تأسست جمعية الهلال الأحمر في 5 أكتوبر 1957، وفق اتفاقيات جنيف، وتعد من الجمعيات التطوعية العريقة على المستوى الوطني ومن أوائل الجمعيات العربية التي اعترفت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وانضمت إلى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر العام 1958.

وشعار الجمعية هلال أحمر على قاعدة بيضاء طرفه المفتوح يتجه إلى يمين الناظر إليه ويكون حمله واستعمالاته طبقًا للقواعد المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف وملاحقها والتشريعات الوطنية، وتعمل الجمعية على هدى المبادئ الأساسية التي تبناها المؤتمر الدولي العشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر المنعقد في فيينا العام 1965م، وهي: الإنسانية - عدم التحيز - الحياد - الاستقلال - الخدمة التطوعية - الوحدة - العالمية.

ويقول مدير إدارة الفروع والناطق باسم جمعية الهلال الأحمر، محمد مصطفى المصراتي، في حواره مع «بوابة الوسط»، إن الجمعية لها مجموعة من الأهداف حددها النظام الأساسي لها وهي: تعزيز احترام الكرامة الإنسانية وتشجيع وتسهيل ودعم أشكال العمل الإنساني الذي يهدف إلى حماية الإنسان وتخفيف معاناته، والعمل على تنمية القدرة للتأهب لمواجهة الكوارث المختلفة، والمساهمة في دعم قدرات فئات المستضعفين، والسعي لتلبية احتياجاتهم، والمشاركة في الأنشطة الرامية إلى المحافظة على البيئة وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية بالتعاون مع الجهات الوطنية، وتحسين أداء الجمعية وزيادة فعاليتها بأقصى قدر ممكن.

ويضيف المصراتي قائلاً إن الجمعية لها عدة نشاطات أخرى منها: خدمات جمع ونقل الدم عن طريق مركز متخصص بمدينة بنغازي، ومصارف صغيرة للدم بالفروع وتوزيعه على المستشفيات دون مقابل، وخدمات الرعاية الصحية؛ فإضافة إلى الخدمات التي تقدمها للمواطن بمبالغ زهيدة فإنها تساهم هذه المؤسسات الصحية بتقديم خدماتها أثناء الكوارث للمتضررين. إضافة إلى نشاط البحث عن المفقودين؛ خاصة في فترة فبراير وما بعدها بالتعاون مع الجمعيات الوطنية والصليب الأحمر، والشباب والمتطوعين، فالجمعية تزخر بالشباب والمتطوعين الذين كان لهم دور كبير في تقديم خدمات الإسعاف والإغاثة والأنشطة الاجتماعية للمجتمع منذ تأسيس الجمعية. وإدارة الكوارث؛ وتعتبر الجمعية شريكًا فاعلاً للدولة فيما يتعلق بالاستعداد والاستجابة للكوارث، وتقديم المساعدات الغذائية وغير الغذائية والاحتياجات الضرورية للمتضررين. والدعم النفسي؛ وهو من البرامج التي تبنتها الجمعية، ويهدف إلى التخفيف من الآلام النفسية التي تعرض لها الأطفال والأشخاص الذين تعرضوا للأسر أو كانوا في جبهات القتال.

من يقوم بدعم وتمويل الجمعية؟
لجمعية الهلال الأحمر العديد من العيادات الطبية، بالإضافة إلى مصحة ابن سينا في بنغازي وبعض الأسهم المودعة في عدة مصارف، من تلك المداخيل يصرف الهلال الأحمر على موظفيه، وأيضًا على برامجه الإنسانية والاجتماعية التي تقام بشكل مجاني عبر متطوعيه المنتشرين في جميع فروعه، وللأسف لم نتلقى أي دينار من الدولة، رغم أن مخازن الجمعية تعرضت للنهب والسرقة وتعرضت بعض مبانيه للأضرار نتيجة النزاع المسلح المتواصل منذ ثورة فبراير 2011، كما أن مواردنا تعرضت للاستنزاف نظرًا لتلبيتها للاحتياجات الإنسانية (الغذائية وغيرها) للمتضررين في العديد من المناطق والمدن.

كم عدد فروعها على مستوى ليبيا؟
يسعى الهلال الأحمر لتطبيق أهدافه الإنسانية من خلال 35 فرعًا للجمعية منتشرة بكافة أنحاء البلاد.

هل الفروع جميعها تعمل بفاعلية؟
طبعًا تختلف مناشط الفروع بحسب المنطقة التي تعمل بها ومواردها البشرية والمادية، بالإضافة إلى الظروف الأخرى من تعاون المجتمع المحلي والسلطات المحلية بالمناطق، لكن بصفة عامة نعمل على تطوير العمل الإنساني في جميع الفروع ونشجع على التعاون وتبادل الخبرات بين جميع الفروع تحقيقًا لأهداف الجمعية الإنسانية لأننا كلنا نعمل تحت مظلة مؤسسة واحدة هي الهلال الأحمر الليبي.

ما هي أبرز المراحل التي مر بها الهلال الأحمر منذ تأسيسه وحتى الآن؟
تُعد جمعية الهلال الأحمر من أقدم الجمعيات الأهلية التطوعية ذات النفع العام في ليبيا وعبر مراحل تأسيسها واجهت صعوبات كثيرة ولمدة طويلة، إلا أنها تجاوزتها بجهد المخلصين.
شهدت جمعية الهلال الأحمر خمسة مراحل كانت على النحو التالي: مرحلة التأسيس منذ 1957 حتى 1970 - مرحلة إعادة التأسيس من 1970 حتى 1980 - مرحلة البناء 1980 حتى 1990 - مرحلة تطوير البناء 1991 حتى 2001 - المرحلة الحالية 2002 حتى 2015.

ما هو دور الجمعية في بداية الثورة وكيف تعامل معها كلا الطرفين؟
ساهم الهلال الأحمر في تخفيف المعاناة الإنسانية لمئات الآلاف من المتضررين جراء النزاع المسلح إثر الأحداث الأخيرة في البلاد، حيث قدمت المساعدات الغذائية وغير الغذائية لما يربو عن مليون ونصف المليون شخص. كما قدمت العيادات والمصحات التابعة للجمعية في عدة فروع خدماتها التشخيصية وفي حالات عديدة العلاجية للنازحين واللاجئين بشكل مجاني طوال فترة نزوحهم بتلك المدن. وتواجد مسعفي الجمعية في المستشفيات الميدانية في جبهات القتال حيث ساهموا في إسعاف ونقل الجرحى إلى المستشفيات، وإجلاء العديد من الحالات الإنسانية. كما قدمت الجمعية ومازالت تقدم خدمات الإغاثة الإنسانية عبر العديد من المخيمات والتي استفاد منها عشرات الآلاف من اللاجئين والنازحين. كما ساهمت الجمعية بقدر كبير في ربط الأسر العائلية ولم الشمل، وإجراء أكثر من 70 ألف مكالمة بين أعضاء الأسر التي باعدت بينهم السبل.

للجمعية مصرف للدم مركزي تأسس منذ 1987م بمدينة بنغازي كان له دور في توفير هذه المادة الحيوية لمن يحتاجها داخل وخارج المدينة، ولقد وصل عدد وحدات الدم التي قام المركز بتجميعها من المتبرعين وتوزيعها على المستشفيات طوال 25 سنة (1987 _2012م) إلى 408006 وحدات دم. إلى جانب تنفيذ برامج توعوية وتثقيفية بالشراكة مع المجتمع، تمثلت في توزيع ربع مليون حقيبة صحية لطلبة التعليم الابتدائي في كافة أنحاء البلاد، ونصف مليون مطوية عن السلامة المرورية.

ما هو دوره في المرحلة الحالية؟
منذ بداية الأزمة الحالية والهلال الأحمر يحث جميع الأطراف على اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لحقن دماء المدنيين وتجنيب البنية التحتية شرور القتال، وضمان وصول متطوعي الهلال الأحمر إلى من يحتاجون للمساعدة بشكل آمن ودون عوائق.

وتزايد قلق الهلال الأحمر إزاء المحنة التي تعرض لها عشرات الآلاف من الأشخاص ممن تضرروا من القتال المحتدم في بنغازي والمنطقة الغربية والمنطقة الوسطى وفي جنوب البلاد. وقد واصلت الجمعية جهودها لمساعدة الجرحى والنازحين.

ويسعى متطوعونا جاهدين من أجل تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للناس في المناطق التي يستمر فيها القتال، إنهم يعملون بكد واجتهاد لنقل الجرحى وانتشال جثث القتلى ومساعدة المدنيين. وأود أن أضيف أنهم يقومون بكل هذا في ظروف بالغة الصعوبة. ونحن نحاول أن نتفاوض مع الأطراف المنخرطة في القتال من أجل ضمان الوصول الآمن لطاقمنا، وهو ما ثبت أنه مهمة ليست من السهولة بمكان.

وقد قام الهلال الأحمر، وهو منظمة من المنظمات الإنسانية القليلة التي لها وجود على الأرض، بنقل عشرات الجرحى إلى المستشفيات ورفع العديد من جثث القتلى بعيدًا عن مناطق القتال. وساعد أيضًا في إجلاء المدنيين من المناطق المتضررة من القتال بالتنسيق مع السلطات المحلية، وتجهيز مقار إقامة للنازحين، وفي توفير المساعدات الطبية ومواد الإغاثة للمستشفيات والنازحين من المدنيين. ونتعاون مع اللجنة الدولية والاتحاد الدولي والمنظمات العاملة في الحقل الإنساني كما أنها تكثف جهودها الرامية إلى مساعدة النازحين من المدنيين.
نحن قلقون للغاية إزاء المحنة التي يكابدها المدنيون، ولا سيما من نزحوا. ويحتاج هؤلاء النازحون بالإضافة إلى مكان آمن إلى الطعام ولوازم النظافة والرعاية الصحية ومياه الشرب ووسائل الاتصال والتواصل، ولكن من المؤسف أننا لا نملك الوسائل اللازمة للتصدي لهذا الوضع إذا استمر لفترة طويلة وبأعداد كبيرة، وبالتالي سيصبح العبء كبيرًا علينا، وهذا ما دعانا لطلب الدعم لتعزيز استجابتنا للاحتياجات الإنسانية للنازحين، ولكن رغم ذلك عملنا متواصل وجهودنا دؤوبة. والوضع في بنغازي مثير للقلق بالقدر نفسه، حيث شهدت المدينة ارتفاعًا حادًا في العنف المسلح منذ شهر مايو منذ العام الماضي.

وتؤكد جمعية الهلال الأحمر عن وجوب إظهار أطراف النزاع المسلح المزيد من الاحترام لشارة الهلال الأحمر، والتي تمنح في حالات النزاع المسلح لحماية المتطوعين والعاملين في الهلال الأحمر ولسيارات الإسعاف والمباني التابعة لها. وأن تضمن عدم تحول أولئك الذين يسعون جاهدين من أجل إنقاذ الأرواح إلى ضحايا آخرين للنزاع. فجميع متطوعي الجمعية ومسعفيها ليسوا طرفًا في أي نزاع مسلح بل يتعلق دورهم بتقديم الخدمات الإنسانية للمصابين دون تمييز وبشكل محايد.

هل فعلاً هو رمز الوحدة الوطنية حاليًا مع انقسام البلد على نفسها؟
جمعية الهلال الأحمر باتت الوحيدة التي تحظى بثقة مختلف أطراف النزاع في ليبيا، لبقائها على الحياد طيلة فترة النزاع، حيث قام منتسبوها ومتطوعوها بجهد إنساني بالغ الأهمية والخطورة طيلة المدة الماضية، من خلال عمليات إجلاء العالقين وانتشال القتلى وإسعاف الجرحى إضافة إلى إيواء النازحين وتوفير ممرات آمنة.

إن متطوعي الهلال الأحمر يخاطرون بحياتهم من أجل مساعدة المحتاجين ونتواصل في أعمالنا الإنسانية مع جميع الأطراف، ولكي نصل إلى أكبر عدد من الضحايا نحن نذكر كافة الأطراف بأهمية احترام وحماية متطوعينا وسيارات الإسعاف الخاصة بنا والسماح لفرقنا للوصول بحرية.

ويقوم متطوعو الهلال الأحمر بدورهم الإنساني بكد واجتهاد وفي ظروف بالغة الصعوبة، وتتفاوض الجمعية مع الأطراف المنخرطة في القتال من أجل ضمان الوصول الآمن لطواقمها، وهي مهمة ليست من السهولة بمكان.

نحث جميع أطراف النزاع على إظهار المزيد من التعاون مع الجمعية لتقوم بدورها الإنساني على أكمل وجه، ونؤكد للجميع التزام المتطوعين لدينا بمبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر من حياد وعدم تحيز واستقلال.

ما هي علاقة الهلال الأحمر بالصليب الأحمر؟
نحن في جمعية الهلال الأحمر نعمل في إطار أسرة دولية وهي الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والتي تتكون من:
1- اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
2- الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وهو يضم 189 جمعية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على مستوى 189 دولة في العالم.
3- الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

فنحن في الهلال الأحمر نمثل هذه الحركة الدولية ونتواصل معها لتحقيق مبادئنا الإنسانية... فالهلال الأحمر والصليب الأحمر يمثلان وجهان لعملة واحدة هي تلك الحركة الدولية التي خرجت للوجود منذ 17 فبراير 1863م أي منذ ما يزيد من قرن ونصف القرن وهي تعتبر أقدم مؤسسة إنسانية والأكثر انتشارًا في العالم من خلال عشرات الملايين من المتطوعين في 189 دولة.

كم عدد شهداء الواجب من الهلال الأحمر منذ بداية الثورة وإلى الآن؟
لدينا أربعة شهداء من إجدابيا وبنغازي والزاوية وطرابلس، بالإضافة إلى العديد من الجرحى جراء تواجدهم في العمل الميداني في جبهات القتال وفي ساحات العمل الإنساني، كما تم أسر بعض متطوعينا ولكن الحمد لله تم إخلاء سبيلهم. وهذه الإحصائيات خلال أعوام من 2011 - 2013 والحمد لله لم تسجل أي أضرار لمتطوعينا، على الرغم من أن هناك بعض التجاوزات أصابت بعض مقارنا وسياراتنا ونعتبرها تصرفات فردية وغير مستهدف منها الجمعية.

هل هناك من أصيب بعاهات مستديمة في هذه الفترة من منتسبي الهلال الأحمر؟
كما ذكرت لك كانت هناك إصابات، ولكن لم تسبب عاهات مستديمة، وكان أول جريح لنا هو المتطوع (محسن الفاخري) من بنغازي والذي أصيب أثناء القيام بواجبه الإنساني في إسعاف الجرحى أمام كتيبة الفضيل في الأيام الأولى من ثورة فبراير، ومازال إلى الآن يتلقى علاجه بسبب تلك الإصابة.

كيف يتم الانتساب للهلال الأحمر وكيف يتم تأهيل المتطوعين؟
عضوية الجمعية تطوعية لكل شخص يقيم بليبيا وفق لائحة العضوية المعتمدة ويتم الانتساب لعضوية الجمعية عن طريق مكتب شؤون العضوية بالفروع بعد تعبئة الاستمارات الخاصة بذلك والحصول على بطاقات العضوية.

أين المرأة في الهلال الأحمر؟
المرأة لها دور كبير في جمعية الهلال الأحمر فكل فرع يوجد مكتب للمرأة والتي تشارك بفاعلية في الأنشطة الاجتماعية وبرامج الرعاية الصحية وتخضع لدورات مثلها كالرجل في جوانب الإسعاف الأولى والإغاثة والدعم النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى وجود مدربات معتمدات في عدة مجالات، كما تساهم في العديد من أقسام النشاط كالإعلام والتدريب وغيرها.

وأود أن أؤكد أن جمعية الهلال الأحمر حاليًا قد تكون هي الجهة الوحيدة التي تعمل في الميدان في المجال الإنساني، في ظل تقاعس وضعف الأداء الحكومي، وما قامت به الجمعية خلال الفترة الماضية كان مثار اهتمام وتشجيع وتثمين من المجتمع المحلي ومن وسائل الإعلام، وكان أيضًا دافعًا لتوجه العديد من مؤسسات الدولة للبحث عن مساعدة الجمعية لها للقيام بدوره في جانب الإغاثة والإسعاف وإجلاء العالقين والقتلى وإدارة مقار للنازحين. ولكن نحن بحاجة ماسة جدًا لتوفير العديد من الأمور اللوجيستية لدعم عملنا، ونتمنى أن نرى تعاونًا أكبر من الجميع بالخصوص، نحن نشاهد ونسمع عن جمعيات عربية للهلال الأحمر تجد دعمًا غير مشروط من تلك الدول ونتمنى أن نرى دعمًا ماليًا ولوجيستيًا من الدولة لجمعية الهلال الأحمر لتواصل عطاءها الإنساني.