Atwasat

جريدة «الوسط»: طرابلس فوق صفيح ساخن

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 26 أغسطس 2022, 08:44 صباحا
WTV_Frequency

مع تصاعد التراشق الكلامي بين رئيسي الحكومتين المتنازعين على السلطة، عبدالحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، يزداد التوتر الأمني في العاصمة طرابلس، ليظهر في تحشيد عسكري من قبل أتباع كل من الطرفين، منذرا بانفجار الوضع والدخول من جديد في أجواء حرب، اقتصرت الدعوات لمنعها حتى الآن على إصدار بيانات تهدئة، توازيها اجتماعات في طرابلس ومصراتة عنوانها «رفع درجات التأهب حول العاصمة وحماية المدنيين».

ولم تتوقف رسائل باشاغا، والرسائل المضادة من غريمه الدبيبة، عن إثارة التكهنات بشأن ما قد تؤول إليه الأوضاع الأمنية في الأيام وربما الساعات القادمة من محاولة اقتحام محتمل للعاصمة الليبية، قد لا يشبه سابقه في 16 مايو الماضي حين حاول باشاغا دخولها وخرج منها بعد فترة وجيزة إثر اشتباكات مسلحة مع المجموعات المؤيدة للدبيبة.

ووجه باشاغا الثلاثاء رسالة إلى كل من يحمل السلاح على حكومته، بأنه «سيلاحقه القانون وسيحاكم على هذه الجريمة»، مؤكدا أن حكومة الدبيبة «انتهت صلاحياتها ومدتها وليس لها شرعية»، وأن عليه تسليم السلطة طواعية واحترام قرار البرلمان الذي منحه الشرعية حقنا للدماء، وفق الرسالة، وهو ما فسر تلويحا باللجوء إلى القوة العسكرية كخيار لحسم معركة السلطة.

ولم ينتظر الدبيبة، كثيرا ليطلب من باشاغا، مخاطبا إياه بصفته وزير داخلية أسبق، التوقف عن «إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب واستهداف المدنيين». وألحقها الدبيبة في تغريدة على موقع «تويتر»، الأربعاء، بدعوته للتركيز على الانتخابات، قائلا «دع عنك أوهام الانقلابات العسكرية، فقد ولى زمانها».

ليبيا تدخل حالة تأهب أمني 
وبعد ساعات من الملاسنات واستباقا لأي مواجهات عسكرية دخلت البلاد حالة تأهب أمني لم تشهده منذ نحو عامين حسب متابعين، فقد ظهر رئيس المنطقة العسكرية الغربية (المقال) اللواء أسامة الجويلي متفقدا السرية الطبية التابعة لقواته، بعد رفع جاهزيتها وجمعها جنوب غربي طرابلس، أما الناطق باسم القيادة العامة، اللواء أحمد المسماري، فقد وصف في تصريحات تلفزيونية البيان الصادر عن حكومة باشاغا، بـ «النداء الأخير لحَمَلَة السلاح في طرابلس»، وأن ما يليه «ليس إلا إعلان عملية اجتياح طرابلس» رغم تأكيده نأي القيادة العامة بنفسها عن أي تخندق مع هذا الطرف أو ذاك.

ورد الناطق باسم الجيش في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، العميد طيار محمد قنونو، بأن تصريحات المسماري هي «تهديد مباشر للعاصمة طرابلس»، ويأتي هذا التراشق الكلامي بعد مضي نحو شهر على آخر اجتماع نادر بين قيادتي الجيش باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في طرابلس لإعادة توحيد مؤسسة الجيش.

في السياق حذر وزير داخلية حكومة باشاغا في بيان له عناصر الوزارة من الالتحاق بأي تشكيلات مسلحة تقف أمام شرعية حكومته وحقها في ممارسة مهامها من داخل مدينة طرابلس، مهيبا بكافة منتسبي الهيئة إلى رفع أقصى درجات الاستعداد والتأهب لحماية الممتلكات العامة والخاصة.

تحركات لمنع اندلاع الحرب
وتوالت في الساعات الماضية الاجتماعات لمنع اشتعال الحرب، بعدما أكد رئيس أركان المنطقة الغربية محمد الحداد عقب اجتماعه الأربعاء مع بعض القيادات العسكرية والأمنية بقاعدة طرابلس البحرية، على «منع الاقتتال بكل أشكاله بين الإخوة، والوصول إلى حلول سلمية بعيدا عن الحرب»، وأوضح المجتمعون أنهم جاهزون للدفاع وردع أي قوة تهدد أمن وسلامة العاصمة.

- للاطلاع على العدد 353 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وقوبلت بيانات التهديد بأخرى صدرت عن قوى أمنية وعسكرية في العاصمة طرابلس، أكدت فيه هذه القوى «النأي بنفسها عن الصراعات السياسية، والاقتتال بكل أشكاله، وتأكيدها على السلم الأهلي»، في إشارة إلى رفض تخندقها مع أي طرف، مشيرة إلى أن هناك أطرافا أخرى تسعى إلى وقوع الحرب ومصرة عليها لأغراض مختلفة. فيما دعا حكماء مصراتة وطرابلس عقب عقد المجلس البلدي مصراتة اجتماع طارئ إلى نبذ العنف وإنهاء حالة النزاع بالحوار.

في المقابل، بدت ردود الفعل الدولية محتشمة إلى حد الساعة إن لم تكن غائبة، باستثناء تعبير البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء ما يجري من تحشيد للقوات وتهديدات باللجوء إلى القوة لتسوية ما وصفتها بـ«مزاعم الشرعية» في ليبيا، مشيرة إلى أن «الانسداد السياسي الحالي وجميع أوجه الأزمة التي تحيق بليبيا لا يمكن حلها بالمواجهة المسلحة» مكررة دعوتها إلى «تجديد شرعية مؤسسات الدولة عبر انتخابات ديمقراطية».

واكتفى الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، بالتعبير عن «قلق عميق من تجدد التهديدات بمواجهة عنيفة في طرابلس»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستزيد من دعواتها إلى الهدوء وإعادة الالتزام بالانتخابات خلال جلسة الإحاطة والمشاورات لمجلس الأمن الدولي، التي ستعقد 30 أغسطس الجاري بشأن ليبيا.

سقوط المسيرة فوق بنغازي
وأجلت واشنطن تحركا دبلوماسيا إلى شرق ليبيا عقب إسقاط طائرة مسيرة فوق سماء مدينة بنغازي، مجهولة الهوية يوم الاثنين قبل أن تقر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، الأربعاء، بتبعيتها لها ضمن جهود التسوية، فقد أوضح الناطق باسمها تيموثي بيتر، أن الطائرة حلقت فوق بنغازي «لدعم الالتزامات الدبلوماسية لمبعوث الولايات المتحدة إلى ليبيا وسفيرها هناك ريتشارد نورلاند، المقرر أن يزور المنطقة الشرقية قريبا».

وفي هذه الأثناء تتزايد المخاوف من انقسام جديد يطال الجهاز القضائي على خلفية تغيير مجلس النواب القانون الأساسي للمحكمة العليا وتأدية مستشاريها اليمين الدستورية أمامه بدل رئيس المحكمة المستشار محمد الحافي، عقب صدور قرار إعادة تفعيل المحكمة العليا الدائرة الدستورية في طرابلس بعد 7 سنوات من تجميدها، ما عُد استهدافا للهيئة التشريعية (مجلس النواب)، وأثار في الوقت نفسه مخاوف من جر القضاء الليبي إلى أتون الصراعات السياسية القائمة في البلاد.
ويرى كثير من الليبيين والمتابعين أن الأيام المقبلة قد تشهد تطورات مهمة على الأرض في مسار الأزمة الليبية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«وسط الخبر» يناقش هواجس ليبيا: الحرب القادمة.. تهويل سياسي أم حقيقة مرتقبة؟
«وسط الخبر» يناقش هواجس ليبيا: الحرب القادمة.. تهويل سياسي أم ...
مواطنون من تاورغاء يرفضون التبعية لبلدية مصراتة
مواطنون من تاورغاء يرفضون التبعية لبلدية مصراتة
عقيلة يدعو النواب لمناقشة قانون الميزانية بجلسة الإثنين
عقيلة يدعو النواب لمناقشة قانون الميزانية بجلسة الإثنين
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ليبيا» الجمعة
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم