Atwasat

مقالة من أوراق اللواء..

محمد عقيلة العمامي الإثنين 27 مايو 2019, 11:40 صباحا
محمد عقيلة العمامي

ذات يوم اتصل بي صديق وطلب مني، إن سمح وقتي، أن أرافقه إلى مكتب صديق له، يود معرفة بضعة أشياء عن ليبيا. لم يكن مكتب صديقه هذا بعيدا عن مقر عملي، وذهبنا سويا. أحْسن مدير مكتب هذا الصديق استقبالنا، وماهي إلاّ لحظات حتى خرج الدكتور مرحبا. جلسنا وتحدثنا عن أمور عديدة، وأخبراني أنه يكتب بانتظام عن شئون استراتيجية تخص بلاده، وأنه متابع لما يدور في ليبيا وأنه يريد أن يكتب موضوعا عن الشأن الليبي ويريد معلومات بسيطة تساعده في تقديم موضوعه بالصورة المرجوة. لم تكن المعلومات أكثر من أسماء لعدد من المدن والقرى والقبائل وكيفية نطقها وكتابتها، وفهمت أن ما يريد معرفته لا يتعدى حرصه على تقديم ما يكتبه من دون الوقوع في أخطاء شكلية، كأن يسيء نطق كلمة ليبية بحيث تعطي مدلولا لا علاقة له باسم المكان، أو تعكس صورة تجعلنا نحكم بسطحية أن كاتبا يكتب عن بلاد لا يعرفها، وبالتالي لا نعطي مقالته الاهتمام الذي تستحقه.

وحرصت على قراءة المقالة، من بعد نشرها، ووجدت أنها بالفعل مركزة ومفيدة، توضح لغير الليبي أهمية معرفة المساحة الجغرافية لمسرح الأحداث في ليبيا. والحقيقة أنني أعجبت بالمقالة وعمق تحليلها في وقت صدورها، وأصبحت متابعا لما يكتبه اللواء الدكتور سمير فرج من مقالات تنشر بانتظام في جريدة الأهرام المصرية، إلى أن حالت مشاغلي عن هذه المتابعة.

خلال زياراتي المتكررة إلى مكتبة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وجدت كتاب " أوراق من حياتي " هي في مجملها مقالات للدكتور سمير فرج، من بينها مقال عنوانه: "الربيع العربي في ليبيا.. جاء من الغرب" ولأن المقال تحليلي لا يرتبط بوقت محدد أو حادثة بعينها رأيت أن أنقل لكم بعضا من فقراته المهمة، والتي استهلها بحقيقة سبق وأن أعلنتها مراكز صناعة الأخبار في بريطانيا، قال :

"في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ السياسة الخارجية البريطانية، ينتقد مجلس العموم البريطاني، الحكومة في أحد قراراتها السياسية؛ فلقد أصدرت لجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، في منتصف شهر سبتمبر2016 تقريرا يدين التدخل العسكري في ليبيا، الذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2011، بدعم من حلف الناتو، وبتأييد العديد من دول العالم. إذ ذكر التقرير أن الهدف من هذا التدخل العسكري، كان حماية المدنيين، إلاّ أن الوجهة تحولت إلى تغيير النظام الليبي والإطاحة بالقذافي، بدلا من حماية المدنيين".

ويستمر المقال مؤكدا إدانة التدخل العسكري، فلقد كانت هناك خيارات أخرى من شأنها التوصل إلى حل سلمي. ويؤكد أن مسئولية إعادة إعمار ليبيا، سياسيا واقتصاديا تقع على فرنسا وبريطانيا، جراء سوء التخطيط الذي قاده (كميرون) و(ساركوزي). مبينا أن تدهور الأوضاع جاء نتيجة عدم دقة المعلومات الاستخباراتية، ناهيك عن عدم وجود خطة لما بعد سقوط القذافي.

ويؤكد المقال على أن منطقة الشرق الأوسط، خصوصا الدول النفطية، ستظل هدفا دائما لدول حلف الناتو. لإضعافها لضمان تبعيتها للدول الغربية، وعلى ذلك تتحتم إضعاف قوة مصر العسكرية ودورها الإقليمي لتنفرد الدول الأوربية وأمريكا بهذه المنطقة. ويؤكد المقال، أننا سنرى المزيد من محاولات وقيعة، وفتن بين مصر وأشقائها العرب.

ويشير المقال إلى أن الغرب يعمل جاهدا على تقسيم ليبيا مستخدما السبل كافة لذلك، ويبرز أيضا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتدخل بعمليات عسكرية ضد داعش في ليبيا سوى مرة واحدة، لضمان بقاء الحال شوكة مؤثرة في مصر، من حدودها الغربية.

ثم يواصل الكاتب توضيح استراتيجية مصر نحو ليبيا وأهمية أمنها واستقرارها، فيقول: "ستظل ليبيا داخل الدائرة القريبة المباشرة، من دوائر الأمن القومي المصري، وستظل مصر، دوما، تدعم القوى المختلفة داخل ليبيا لتحقيق التقارب بينهم عن طريق الحوارات والمباحثات بما يضمن استقرار الدولة.. "ويستمر الكاتب يؤكد أن حل الأزمة الليبية يكون بالحوار وليس بالصراع المسلح، مع رفضها لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي. والمساعدة في أي وفاق يُمكن جيشا ليبيا من بسط سيطرته على ترابه واستعادته من أية جماعات إرهابية. ويختتم مقالاته قائلا :

" بهذا يتضح أن (الربيع العربي) الذي قاد ليبيا إلى هذه الفوضى العارمة، هو صنيعة غربية، هدفها تقسيم ليبيا، وجعلها تجمُعا جديدا للتطرف من جميع أطراف العالم، لضمان عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها. وأدعو الله أن يدرك الشعب الليبي، ويعى جيدا، ما يحاك له في الظلام للنيل من استقراره، ووحدة بلاده.. فيعمل على الحفاظ عليها".