاركة طالبات من جامعة في كامبريدج في فك رموز نازية
اكتشاف مشاركة طالبات من جامعة في كامبريدج في فك رموز نازية
البندقية تبدأ بفرض ضريبة على الزيارات اليومية
البندقية تبدأ بفرض ضريبة على الزيارات اليومية
«نستله» تتلف «على سبيل الاحتراز» زجاجات مياه «بيرييه» بعد أمطار غزيرة
«نستله» تتلف «على سبيل الاحتراز» زجاجات مياه «بيرييه» بعد أمطار ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم