مع تعثر الاتفاق مع تركيا حول إدارة ظاهرة تدفق اللاجئين إلى الأراضي الأوروبية من شرق المتوسط، يركز المسؤولون الأوروبيون مساعيهم حاليًّا على تجنب أي تفاقم موازٍ لظاهرة الهجرة واللجوء في وسط البحر المتوسط وتحديدًا قبالة الساحل الليبي.

وتمثل أي انتكاسة محتملة للاتفاق الأوروبي التركي، وهو أمر بات متوقعًا، تطورًا خطيرًا للإدارة الأوروبية لأزمة اللجوء، وتزيد أيضًا من الضغط على المسؤولين الأوروبيين لمنع فتح جبهة إضافية في هذا الملف عبر ليبيا.

الوضع السياسي غير متوقع
وقال دبلوماسي في بروكسل لـ«بوابة الوسط» إنه بعد زهاء شهر ونصف شهر من تمكن المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج من الدخول إلى العاصمة طرابلس، وفي ظروف سلسة فإن الوضع السياسي والأمني في ليبيا تفاقم واتجه نحو الأسوأ وخلفًا لما كان متوقعًا (.)».

ويعقد وزراء خارجية الدول المهتمة بالشأن الليبي من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول العربية اجتماعًا في فيينا الثلاثاء المقبل، (على هامش لقاء دولي حول سورية)، بمبادرة إيطالية أميركية تهدف إلى توجيه مؤشرات طمأنة للمجلس الرئاسي الليبي باستمرار الدعم له في هذه المرحلة.

وكان وزير الخارجية الإيطالية باولو جنتيلوني قد أعلن خلال زياته إلى تونس قبل أيام أن اجتماعًا دوليًّا حول ليبيا سيعقد في فيينا الاثنين المقبل.

غياب الترحيب بإنشاء الحرس الرئاسي
ولكن نفس الدبلوماسي قال إن أية دولة أوروبية أو أخرى لم تعلن ترحيبًا ولو محتشمًا بمبادرة المجلس الرئاسي بتشكيل «حرس رئاسي» في ليبيا، غير واضح المهام وغير محدد في طبيعة تشكيلته وفي مدى عكسه للتوازنات الفعلية على الأرض.

وتساوم إيطاليا قبول شريكاتها بالحرس الرئاسي مقابل إقرار بـ«دورٍ ما» للفريق خلفية حفتر وإرضاءً لمصر.

ويعتبر المراقبون في بروكسل أن المجلس الرئاسي لم يتمكن من تجاوز أهم عبقة على الإطلاق، واجتهاد جميع السلطات المتعاقبة في طرابلس منذ 2011، وهي ظاهرة التشكيلات المسلحة المسيطرة على الوضع بشكل فعلي.

دعم إيطالي
واعتبر مرقب أوروبي للشأن الليبي أن إيطاليا تدفع بقوة إلى دعم جناح محدد داخل المجلس الرئاسي منذ تشكيله، وهو ما لا يساعد إطلاقًا على تعزيز دور رئيسه السراج ولا دور المبعوث الأممي مارتن كوبلر لتحقيق الحد الأدنى من التوافق بين فرقاء الأزمة الليبية.

وعلى الرغم من التقدم العلمي الواضح لأنشطة تنظيم «داعش» فإن الدول الأوروبية لم تبد رغبة ولو رمزية في مؤازرة القوت الليبية التي تتصدى له حاليًّا، خاصة على مشارف منابع النفط الحيوية وسط البلاد.

اقتسام مهام إدارة الشأن الليبي
ويسبق اجتماع فيينا لقاء لوزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل يوم 18 مايو يتوقع أن يبحث خلاله الوزراء للمرة الأولى اقتسام مهام إدارة الشأن الليبي، ومن خلال العمليات العسكرية البحرية في المتوسط مع حلف الناتو.

وقال دبلوماسيون إن وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي سيعتمدون الخطوة يوم 15 يونيو المقبل في لكسمبورغ، قبل نلقها إلى قمة الناتو في وراسو عاصمة بولندا يومي الثامن والتاسع من شهر يوليو.

وتؤكد هذه المعلومات ما أعلنت عنه وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي من تأييد إيطالي لتوجه تمكين الحلف الأطلسي من دور في ليبيا؛ تجنبًا للخلافات بين الأوروبيين خاصة بين روما وباريس.

غياب الخطة (ب)
وفي مكتب خدمة العمل الخارجي الأوروبي الذي تترأسه الإيطالية فيدريكا موغيريني لا يمتلك الدبلوماسيون الأوروبيون أي خطة (ب) بديل للتعامل مع الوضع الليبي، على الرغم من مرور زهاء عامين على بداية محاولات الأمم المتحدة حلحلة الموقف.

ويتمسك مكتب موغيريني بالخيارات المطروحة حتى الآن، وهي استنساخ موقف إيطاليا وعد من الحكومات الأوروبية المتمثل في دعم غير مشروط لطرف واحد في ليبيا ضد جميع الأطراف الأخرى، وهو ما حدث بالفعل طوال الفترة الماضية على الرغم من تغير التحالفات ومعادلة القوة.

وتمر مهمة الألماني مارتن كوبلر بفترة دقيقة يسعى المبعوث الأممي إلى ليبيا لتجاوزها عبر مناورات محددة توحي باستمرار دوره.

وعلمت «بوابة الوسط» من مصادر عليمة أن كوبلر يعد لاجتماع يومي 28 و29 مايو الجاري في تونس بين أعيان الطوارق والتبو؛ لجرهم لاعتماد إعلان مشترك يدعم حكومة فائز السراج ويمنحها ثقلاً أمنيًا وسياسيًا في الجنوب الليبي، ما من شأنه تهميش نسبي للأطراف الأخرى.

ويتحرك كوبلر بالتنسيق مع إيطاليا والفاتيكان في هذا المضمار وفق نفس المصدر.