Atwasat

باحثة ترصد «الصفقات السرية» في ليبيا.. ومصير الـ6 مليارات دولار

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 02 فبراير 2023, 02:16 صباحا
alwasat radio

تعتقد الباحثة المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الدكتورة عالية الإبراهيمي، أنه «لا نهاية تلوح في الأفق للفترة الانتقالية الطويلة في ليبيا»، مستندة في ذلك إلى فشل النخبة السياسية الجديدة في توحيد البلاد واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة بعد جولات متتالية من الحرب المفتوحة.

ودللت الإبراهيمي على رأيها المنشور في «المجلس الأطلسي»، بثلاث مظاهر هي القتال العنيف في 2019- 2020، والظهور المتكرر للحكومات الموازية، وإلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام 2021، مشيرة إلى أن أحدث تكتيك للسياسيين، الذين يبدو أنهم «ملتزمون بمنع انتخابات جديدة والحفاظ على قبضتهم على السلطة»، يتمثل في عقد سلسلة من «الاجتماعات الأدائية (مسرحيات)» حول الحاجة إلى التحضير للانتخابات.

اتفاق غير معلن.. وتجاوز جهود باتيلي
وأشارت الدكتورة عالية الإبراهيمي، وهي أيضًا زميلة أبحاث سابقة في جامعة أكسفورد وكلية لندن للاقتصاد، إلى الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة في القاهرة مطلع يناير الماضي من أجل بدء المناقشات لتطوير الأساس الدستوري للانتخابات، رغم عدم نشر تفاصيل الوثيقة المتفق عليها باستثناء تأكيد إجراء المزيد من المحادثات، وترجيح فكرة إنشاء سلطة تنفيذية انتقالية أخرى.

ورأت الباحثة أن يكون هذا التقدم المفاجئ المزعوم قد جرى تصميمه لإبعاد الأمم المتحدة عن المسار، رغم إعلان نية عبدالله باتيلي عند توليه قيادة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في أكتوبر 2022 إحياء المسار الانتخابي، لذلك حذر باتيلي من أن «صبر الناس ليس بلا حدود»، وسرعان ما شرع في جولة استماع للقادة والسياسيين.

- شاهد في «وسط الخبر»: صفقة الغاز.. اتفاقيات في مربع الخطر
- مجلس النواب يجهز مذكرة للنائب العام بشأن صفقة «هيس» في امتياز الواحة

وهنا تعتقد «الإبراهيمي» أن عقيلة صالح وخالد المشري يسعيان إلى تجاوز جهود باتيلي بخريطة طريق للانتخابات بقيادة ليبية ظاهريًا، فضلا عن أن «الرعاة الإقليميين الرئيسيين للجانبين لديهم كل الأسباب لدعم هذه العرقلة»، مدللة على ذلك بأن مصر التي تعلن التزامها باستقرار جارتها، ستدعم «الخلل المستمر حتى تؤمن مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية عبر ليبيا». في غضون ذلك، تعارض تركيا «أي تحركات مفاجئة في ليبيا قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في يونيو».

وتقول إن «أي صفقة، غير معلنة أو غير ذلك، لإطالة أمد محادثات السلام للبقاء في السلطة من شأنها أن تشكل جزءًا من نمط ناشئ من التعاون عبر الانقسام السياسي بهدف ترسيخ مصالح النخبة»، مشيرة إلى أن ذلك تجلى من خلال اتفاق غير رسمي في يوليو 2022، وقضى بتعيين فرحات بن قدارة بدلا من مصطفى صنع الله على رأس المؤسسة الوطنية للنفط.

المصالحة النخبوية لحماية المكاسب الشخصية
وتشير الدكتورة عالية الإبراهيمي في تحليلها إلى أن «اتجاه المصالحة النخبوية لحماية المكاسب الشخصية كان مدفوعًا جزئيًا بصعود شخصيات من عهد القذافي داخل الإدارة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها». في حين كان مسؤولو النظام السابق متحالفين عادة مع المعسكر الشرقي، فقد أدى وصول دبيبة إلى السلطة لإعادة خلط الأوراق، خاصة أنه ابن شقيق علي الدبيبة، عمدة مصراتة في عهد القذافي ورئيس جهاز تطوير المراكز الإدارية خلال الفترة من 1989 إلى 2011، مشيرة إلى دور نجله إبراهيم المستشار المقرب من الدبيبة وصدام حفتر في تهدئة التوترات.

وتعتقد أن التوافق المفاجئ والدفء الطويل للعلاقات بين الإمارات والمجموعات الرئيسية في ليبيا، «كان موجهًا نحو غايات غير مشروعة إلى حد كبير»، فقد انتشرت الشائعات حول تصاعد الفساد داخل قطاع النفط. بالإضافة إلى ذلك، في يناير 2023، أمر المدعي العام باعتقال العديد من المديرين التنفيذيين في المؤسسة الوطنية للنفط بسبب مخالفات محاسبية كبيرة تتعلق بواردات الوقود، فضلا عن وثائق توضح تفاصيل الاتفاقات السرية بين الحكومة وشركات هيدروكربونية إماراتية وروسية غير معروفة.

«صفقة غامضة» بين «زاروبزنفت» وشركة الخليج العربي
وتشير إلى مذكرة تفاهم جرى تسريبها تظهر «صفقة» بين شركة النفط الروسية المملوكة للدولة «زاروبزنفت» وشركة الخليج العربي للنفط، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، ويتضمن الاتفاق «إطلاق شبكة تجارة نفط، والتي قد تهدف إلى تعبئة موانئ النفط الليبية كنقاط لتصدير الخام الروسي لتجاوز العقوبات».

أهم نقاط النقاش في دوائر السياسة الليبية تتعلق أيضًا بروسيا، وتدور حول أرقام الإنفاق التي جرى نشرها مؤخرًا من البنك المركزي، وهي تظهر أن 34.3 مليار دينار (نحو 6 مليارات دولار) جرى الإفراج عنها أخيرًا إلى المؤسسة الوطنية للنفط بعد تغيير قيادة المؤسسة، حسب الباحثة.

ومع ذلك، تقول «الإبراهيمي»: «ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأموال قد استخدمت لتمويل قطاع النفط، حيث كان هناك القليل جدًا من الحركة في العام 2022، وهناك أدلة قليلة على إطلاق مشاريع جديدة أو دفع لدائنين». وتُظهر الوثائق أن شركة الخليج العربي للنفط الخاصة لسيطرة حفتر «تلقت 5.2 مليار دينار في العام 2022، رغم أن رئيسها اشتكى في 23 يناير من إفلاسها». في غضون ذلك، يتزايد القلق داخل الدوائر القانونية الليبية والمجتمع الدبلوماسي بسبب التقارير غير المؤكدة التي تفيد بأن هذه الأموال الحكومية استخدمت جزئيًا لدفع أموال لمجموعة «فاغنر»، وهي شركة مرتزقة مرتبطة بالكرملين.

«فاغنر» والاستثمار السهل
وتشرح بأن مجموعة «فاغنر» «قدمت دعمًا محوريًا للمشير خليفة حفتر خلال حربه للاستيلاء على طرابلس في أبريل 2019، ومنذ وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، تحصن مقاتلو (فاغنر) حول قواعد عسكرية مهمة وبشكل مكشوف حول منشآت نفطية رئيسية»، لافتة إلى أن جزءًا من جاذبية استخدام متعاقدين عسكريين خاصين للكرملين هو تكلفتهم المحدودة للخزانة الروسية واستعدادهم للتمويل الذاتي من خلال الفرص التجارية التي ينشطون فيها، متابعة أن «عدم اليقين بشأن مصير 34.3 مليار دينار والشكوك حول مجموعة فاغنر قد تفسر الزيارة المرتجلة التي قام بها مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز إلى ليبيا في 12 يناير».

«صفقة ضمنية» بين النخب
وتتوصل في تحليلها إلى إمكانية تفسير المأزق السياسي في ليبيا على أنه «نتيجة صفقة ضمنية بين النخب لإطالة أمد ولايتها في السلطة»، حيث يرغب كلا المجموعتين من السياسيين في ضمان استمرار الوصول إلى موارد الدولة المشروعة وغير المشروعة.

ودعت إلى ضرورة تسمية هؤلاء المعرقلين ومحاسبتهم على إحباط التقدم في مثل هذا المنعطف الحرج في المرحلة الانتقالية في ليبيا وإعادة الإعمار بعد الصراع، لافتة إلى أن الشعب الليبي يستحق فرصة المصالحة وإعادة البناء وانتخاب ممثليه.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
هل تحبط الخلافات الأوروبية حول إدارة الهجرة مهمة «إيريني»؟
هل تحبط الخلافات الأوروبية حول إدارة الهجرة مهمة «إيريني»؟
حفتر يفتتح «حي المشير» السكني في بنغازي (صور)
حفتر يفتتح «حي المشير» السكني في بنغازي (صور)
المنفي يبحث مع السفير الإماراتي الدفع بالعملية السياسية في ليبيا
المنفي يبحث مع السفير الإماراتي الدفع بالعملية السياسية في ليبيا
سرقة أسلاك كهرباء بطول 1500 متر بدائرة توزيع قمينس
سرقة أسلاك كهرباء بطول 1500 متر بدائرة توزيع قمينس
شاهد في «هذا المساء»: ما دلالات زيارة «باربرا ليف» إلي ليبيا؟
شاهد في «هذا المساء»: ما دلالات زيارة «باربرا ليف» إلي ليبيا؟
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم