Atwasat

«زاريز» تكشف تأثير حقول النفط المدمر على صحة الإنسان

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 29 يناير 2023, 03:43 مساء
WTV_Frequency

ليس أمام سكان زاريز الواقعة في المنطقة النفطية الرئيسة لألبانيا خيار سوى استنشاق هواء ملوّث سام، والعيش وسط خزانات صدئة وأبراج متداعية وتربة ومياه ملوثتين، تشكل كلها مخلفات متقادمة من الحقبة الشيوعية.

وتقول ميليتا فرابي (49 عاماً)، وهي مقيمة في المنطقة التي تضم ألف نسمة وتقع في «باتوس مارينزا» التي تمثل أكبر موقع نفطي في دول البلقان: «نعاني جميعنا مشاكل صحية. فالهواء ملوّث، وأعاني بصورة متواصلة من دوار وغثيان وصداع وإرهاق».

وتعتبر أنّ المياه غير صالحة للشرب، فيما تعجز الخضر عن النمو في الحدائق، حسب «فرانس برس».

- إغلاقات حقول النفط في ليبيا.. خسائر محلية وتأثيرات عالمية

ويجتاح الصدأ صهاريج النفط المهجورة والأنابيب المستخدمة لنقل الهيدروكربونات. ولم يخضع عدد كبير من هذه المنشآت لصيانة منذ نحو ثلاثة عقود، فيما يبدو الهواء أسود بسبب تسرّب النفط الذي يلوث التربة والمياه.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ حقول باتوس مارينزا الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب تيرانا، تستثمرها شركتا «ألب بترول» الوطنية و«بنكرز بيتروليوم ألبانيا» الصينية اللتان استخرجتا العام 2020 أكثر من 550 ألف طن من النفط الخام في المنطقة.

وتنتج ألبانيا سنويا نحو 650 ألف طن من النفط الخام، تُصدّر كمية كبيرة منها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

الذهب الأسود
وتقول مارسيلين سينكا محتضنةً رضيعها البالغ شهرين والذي يعاني التهابا حادا في القصبة الهوئية إنّ «الذهب الأسود استُخرج بكميات تُقدّر قيمتها بملايين الدولارات، إلا أنّ السكان بالكاد استفادوا منه»، مؤكدةً أنّ «مسألة التلوّث ليست ضمن أولويات الشركات النفطية».

وفي منطقة زاريز، تعمل عشرات الآبار التي تعود إلى أكثر من خمسين عاما قرب منازل السكان، فيما يضم الموقع أيضا ثمانية خزانات أسطوانية متآكلة تابعة لشركة «ألب بترول».

ويقول رئيس الاتحاد الذي يتولى حماية البيئة في زاريز كاني ريدي، إنّ «أكثر من 18 ألف متر مربع من المنطقة ملوثة جدا بالنفط الخام بسبب البنية التحتية المهجورة منذ أكثر من 25 عاماً، بالإضافة إلى آثارها الضارة على البيئة وصحة السكان».

باتوس مارينزا هي إحدى المناطق الثماني عشرة التي صنّفتها وزارة البيئة الألبانية كمواقع عالية الخطورة.

وفي ظل حكم أنور خوجا الدكتاتوري الشيوعي، كانت تُمنع بصورة تامة إقامة السكان في المنطقة. لكن منذ سقوط النظام في مطلع التسعينيات، تسامحت السلطات مع الأشخاص الذين يقطنونها لأنهم فقراء.

وتجعل روائح النفط والغاز الهواء غير قابل للتنفس.

وأشارت لجنة هلسنكي الألبانية للدفاع عن حقوق الإنسان في تقريرها الأخير إلى أن «قرب المناطق السكنية والبيوت البلاستيكية الزراعية من حقول النفط والآبار القديمة (...) فضلا عن غياب تدابير السلامة والاستصلاح، كلها أمور مقلقة جدا».

وتلفت الصحفية والعضو في الاتحاد المحلي المعني بحماية البيئة أدرياتيك غوليمي إلى أنّ «عدد السكان الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي وارتفاعا في تركيز ثاني أكسيد الكربون في الدم أو مَن يعانون أمراضا مرتبطة بالأنشطة الصناعية، مرتفع جدا».

وتشير غوليمي إلى أنّ التلوث يتسبب في إصابة السكان بالسرطان الذي مات بسببه عدد كبير منهم، إلا أنّ رئيس المركز الصحي في المنطقة فاتجون شيهو يوضح أن إثبات الرابط بين التلوث والإصابة بالسرطان صعب في ظل انتشار جائحة «كوفيد-19» ولغياب الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع.

إضافة إلى المسائل الصحية، يواجه السكان مخاطر أخرى في المنطقة.

غرقت بالخطأ في بقعة من النفط
وتقول أدرياتيك غوليمي «قبل ثلاث سنوات، ماتت امرأة بعدما غرقت بالخطأ في بقعة من النفط عندما كانت تسير خلف دواجنها». وتضم المنطقة ما لا يقل عن خمس بقع يواجه فيها السكان وتحديدا الأطفال، خطر الموت.

ويشير كاني ريدي إلى أنّ «حالات نفوق مواشٍ أو طيور سُجّلت في حقول النفط»، لافتا إلى «تسربات غاز قوية» تنبعث أحياناً من «الآبار المهجورة». وتؤكد وزارة الطاقة تصميمها على حل المشاكل البيئية في المنطقة.

وتلفت إلى أنّ «الشركات العاملة في حقول نفط باتوس مارينزا تضع خطط عمل لإعادة تأهيل كل البنى التحتية المتداعية»، مشيرةً إلى حظر إتاحة الآبار النفطية وتنظيف التصريفات ومعالجة النفايات النفطية. إلا أنّ السكان يرغبون في حلول سريعة.

وتبدي أرتميزا (16 عاماً) وهي ابنة ميليتا فرابي احتجاجها، وتقول «لا ينبغي التفكير في الاقتصاد واستخراج النفط فقط، بل أهم ما يجب التطرق له هو المشاكل الصحية وإنقاذ الأرواح وإنقاذ بيئتنا وعالمنا». وتعطّل جهاز الحفر الواقع قرب منزلهما منذ أسبوع.

أما كدري شاهو البالغ 58 عاماً فقد أمضى نصفها وهو يعمل في قطاع النفط، فيحاول إصلاح الجهاز لأن تعطّله يؤثر على المبالغ التي يحصّلها من أدائه في العمل الذي يصل راتبه الأساسي فيه إلى 540 يورو، وهو مبلغ غير كاف لإطعام أسرته المؤلفة من ستة أفراد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مرض «ستيفنز جونسون».. أعراضه وما هي طرق الوقاية منه؟
مرض «ستيفنز جونسون».. أعراضه وما هي طرق الوقاية منه؟
«حمى الضنك» تستشري في بيرو.. وإصابات قياسية في البرازيل والأرجنتين
«حمى الضنك» تستشري في بيرو.. وإصابات قياسية في البرازيل ...
أطباء يابانيون يقاضون «خرائط غوغل» بسبب تقييمات سلبية يتلقونها عليه
أطباء يابانيون يقاضون «خرائط غوغل» بسبب تقييمات سلبية يتلقونها ...
منظمة الصحة العالمية توافق على لقاح مبسط ضد الكوليرا لمواجهة النقص العالمي
منظمة الصحة العالمية توافق على لقاح مبسط ضد الكوليرا لمواجهة ...
دراسة تبين وجود صلة بين بعض المستحلبات والإصابة بمرض السكري
دراسة تبين وجود صلة بين بعض المستحلبات والإصابة بمرض السكري
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم