Atwasat

عام دراسي جديد في اليمن: التلاميذ غابوا بسبب الحرب والفقر

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 23 أغسطس 2022, 03:56 مساء
WTV_Frequency

يغيب الطفل مدين عوض عن الصف السابع هذا العام كونه مضطرا لأن يعمل في مغسل سيارات للمساعدة في إعالة أسرته الفقيرة، وبعدما لم يعد والده قادرا على تحمّل تكاليف الدراسة في اليمن الذي تمزقه حرب طاحنة منذ سنوات.

ويدفع تردي الأوضاع الاقتصادية الكثير من الأطفال للعمل لمساعدة أسرهم في بلد تتهدده المجاعة، بدلا من الانضمام لأقرانهم على مقاعد الدراسة مع بدء العام الدراسي الجديد. ويصف مدين الذي ارتدى قميصا ممزقا شعوره بالحزن لتغيبه عن الدراسة، قائلا «أصدقائي يدرسون وأنا لا أدرس. أصبحوا في الصفّ السابع وأنا خرجت من المدرسة لمساعدة والدي والإنفاق على أسرتي».

بعد غسيل السيارات، يتوجه مدين لمساعدة والده الذي يعمل في تصليح الأحذية عند ناصية شارع في المدينة. ولم يكن قرار الوالد عدنان (50 عاما) أمرا سهلا. ويقول إن ما دفعه لتوجيه أطفاله الثمانية إلى العمل بدلا من التعليم هو العبء المادي وتكاليف المستلزمات المدرسية التي لا يقدر على تحملها.

ويضيف لوكالة «فرانس برس» «تخيّل أني أجني من هذا العمل ألفين أو ثلاثة آلاف ريال! (دولاران). ماذا ستكفي؟ لا تكفي لغداء أو عشاء أو إفطار ولا مصاريف المدارس». ويتابع «الدراسة بحاجة إلى كتاب ودفتر وقلم بشكل مستمر طوال السنة»، مضيفا «كنت أريد الإنفاق على أولادي وتوفير احتياجات المدرسة والمنزل ولكن لم أستطع. نحن في حالة مزرية وفي وضع لا نحسد عليه».

ويؤكد الوالد بحسرة «لم أدرس وكنت أتمنى أن يكون أولادي أفضل مني. أنا وأولادي أصبحنا أميين. أنا رجل لا أستطيع القراءة والكتابة، وكنت أرغب أن يصبح ابني أفضل مني، ولكن الآن سيصبح مثلي مُصلح أحذية. هل يعقل أن يكون هذا وضع إنسان؟».

أزمة تعليمية حادة في اليمن
ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين المقاتلين الحوثيين وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة. لكن منذ الثاني من أبريل، سمحت الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بوقف الأعمال العدائية واتّخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ومع بدء العام الدراسي الجديد، تقول منظمة «يونيسيف» إن اليمن يواجه «أزمة تعليمية حادة»، مشيرة إلى أن «النزاع والانقطاع المتكرر في التعليم في جميع أنحاء البلاد وتفتّت نظام التعليم أثّرت بشكل عميق على التعلّم وبشكل عام على التطوّر المعرفي والعاطفي، وعلى الصحة النفسية لـ10.6 مليون طفل في سن الدراسة في اليمن».

وتقدّر «يونيسيف» أن هناك «أكثر من مليوني طفل خارج المدارس، بزيادة تقارب نصف مليون منذ بدء النزاع في العام 2015». وتشير المنظمة إلى أن «النزوح المتعدد وبُعد المدارس ومخاوف السلامة والأمن بما في ذلك مخاطر المتفجرات، والافتقار إلى المدرسات، ومرافق المياه والصرف الصحي، عوامل تزيد من أزمة التعليم». وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على النزاع، واحدة على الأقل من كل أربع مدارس غير صالحة للاستخدام بسبب النزاع.

الهدنة في اليمن .. «فاشلة بامتياز»
وبدأ العام الدراسي في محافظة تعز الأسبوع الماضي، وتوجه أكثر من 500 ألف تلميذ وتلميذة إلى مقاعدهم الدراسية في ظروف قاسية.

ويقول مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز عبدالواسع شداد إن الحصار «تسبب في إعاقة الكثير من الطلاب ووصول المستلزمات الدراسية الرئيسية ومنها الكتاب المدرسي. وصول الكتاب المدرسي من محافظة عدن إلى هنا يكلف ضعف قيمته نتيجة لوعورة الطرق وصعوبة الوصول إلى هذا المكان (تعز)». بالنسبة للطلاب والطالبات، فإنهم يواجهون مخاطر من نوع آخر، من بينها نيران القناصة.

في مديرية التعزية، هناك حواجز ترابية لحماية الطلاب من الاستهداف أثناء ذهابهم إلى المدرسة. وتشكو إشراق يحيى، وهي معلمة بدرسة زيد الموشكي للبنات، من أن الهدنة «فاشلة بامتياز» على حد قولها، بسبب استمرار صار المدينة ونيران القناصة. وتضيف «لا يزال الطلاب يتعرضون للقنص أثناء ذهابهم وعودتهم من المدارس. هناك أكثر من طالبة تعرضن للقنص بعد خروجهن من المدرسة، وهناك طالبات تعرضن للقنص وهن في داخل الحافلة أثناء مجيئهن للمدرسة».

وتعز هي إحدى أكثر المدن تأثّرا بالحرب منذ بداية النزاع في منتصف 2014. وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن المتمردين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر. ولم يجر حتى الآن إحراز أي تقدم بشأن فتح الطرق المؤدية إلى تعز رغم إجراء جولات محادثات برعاية الأمم المتحدة.

وتؤدي حواجز الطرق والتحويلات العديدة إلى مضاعفة تكاليف النقل أربع مرات وتعقيد إيصال المساعدات الإنسانية وتحرم العديد من اليمنيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية.

بالنسبة للطالبة ملاك فيصل التي تودع والدتها كل يوم وتخشى ألا تعود، كما تقول، «التعليم واجب، ونحن نواجه الخطر كل يوم بذهابنا الى المدرسة. عندما أخرج من البيت، أودع والدتي لأنني لا أضمن أن ألقاها مجددا، لأن القذائف والقناصة الذين يتواجدون جوار البيت لا يرحمون أحدا».

ويعاني التلاميذ في كل المناطق الأخرى سواء كانت تحت سيطرة الحوثيين أو تحت سيطرة القوات الحكومية من مشاكل تسرّب مدرسي ومعايشة للموت والحرب.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مؤتمر مانحين في الكويت يتعهد تقديم أكثر من ملياري دولار دعمًا لغزة
مؤتمر مانحين في الكويت يتعهد تقديم أكثر من ملياري دولار دعمًا ...
بلينكن محذرًا: هجوم إسرائيلي واسع في رفح لن يقضي على «حماس»
بلينكن محذرًا: هجوم إسرائيلي واسع في رفح لن يقضي على «حماس»
خفر السواحل التونسي: ارتفاع عمليات اعتراض المهاجرين خلال عبورهم البحر الأبيض باتجاه إيطاليا
خفر السواحل التونسي: ارتفاع عمليات اعتراض المهاجرين خلال عبورهم ...
قصف إسرائيلي عنيف على جباليا شمال غزة
قصف إسرائيلي عنيف على جباليا شمال غزة
إصابات واعتقالات ومواجهات مع الاحتلال واعتداءات من المستوطنين.. ماذا يحدث في الضفة الغربية؟
إصابات واعتقالات ومواجهات مع الاحتلال واعتداءات من المستوطنين.. ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم