اعتبر البنك الدولي أن التحسن الاقتصادي الذي شهدته ليبيا في العام الماضي بعد أربع سنوات من الركود «لا يزال هشًّا»، موضحًا أن «الحفاظ على هذا التحسن يعتمد على قرار سياسي يبدو التوصل إليه صعبًا في الوضع الحالي».
ورأى في تقرير أصدره عن الوضع الاقتصادي في ليبيا للعام 2018، بعنوان «آفاق اقتصادية» أن «إطار الاقتصاد الكلي غير مستقر». مشيرًا إلى أنه «يتسم بتضخم قياسي غير مسبوق وعجز مالي مزدوج لا يمكن له أن يستمر، يحركه في المقام الأول ارتفاع مصروفات الموازنة».
ونبه إلى أن الدينار الليبي خسر نحو 85% من قيمته في السوق الموازية بسبب ضعف أساسيات الاقتصاد الكلي ونقص السيولة بالجهاز المصرفي.
ولفت التقرير إلى «تسارع معدل التضخم ليزيد من تفاقم متاعب المواطنين»، مرجحًا أن «يساهم ارتفاع التضخم مع ضعف تقديم الخدمات الأساسية في زيادة معدلات الفقر وتفاقم الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي».
التضخم يفاقم معدلات الفقر ويسجل مستوى قياسيًّا نسبته 28.4% في 2017
وأوضحت المؤسسة المالية الدولية، أن «أسعار كل السلع الأساسية واصلت ارتفاعها، مدفوعة في الأساس بالنقص الحاد في سلاسل إمدادات السلع الأساسية الرئيسية، والمضاربة في السوق السوداء التي تزداد توسعًا، والانخفاض الشديد في قيمة الدينار الليبي بالأسواق الموازية».
وحسب إحصاءات البنك الدولي، سجَّل معدل التضخم مستوى قياسيًّا نسبته 28.4% في العام 2017 مقابل 25.9% العام 2016.
وصدر التقرير على هامش أعمال اجتماعات الربيع 2018 لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأميركية واشنطن، التي اختتمت أعمالها الأحد، وجمعت بين مجلس محافظي صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، ووزراء المالية والتنمية والبرلمانيين من مختلف الدول حول العام.
نمو قوي بفعل النفط
وأقر البنك الدولي بـ«النمو القوي الذي حققه الاقتصاد الليبي في العام 2017، مدفوعًا بتعافٍ طال انتظاره في إنتاج النفط»، لكنه أشار إلى أن «استدامة هذا الحراك لتحقيق الاستفادة من القدرات الاقتصادية تتوقف على إيجاد حل للصراع السياسي».
ولفت إلى ارتفاع إنتاج النفط إلى أكثر من مثليه ليبلغ 0.820 مليون برميل يوميًّا في المتوسط العام 2017، مقارنة بنحو 0.380 مليون برميل فقط في العام 2016، مرجعًا ذلك إلى «ترتيبات ضمنية استثنائية، وإن تكن هشة، بين أطراف الصراع».
وبشأن العجز في الأداء المالي ، قال التقرير، «إن العجز الكبير في الميزانية العامة بقي عند مستوى 62% من إجمالي الناتج المحلي في 2017 مقارنة بـ63.1% في 2016، مشيرًا إلى زيادة سريعة في الدين المحلي ليبلغ 59 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2017، ارتفاعًا من مليار دينار في العام 2010.
عجز الميزانية عند مستوى 62% والدينار خسر 85% من قيمته بالسوق الموازية
ونوه البنك الدولي إلى أن «الميزانية العامة ترزح تحت الضغط، بسبب ارتفاع وجمود المصروفات الجارية بفعل دوافع سياسية»، ورغم إشارة البنك الدولي إلى تضاعف إيرادات الموازنة إلى ثلاثة أمثالها تقريبًا في العام 2017 بنسبة 31.8% من إجمالي الناتج المحلي) مقارنة بالعام 2016.
إلا أنه نبه إلى أن الإيرادات «لم تكن تكفي حتى لتغطية أجور الموظفين العموميين (36.4% من إجمالي الناتج المحلي)، وهي الأجور التي زادت بفعل التوظيف لاعتبارات سياسية وزيادة الرواتب». ووصف في الوقت نفسه، مخصصات الدعم بـ«الافتقار إلى الكفاءة، إذ تستحوذ على جزء كبير من موارد الميزانية، و9.2% من إجمالي الناتج المحلي في مقابل 4.8% للإنفاق الرأسمالي»، مشيرًا إلى أن عجز ميزان الحساب الجاري بقي مرتفعًا، عند نسبة 9.4% من إجمالي الناتج المحلي».
اقرأ أيضًا: البنك الدولي يستعرض سيناريو تفادي وقوع أزمة اقتصادية في ليبيا
تعليقات