استبعد مقال نشره موقع معهد «أتلانتيك كاونسيل» الأميركي وجود موقف دولي قوي وحازم إزاء التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الهلال النفطي، وذلك نظرًا للمساعدات والدعم المقدم من بعض الدول الأوروبية سواء لقوات الجيش الليبي بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر في الشرق، أو قوات مصراتة في سرت، مما سيمنعهم من اتخاذ موقف واضح يدعم أيًا من الطرفين.

مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم للتوصل إلى صيغة اتفاق بين جميع المدن والقبائل على تقسيم العائدات النفطية وتفادي التصعيد

وحذر كاتبا المقال الباحث الليبي والزميل في معهد «أتلانتيك كاونسيل» كريم ميزران والباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو من اندلاع مواجهات عسكرية بين القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني والجيش الليبي، في ظل تحرك قوات الأخير وسيطرتها على منطقة الهلال النفطي، مطالبين المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم إزاء التطورات الأخيرة للتوصل إلى صيغة اتفاق بين جميع المدن والقبائل على تقسيم العائدات النفطية وتفادي التصعيد.

يُذكر أن المقال نُشر، الإثنين، قبل يوم من صدور بيان للدول الغربية الست الكبرى يطالب القوات العسكرية «التي انتقلت إلى الهلال النفطي إلى الانسحاب فورًا ودون شروط مسبقة»، وقبل صدور بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الذي رفض فيه فائز السراج أي تدخل عسكري خارجي بين الليبيين، أو القيام بأي عمل عسكري ضد أي طرف ليبي لأسباب سياسية أو جهوية أو مناطقية أو إيديولوجية، مشيرًا إلى أن واجبه هو حقن الدماء ودرء الفتن والحفاظ على ممتلكات الليبيين وثرواتهم.

 الباحثان يحثان الولايات المتحدة وأوروبا على التصدي لأي محاولات لبيع النفط خارج المؤسسة الوطنية للنفط

وفي معرض تناول مقال معهد «أتلانتيك كاونسيل» للتطورات الأخيرة، حث الباحثان الولايات المتحدة وأوروبا على التصدي لأي محاولات لبيع النفط سوى من خلال المؤسسة الوطنية للنفط، وذلك لوضع الشروط اللازمة لتفادي التصعيد والتوصل إلى اتفاق حول العائدات النفطية، فحفتر لا يستطيع بيع النفط دون مساعدة المؤسسة الوطنية للنفط ولهذا فهو بحاجة لاتفاق مع حكومة الوفاق في طرابلس.

عقد اجتماعي جديد
طالب الكاتبان أيضًا بأن يكون الموقف الدولي الحازم جزءًا من مشروع أوسع تكون المصالحة بين مختلف المدن والقبائل والمجموعات الاجتماعية محورًا رئيسًا فيه. «لقد كان النفط محركًا للحرب حتى الآن في ليبيا. ومن أجل أن يستخدم لإحلال السلام، فمن الضروري وضع عقد اجتماعي جديد لكيفية توزيع عائدات النفط. وهذا من شأنه أيضًا معالجة مطالب مشروعة للعديد من أنصار حفتر».

مركز قوة
ورأى المقال أنه نتيجة للتحرك الأخير «أصبح حفتر في موقع يسمح له إملاء شروطه في تحديد مستقبل الدولة، ويمكنه بالتالي التفاوض مع السراج والمجتمع الدولي من مركز قوة، فهو يسيطر على الجزء الأكبر من شرق ليبيا إلى جانب المصادر النفطية والموانئ ولديه قوات أفضل تدريبًا وإعدادًا»، وفق المقال.

«لقد كان النفط محركا للحرب حتى الآن في ليبيا. ومن أجل أن يستخدم لإحلال السلام، فمن الضروري وضع عقد اجتماعي جديد لكيفية توزيع عائدات النفط.»

وذكر أن الهدف الحقيقي وراء «هجوم حفتر الأخير في منطقة الهلال النفطي هو السيطرة على الموارد النفطية وحرمان حكومة الوفاق الوطني من العوائد المالية، وزعزعة صفوف القوات الداعمة لها عن طريق التخلص من قائد حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران»، محذرين من مزيد من «التصعيد المسلح الذي من شأنه أن يسبب مزيدًا من الدمار ويحرم ليبيا من الموارد الاقتصادية اللازمة لإعادة بناء الدولة والبنى التحتية».

واعتبر المقال «تحرك حفتر الأخير متوقعًا»، مشيرا إلى أن  «استراتيجية حفتر واضحة منذ وقت طويل، والأحداث الأخيرة خير دليل على ذلك»، ورأى أن «حفتر استخدم المعركة لتحرير بنغازي ممن سماهم الإرهابيين لتقوية قواته، بدعم من مصر، فكلما امتدت المعارك في بنغازي، ظل المبرر موجودًا للحصول على دعم لقواته في حيث العدد والأسلحة والتدريب الذي تلقاه من مصر والإمارات».

وسيطرت قوات الجضران على منطقة الهلال النفطي منذ ما يقرب الثلاث سنوات، ووافق أخيرًا على دعم حكومة الوفاق الوطني مقابل الحصول على مرتبات منتسبيه. وكان مجلس الأمن الدولي أصدر قرارًا رقم 2278 يدين عمليات تصدير النفط غير الشرعية من ليبيا، عن طريق المؤسسات الموازية التي لا تعمل تحت سلطة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.