هاجر الطيار: سحر التشكيل أسرني منذ الطفولة

هاجر الطيار: سحر التشكيل أسرني منذ الطفولة

معرض الفنانة هاجر الطيار

يقع الرسم بالحصى في خانة الألوان التشكيلية النادرة الممارسة خصوصا على المستوى العربي، بالرغم من تعاطيه مع فنون مجاله الأخرى في ذات الأفكار والإيحاءات والمضامين.

وشهد مهرجان التميز والإبداع الذي أقيم المدة الماضية ببيت الثقافة والفنون بميزران، معرضا بعنوان «قصائد من حصى» للفنانة الأردنية هاجر الطيار، وهو الأول من نوعه في دول المغرب العربي، ما شكل فرصة لنا للتعرف إلى خلفية هذا الفن والأسباب التي دفعت الفنانة إلى خوض غمار هذه التجربة في حوار مع «بوابة الوسط».

كيف نضجت الفكرة لديك؟
سحر التشكيل أسرني منذ الطفولة، كنت أشكل ما يقع تحت يدي ليكون لوحات بخرز المسبحة والتمر والفستق الحلبي وحتى حبوب الفاصولياء، وشدتني كثيرا فكرة وضع حجر مكان آخر، لتصبح الفتاة رجلا والعجوز صبية، فانحناءة بسيطة في الحجر تغير المعنى وتقلبه رأسا على عقب، وهي مسألة تستدعي الانتباه وتوخي الدقة حال إضفاء اللمسات النهائية على العمل، كما رسمت على الشاطئ أشكالا بسيطة من قطع الزجاج الملون ثم انتقلت إلى صوغ لوحات كاملة دون تثبيتها.

وأضافت: «تابعت هذا الفن بشغف منذ ولوجي العالم الافتراضي، لم أتعجل في تنفيذه واقعيا حتى نضجت الفكرة وتوافر لدي الحصى المناسب، ثم بدأت بالبحث عن سبل تثبيت الحجر بوسائل مختلفة».

بمن تأثرت في هذا الفن؟
التشكيل بالحصى معروف عالميا لكن لم يلق اهتماما في المنطقة العربية، وظلت تجاربه فردية محددة بأسماء معينة كالفنان نزار علي بدر وزوجته سماهر محمود بسورية، تابعت أعمالهما بشغف واستفدت كثيرا من منجزهما الفني، وفي ذات الوقت سعيت لصياغة أسلوبي الخاص حتى لا أقع في فخ التقليد، ولربما أتقاطع مع نزار في بعض الأفكار والموضوعات كالنزوح مثلا مع تواضع تجربتي طبعا أمام تجربته، إلا أن مجمل أعماله لا تتناول البيئة بتنوعها الجبلي والبحري والصحراوي كما في أعمالي، فهو يميل إلى الترميز بالتشكيل المعقد والتركيز على المضمون الفلسفي للقهر الإنساني.

ماذا عن المصادر العربية لفن التشكيل بالحصى؟
للأسف لم أجد حتى الآن فيما يخص المكتبة العربية مؤلفا واحدا يتناول هذا الفن، وما عثرت عليه في رحلتي البحثية لا يتعدى «كتالوج» يضم تشكيلات الفنان السوري نزار، ما حفزني للتفكير مستقبلا لتأليف كتاب يكون مرجعا للأجيال اللاحقة بالخصوص.

تجربتك تقودنا للسؤال عن مدى نوعية وتوافر المواد الخام؟
المسألة مرتبطة بالصبر والمثابرة، الرسم بالريشة تتوافرله مواده الخام من ألوان وغيرها بينما التشكيل بالحصى يتطلب وقتا وجهدا مضاعفين، فقد يستغرق إنجاز لوحة واحدة أكثر من شهر، فلا بد للحجر من مواصفات ترشحه ليكون جزءا من اللوحة كاللون الجميل والملمس الناعم، الذي تتميز به الصخور النارية كالجرانيت، بالإضافة للشكل والحجم وهي عناصر أساسية للديمومة الزمنية للعمل، أنا أطمح إلى أن تعيش لوحاتي كما عاشت لوحات بيكاسو ودافنشي.

الموضوعات المتناولة مزجت بين بيئات مختلفة، ما خلفية هذا التنوع؟
بالتأكيد نحن كائنات تؤثر في المكان وتتأثر بمحيطها، فقد ولدت بقرية «سحم» بالأردن المطلة على تل سهلي تحيط به عدة أودية يخترق قيعانها نهر اليرموك، وتشرف على بلاد الشام بدولها الأربع، لتسوقني محطات الحياة لليبيا بإقامتي في الجنوب لفترة، ثم انتقالي لاحقا إلى طرابلس بجوار البحر، كل ذلك انعكس في مجمل أعمالي كإحساس طبيعي بالبيئة وتأثيرات المحيط.

لوحاتك تنتهج الأسلوب الواقعي البسيط، هل تتعمدين ذلك؟
تجربتي لا تزال في مراحلها الأولى، حاولت خلالها تسليط الضوء على قضايا تمس واقعنا المعاش، ومع ذلك بعض لوحاتي بالمعرض تبنت الاتجاه الرمزي، مثل لوحة «خطوات» و«أجيال» و«المساواة» و«انبثاق»، وتبقى الرمزية في قالبها العام مستندة إلى مجال واسع من الإضافات اللونية والنحت، في حين أخلص بلوحاتي إلى التعامل المباشر مع الحصى دون الدخول في زخرفة كمالية.

تسمية اللوحات يلغي جزءا من أحقية المتلقي في التأويل؟
هذا الفن جديد بالنسبة للمتلقي، لذا من واجبي منحه مفتاح الولوج لتفسير اللوحة، الأمر يشبه الاستماع إلى أغنية أجنبية، تنسجم مع موسيقاها وترغب في ذات الوقت معرفة معانيها، الكثير ممن زاروا المعرض، عبروا عن إعجابهم باللوحة، لكن بقي شيء ما معلقا في أذهانهم، حسب ما رأيت، الأمر الذي حملني على تفسير اللوحات لربط المتلقي بروح العمل.