ينتشر المسحراتي في غير دولة إسلامية حول العالم، في ظاهرة آخذة في الانحسار، لكن الأمر قد يبدو مختلفًا في إندونيسيا إذ يتولى الأمر أطفال صغار وليس رجال كما الحال في باقي الدول.
وفيما يغرق سكان جاكرتا في سبات عميق عند الثانية ليلًا، تجوب حفنة من المسحراتية الصغار لا يتعدى عمر بعضهم السابعة الشوارع لإيقاظ الأهالي لتناول السحور، في نشاط يحظى بدعم محلي رغم بعض الأصوات الممتعضة، حسب «فرانس برس».
ويحمل الأطفال معهم الطبول التي يقرعونها، فيما يتنقلون بين الشوارع الهادئة في العاصمة الإندونيسية لدعوة الناس إلى السحور في أكبر البلدان المسلمة في العالم لناحية التعداد السكاني.
وترتدي وجبة السحور أهمية كبيرة في النظام الغذائي لصيام رمضان، لكونها تمد الجسم بالطاقة اللازمة للصمود خلال النهار حتى حلول موعد الإفطار.
ويردد هؤلاء المسحراتية الأطفال البالغ عددهم 20 وتراوح أعمارهم بين سبع سنوات و15، عبارات تقليدية مستخدمة لدعوة النائمين للاستيقاظ وتناول السحور.
ويبث هؤلاء المسحراتية خلال مرورهم الحماسة في نفوس عشرات الأطفال الآخرين، الذين يهرعون للخروج من منازلهم واللحاق بركب الفرقة مع المساهمة في زيادة الجلبة عبر الضرب على عبوات طلاء فارغة وأباريق ماء.
ويقول أحد هؤلاء المسحراتية الفتى فجر رامادين (13 عامًا): «هذا التقليد متوارث منذ زمن طويل وجميع الأطفال سعداء بالمشاركة فيه».
ويضيف: «أنا أحب ذلك لأن هدفه لا يقتصر على الترفيه عن الناس، بل هو يساعدهم على الاستيقاظ لتناول السحور».
ومع أن البعض يعربون من امتعاضهم من الضجيج، لكن هذا النشاط يلقى ترحيبًا في الإجمال، ودعمًا من القائمين على المسجد المحلّي الذي يدير مدرسة لتحفيظ القرآن يدرس فيها كثير من هؤلاء الفتيان.
وتعلق إحدى القاطنات في المنطقة وتدعى رسيمة «هم يحدثون حقًا الكثير من الضوضاء لكنهم يساعدونني على الاستيقاظ في الوقت المطلوب»، مضيفة «اعتدنا على ذلك وهو أمر يتكرر سنويًا».
وأسهم الاستخدام المتزايد للمنبهات عبر الهواتف الذكية، أوالساعات الرقمية، في الانحسارالتقليدي لهذا التقليد على مر السنوات الماضية.
غير أنه لا يزال موجودًا على امتداد الأرخبيل الإندونيسي الشاسع الذي يضم أكثر من 260 مليون نسمة حوالى 90 % منهم مسلمون، خصوصًا في المناطق الصغيرة.
وينتشر تقليد المسحراتية، في الكثير من البلدان المسلمة، خلال شهر رمضان، الذي ينتهي هذا العام في أواسط يونيو الحالي.
أكثرية أفراد مجموعات المسحراتية الصغار في جاكرتا هم من ذوي الصعوبات الاجتماعية، وشكل تاليًا إدماجهم في الفعاليات الرمضانية التقليدية عاملًا مساعدًا للسكان وللمسجد القائم على هذا النشاط على السواء، وفق «فرانس برس».
ويقول مدرّس التربية الإسلامية وقائد المجموعة الفانالي بانجي براسيتيو: «أطفال كثر من هؤلاء توقفوا عن ارتياد المدارس، حتى أن بعضهم لم يقصدوها يومًا. هم عاطلون عن العمل واستحالوا من أطفال الشوارع المسببين للمشكلات». ويضيف: «بحمد الله بدأت حياة هؤلاء الصبية تتغير عقب الانضمام للمجموعة».
تعليقات