Atwasat

رياح الحرب النووية تعود من جديد بعد ستين عاما على أزمة الصواريخ في كوبا

القاهرة - بوابة الوسط السبت 22 أكتوبر 2022, 12:46 مساء
WTV_Frequency

أحيت التهديدات النووية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، خطر مواجهة ذرية، لكن الخبراء ليسوا متأكدين هذه المرة من وجود مخرج، وذلك بعد ستين عاما، منذ أزمة الصواريخ في كوبا، والتي كان العالم على إثرها قريبا من حرب نووية، لكنها كشفت أيضا حنكة القادة الذين تمكنوا من تجنبها.

مطلع أكتوبر الحالي، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن، من أن العالم يواجه خطرًا نوويًا للمرة الأولى منذ 1962، معتبرا أن بوتين لم يكن «يمزح» عند إطلاق هذه التهديدات حين تبين أن جيشه «ضعيف جدًا» في أوكرانيا، وفق وكالة «فرانس برس».

«الوضع الأكثر حساسية»
وقال الرئيس الأميركي «لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ (عهد) كينيدي، وأزمة الصواريخ الكوبية» في 1962، متسائلا عن «المخارج» التي يمكن أن يسلكها بوتين لكن لا شيء يدل على أن الرئيس الروسي ينوي ذلك.

وقال جورج بيركوفيتش من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي «أعتقد أن هذا الوضع وأكثر من أي وضع آخر منذ 1962، يمكن أن يفضي إلى استخدام أسلحة نووية»، مضيفا «أعمل في هذا المجال منذ أربعين عاما وهذا هو الوضع الأكثر حساسية الذي رأيته، لأنه لدينا قوة نووية هي روسيا، وصف زعيمها الوضع بأنه وجودي».

- بايدن: التهديدات الروسية باستخدام النووي تعرض البشرية لخطر نهاية العالم
- بايدن: بوتين «لم يكُن يمزح» عندما هدد باستخدام النووي

وخلافا للعام 1962، يضم العالم اليوم قوى نووية عدة أشبه ببراميل بارود، من كوريا الشمالية التي يتوقع الخبراء أنها تستعد لتجربة نووية جديدة إلى الهند وباكستان اللتين ما زالتا في حالة نزاع كامن وإيران التي أعادت إطلاق برنامجها النووي.

لكن أوكرانيا تمثل خطرًا فريدًا، لأن النزاع يدور بشكل غير مباشر بين القوتين النوويتين العظميين، وإذا اضطرت روسيا لاستخدام السلاح الذري، فسيكون على الأرجح سلاحاً نووياً تكتيكياً أضعف من الأسلحة التي توصف بأنها «استراتيجية».

لكن بايدن حذر من أنه سيكون من الصعب استخدام سلاح نووي «من دون أن يفضي ذلك إلى كارثة كبرى».

وضم بوتين الذي يشكك في الشرعية التاريخية لأوكرانيا مستقلة، رسميًا أربع مناطق من هذا البلد، وأكد أن هجومًا على الأراضي الروسية «التي تم ضمها»، أو تدخلا غربيا مباشرا في النزاع قد يدفع روسيا إلى استخدام السلاح النووي.

«بوتين يريد على ما يبدو تغيير الحدود في أوروبا»
تختلف الحرب في أوكرانيا بشكل واضح عن أزمة الصواريخ في كوبا، فقد كانت القضية تتلخص حينذاك بكيفية تجنب حرب عالمية بعد اكتشاف صواريخ نووية سوفياتية موجهة نحو الولايات المتحدة في الجزيرة في أكتوبر 1962.

زلم يفهم حلفاء واشنطن الأوروبيون في ذلك الوقت سبب تركيز الولايات المتحدة على جزيرة كوبا، التي تبعد أقل من 150 كيلومترًا عن ساحل فلوريدا وتاريخها غني بالتدخلات الأميركية.
لكن أوكرانيا، حسب مارك سيلفرستون مؤرخ الحرب الباردة بجامعة فيرجينيا «أهم بكثير لحلفاء الولايات المتحدة مما كانت عليه كوبا»، مشيرا إلى أن «بوتين يريد على ما يبدو تغيير الحدود في أوروبا وهذا أمر مرعب بالنسبة للأوروبيين».

وفي 1962، كانت أهداف الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، على الرغم من أهميتها، محدودة أكثر من أهداف فلاديمير بوتين اليوم. فقد كانت موسكو تسعى لمنافسة الولايات المتحدة في مجال التسلح والحصول على ورقة مساومة مع الغرب على برلين.

وكانت الرهانات السياسية كبيرة للرئيس جون كينيدي، قبل أيام قليلة من انتخابات منتصف الولاية حينذاك، بعدما أربكه قبل عام تماما فشل عمليات إنزال في خليج الخنازير كان يفترض أن تفضي إلى سقوط نظام فيدل كاسترو الثوري.

لكن كينيدي رفض دعوات بعض مستشاريه لشن ضربات جوية ضد كوبا، واختار بدلاً من ذلك فرض حصار بحري على الجزيرة، وصفه بأنه «حجر»، وهي عبارة تعتبر أقل تهديداً.
وفككت موسكو مواقع الصواريخ، عندما وعد الرئيس الأميركي بسحب صواريخ من تركيا وإيطاليا.

وقال مارك سيلفرستون «في نظر كينيدي، كان أهم شيء هو خفض خطر مواجهة نووية»، مضيفا «لا أعرف ما إذا كانت هذه هي أولوية فلاديمير بوتين اليوم، لكن في الواقع، يبدو أنه يرفع سقف الرهانات».

إسقاط طائرة تجسس أميركية
وكما حدث في 1962، يضيف حلفاء القوتين النوويتين على الأرض درجة من عدم اليقين إلى الوضع.

وفي 27 أكتوبر 1962 ،بينما كان خروتشوف وكينيدي يتواصلان عبر مراسيل، أُسقطت طائرة تجسس أميركية من طراز «يو-2» فوق كوبا، وقتل طيارها، لكن كينيدي تجاهل الدعوات إلى الرد، مفترضًا - وهذا ما كشف التاريخ أنه صحيح - أن الأمر بإطلاق النار لم يصدر من السوفيات بل من قبل كوبا.

وفي اليوم التالي، أعلن خروتشوف عن اتفاق مع الولايات المتحدة، وقال ابنه في وقت لاحق إنه كان يخشى أن يفلت الوضع من كل سيطرة.

بايدن يريد تجنب «حرب عالمية ثالثة»
لكن في أوكرانيا، وعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالاستفادة من النجاحات العسكرية لقواته واستعادة كل الأراضي التي احتلتها موسكو، وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لأوكرانيا بمليارات الدولارات، لكن بايدن امتنع عن مد كييف بصواريخ قادرة على الوصول إلى الأراضي الروسية، مؤكدا أنه يريد تجنب «حرب عالمية ثالثة».

وقال مارك سيلفرستون إن «كلا من زيلينسكي وبوتين تبنى مواقف متطرفة إلى أقصى حد ورفع سقف الرهانات بينما في 1962، لجأ كينيدي وخروتشوف إلى خفضها».

ويؤكد جورج بيركوفيتش الذي عمل مع جو بايدن عندما كان الأخير عضوا في مجلس الشيوخ، أن الرئيس الأميركي هادئ وملم بالسوابق التاريخية من الآخرين في أوقات الأزمات.

لكن الزمن مختلف، ففي 1962، وافقت روسيا على إبقاء قرار الولايات المتحدة بسحب الصواريخ من تركيا سراً، لإدراكها المخاطر السياسية لذلك على كينيدي، وقال جورج بيركوفيتش «تم حل عدد كبير من الأزمات في التاريخ عبر دبلوماسية سرية»، لكن بوجود وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي «هل يمكن أن نتصور أنه يمكن إبقاء اتفاق كهذا سراً؟».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وفاة 50 شخصا في فيضانات مفاجئة بشمال أفغانستان
وفاة 50 شخصا في فيضانات مفاجئة بشمال أفغانستان
جنوب أفريقيا تطلب من العدل الدولية فرض إجراءات طارئة بحق الاحتلال الإسرائيلي
جنوب أفريقيا تطلب من العدل الدولية فرض إجراءات طارئة بحق الاحتلال...
زيلينسكي: معارك عنيفة مع روسيا.. وواشنطن: موسكو قد تتقدم في الأسابيع المقبلة
زيلينسكي: معارك عنيفة مع روسيا.. وواشنطن: موسكو قد تتقدم في ...
فرنسا تدعو «إسرائيل» إلى وقف عمليتها في رفح «بلا تأخير»
فرنسا تدعو «إسرائيل» إلى وقف عمليتها في رفح «بلا تأخير»
عاصفة شمسية «شديدة» تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
عاصفة شمسية «شديدة» تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم